قراءة فى كتاب الأدلة الشرعية في إثبات صرع الشيطان للإنسان
صفحة 1 من اصل 1
قراءة فى كتاب الأدلة الشرعية في إثبات صرع الشيطان للإنسان
قراءة فى كتاب الأدلة الشرعية في إثبات صرع الشيطان للإنسان والرد على المنكرين
الكتاب من تأليف صالح الرقب وهو يبحث فى مسألة لا أصل لها وهو دخول شيطان الجن جسم الإنسان وهو ما يسمى التلبس أو التلباسى وقد بين الرجل فى مقدمته أنه لا يوجد كتاب جمع الأدلة واستقصاها فى الموضوع بين الإثبات والإنكار واعتقد أن هناك العديد من الكتب التراثية قد تناولت المسألة وقد قرأت بعضها قديما وفى هذا قال:
"فإن مسألة دخول الجن بدن الإنسان وتسببه في صرعه من المسائل العقائدية التي كتب فيها الأقدمون والمحدثون من علماء أهل السنة والمعتزلة وغيرهم، منهم من أنكر ذلك، ومنهم من أثبت ذلك، ولكن معظم الدراسات في ذلك متفرقة والمجتمع منها لم تستقص الأدلة "
وقد بين الرجل التالى:
"إن دخول الجن بدن الإنسان وصرعه له هو معتقد أهل السنة والجماعة"
ورغم قوله أنه عقيدة أهل السنة فقد أورد فى فصل المنكرين للدخول أن العديد من العلماء من أهل السنة أنكروا هذا فقال:
"وقد تبعهم في ذلك الإنكار بعض المنتسبين إلى أهل السنة، فمن الأقدمين: محمد بن علي القفال الشافعي المذهب، والبيضاوي وأبو السعود وكلاهما من أصحاب التفاسير الذين اختصروا كتاب الكشاف للزمخشري المعتزلي، ومن المحدثين الشيخ محمود شلتوت، والشيخ طنطاوي جوهري والشيخ أحمد مصطفى المراغي، والشيخ محمد الغزالي"
الغريب أن الرجل بعد أن ذكر كون دخول الجن أجسام الإنس هم عقيدة أهل السنة ذكر ما أعتقد أنه أدلة من بعض علماءهم فقال:
"وقد بيّن ذلك جمع من العلماء والأئمة وأذكر هنا طائفة من أقوالهم التي توضح ذلك:
1-يقول أبو الحسن الأشعري (توفي سنة 324هـ): "وإن الشيطان يوسوس للإنسان ويشككه ويتخبطه خلافاً لقول المعتزلة والجهمية، كما قال الله عز وجل: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس( سورة البقرة: 275"
لا يوجد فى كلام الأشعرى أى لفظ يشير لدخول الجن جسم الإنسان فالرجل يتحدث عن الشيطان
2- يقول الإمام أحمد بن محمد بن منصور ابن المنيِّر (توفي سنة 683هـ): "واعتقاد السلف وأهل السنة أن هذه أمور على حقائقها، واقعة كما أخبر الشرع عنها، وإنما القدرية خصماء العلانية، فلا جرم ينكرون كثيراً مما يزعمونه مخالفاً لقواعدهم، من ذلك: السحر وخبطة الشيطان، ومعظم أحوال الجن"
الرجل هنا يتكلم عن خبطة الشيطان ولا يذكر دخول الجنى جسم الإنسى
3- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (توفي سنة 728هـ): "ودخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة وليس في أئمة الإسلام من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره"وتحدث رحمه الله عن صرع الجن للإنسان ثم قال: "وقد اتفق عليه أئمة الإسلام كما اتفقوا على وجود الجن"
هذا الكلام صريح فى دخول الجنى بدن المصروع الإنسى
4- يقول العلامة محي الدين شيخ زاد (توفي سنة 951هـ): "إن أهل السنة يعتقدون بأن الشيطان يمس الإنسان ويتخبطه ويسبب له الجنون، وأن له تأثيراً في بعض أجسام الناس)
الرجل هنا يتكلم عن خبطة الشيطان ولا يذكر دخول الجنى جسم الإنسى
5- يقول العلامة ابن حجر الهيثمي (توفي سنة 974هـ): "فدخوله (أي الجني) في بدن الإنسان هو مذهب أهل السنة والجماعة"
كلام صريح فى دخول الجنى بدن الإنسى
6- تحدثَّ العلامة السيد محمود أفندي الألوسي (توفي سنة 1270هـ) عن المس الشيطاني للإنسان مستشهداً بقوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس( سورة البقرة: 275( ثم قال: "واعتقاد السلف وأهل السنة أن ما دلت عليه أمور حقيقة واقعة، كما أخبر الشرع عنها، والتزام تأويلها كلها يستلزم خبطاً طويلاً لا يميل إليه إلا المعتزلة ومن حذا حذوهم، وبذلك ونحوه خرجوا عن قواعد الشرع القويم، فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون"
لا يوجد فى الكلام المنقول أى لفظ عن تلبس الجنة للإنسى
7-وذكر الأستاذ القاسمي (توفي سنة 1332هـ) في تفسيره نفس أقوال الإمام ابن المنير
8- يقول الشيخ عبد العزيز بن باز (مفتي السعودية السابق): "وقد دل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة على جواز دخول الجني بالإنس وصرعه إياه"
كلام صريح فى دخول الجنى بدن الإنسى
ومن مجموع ما نقل وهو ثمانية نقول لا يوجد فيها سوى ثلاثة تتحدث صراحة عن التلبس أى الصرع والباقى كلام عام لا يوجد فيه ما يدل على دخول الجنى جسم الإنسى وإنما هو يتحدث عن الشيطان والشيطان فى القرآن إنس وجن كما قال تعالى :
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن"
تناول صالح فيما بعد ما ظن أنه أدلة شرعية على المعتقد فقال :
"ثانياً: الأدلة الشرعية على دخول الجني بدن الإنسان وصرعه إياه:
أ-الأدلة من القرآن الكريم:
يقول الله عز وجل: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) سورة البقرة:275 اعتمد أئمة علماء أهل السنة والجماعة على هذه الآية الكريمة في إثبات صرع الشيطان للإنسان وقدرته على دخول بدنه، وبهذه الآية ردوا على المعتزلة المنكرين لذلك وأذكر هنا طائفة من أقوال أئمة التفسير وغيرهم التي تبين وجه استدلالهم بهذه الآية الكريمة
1-يقول الإمام الطبري (توفي سنة 310هـ) في تفسيره: "فقال جلَّ ثناؤه للذين يأكلون الربا الذي وصفنا صفته في الدنيا لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، يعني بذلك: يتخبطه فيصرعه من المس، يعني من الجنون، وبمثل ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل"
لا يوجد فى كلام الطبرى دليل على الجسم المدخول فيه ولا على الجنى فالرجل يتحدث عن الشيطان والجنون
2- يقول أبو إسحاق الزجاج (توفي سنة 311هـ): "المعنى: الذين يأكلون الربا لا يقومون في الآخرة إلا كما يقوم المجنون من حالة جنونه، يقال بفلان مس، وهو أَلمْسَ وأَوْلقَ: إذا كان به جنون"
لا يوجد فى حديث الزجاج أى لفظ يدل على جسم الإنسى ولا على الجنى ولا حتى الشيطان
3-يقول الماوردي (توفي سنة 450هـ): (لا يقومون يوم القيامة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس(، يعني الذي يخنقه الشيطان في الدنيا من المس، يعني الجنون"
ليس فى الكلام ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى ولا للصرع فالرجل عبر عن العملية بالخنق
4-يقول البغوي (توفي سنة 516هـ): "لا يقومون: يعني يوم القيامة من قبورهم (إلا كما يقوم الذي يتخبطه( أي يصرعه الشيطان، أصل الخبط: الضرب والوطء، وهو ضرب على غير استواء، من المس أي الجنون، يقال مس الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنوناً، ومعناه آكل الربا يبعث يوم القيامة وهو كمثل المصروع"
ليس فى كلام البغوى أى لفظ يشير لجسم الإنسان أو الجنى وإنما الحديث على الشيطان والصرع
5-يقول عبد الرحمن بن الجوزي (توفي سنة 579هـ): "قال ابن قتيبة: لا يقومون أي يوم البعث من القبور، والمس: الجنون، يقال رجل ممسوس: أي مجنون"
ليس فى كلام ابن الجوزى ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى ولا للصرع
6-يقول القرطبي (توفي سنة 671هـ): "وفي هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان، ولا يكون منه مس"
هذا كلام صريح فى تلبس الجنى لجسم الإنسى
7-يقول النسفي (توفي سنة 701هـ): "لا يقومون إذا بعثوا من قبورهم (إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان( أي المصروع والخبط: الضرب على غير استواء، كخبط الغشواء،(من المس( من الجنون أي لا يقومون من المس الذي كان بهم إلا كما يقوم المصروع"
ليس فى كلام النسفى أى لفظ يشير لجسم الإنسان أو الجنى وإنما الحديث على الشيطان والصرع
8- يقول أبو حيان الأندلسي (توفي سنة 754هـ): "وظاهر الآية أن الشيطان يتخبط الإنسان، فقيل ذلك حقيقة هو من فعل الشيطان، بتمكين الله تعالى له من ذلك في بعض الناس، وليس في العقل ما يمنع ذلك، وأصله من المس باليد، كان الشيطان يمس الإنسان فيجنه، ويسمى الجنون مساً، كما أن الشيطان يخبطه ويطأه برجله فيخبله، فسمي الجنون خبطة وهو على سبيل التأكيد ورفع ما يحتمله من المجاز"
ليس فى كلام الأندلسى أى لفظ يشير لجسم الإنسان أو الجنى وإنما الحديث على الشيطان والخبط
9-يقول بن جزي الكلبي (توفي سنة 741هـ): "أجمع المفسرون أن المعنى لا يقومون من قبورهم في البعث إلا كالمجنون، ويتخبطه يتفعله من قولك: خبط يخبط، والمس: الجنون" وما قاله حق، فلمْ يخالف في ذلك أحد من المفسرين"
ليس فى كلام الكلبى ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى ولا للصرع
10-يقول ابن كثير (توفي سنة 774هـ): "أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له، وذلك أنه يقوم قياماً منكراً"
ليس فى كلام ابن كثير ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى
11-يقول الألوسي (توفي سنة 1270هـ): "الذين يأكلون الربا لا يقومون يوم القيامة إلا قياماً كقيام المتخبط المصروع في الدنيا، (من المس( أي: الجنون، يقال مُسَّ الرجل فهو ممسوس إذا جُنَّ، وأصله اللمس باليد، وسُمي به لأن الشيطان قد يمس الرجل وأخلاطه مستعدة للفساد فتفسُد، ويحدث الجنون، والجنون الحاصل بالمس قد يقع أحياناً، وله عند أهله الحاذقين إمارات يعرفونه بها، وقد يدخل في بعض الأجساد على بعض الكيفيات ريح متعفن تعلقت به روح خبيثة بالتصرف، فتتكلم وتبطش وتسعى بآلات ذلك الشخص الذي قامت به من غير شعور للشخص بشيء من ذلك أصلاً"
هنا كلام صريح عن تلبس الجنى للإنسى
12- يقول محمد الطاهر بن عاشور (توفي سنة 1284هـ) :"والذي يتخبطه الشيطان هو المجنون الذي أصابه الصرع، فيضطرب به اضطرابات، ويسقط على الأرض إذا أراد القيام وإنما احتيج إلى زيادة قوله (من المس( ليظهر المراد من تخبط الشيطان، فلا يُظن أنه تخبط مجازي بمعنى الوسوسة"
ليس فى كلام ابن كثير ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى وإنما للشيطان
13- يقول سيد قطب (توفي سنة 1965هـ): "إن صورة الممسوس المصروع صورة معروفة معهودة عند الناس، والنص القرآني يستحضرها لتؤدي دورها الإيجابي في إفزاع حس الإنسان المرابي واستجاشة مشاعره"
ليس فى كلام سيد قطب ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى ولا حتى للشيطان
من بين13 نقل من التفاسير لا يوجد سوى نقلين فقط اعترف أصحابهم بتلبس الجنى لجسم الإنسى بينما الأحد عشر لم يتكلموا عن ذلك بأى لفظ وتركوا المسألة دون تناول لها
وزعم صالح أنه لا يعرف منكرا للتلبس الجسمى سوى المعتزلة وهو قوله:
"ولم أر مخالفاً لذلك إلا المعتزلة أو من مسته لوثة اعتزالية، وخاصة الذين نقلوا أقوال الزمخشري المعتزلي صاحب تفسير الكشاف دون نقد أو تمحيص"
وبعد هذا ذكر صالح ما ظن أنه أدلة من الروايات الحديثية على حكاية التلبس المزعومة فقال:
"ب-الأدلة من السنة النبوية المطهرة:
"وأذكر هنا طائفة من الأحاديث الصحيحة التي تدل صراحة على صحة هذا الاعتقاد الذي ذهب إليه أهل السنة والجماعة ومن ذلك:
1- ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود عن صفية بنت حيي زوج النبي( قالت: "كان النبي ( معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت لأنقلب، فقام ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي ( أسرعا، فقال النبي (: "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: "سبحان الله يا رسول الله! فقال(: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً، أو شيئاً"
الحديث يتحدث عن الشيطان وليس عن الجنى لكون الشياطين إنس وجن كما قال تعالى ""وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن"
2- ما أخرجه ابن ماجه وابن أبي عاصم وغيرهما عن عثمان بن أبي العاص قال: "لما استعملني رسول الله على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك رحلت على رسول الله فقال: ابن العاص؟ قلت نعم يا رسول الله، قال: ما جاء بك؟ قلت: يا رسول الله عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي، قال: ذاك الشيطان، أدنه، قال: فدنوت منه، فجلست على صدور قدمي، قال: فضرب صدري بيده وتفل في فمي، وقال: اخرج عدو الله، ففعل ذلك ثلاث مرات، ثم قال: الحق بعملك، فقال عثمان: فلعمري ما أحسبه خالطني"
الحديث صحيح الإسناد، فرجاله ثقات وإسناده صحيح قاله البوصيري، وصححه الحاكم في المستدرك، ومحمد ناصر الدين الألباني، والأستاذ بشار معروف ودلالة الحديث على تلبس الجن بالإنسان ظاهرة، فقوله(: "اخرج عدو الله" تدل على وجود الشيطان داخل بدن الإنسان، فلذا أمَرَه عليه الصلاة والسلام بالخروج منه"
رغم كون الرواية روتها كتب الروايات الضعيفة والمنكرة فإنه ليس فيها دليل على وجود جنى لأن الرواية تحدثت عن الشيطان كما أن البصق فى فم الرجل هو فعل لا يفعله الرسول(ص)الذى يحث عن الطهارة ويعرف أن اللعاب المبصوق ينقل الأمراض
زد على هذا أى ولى أمر هذا الذى يترك ما ولاه النبى (ص)من أمر المسلمين ويسير عدة أيام تاركا ثغر ما زال جديدا من ثغور المسلمين ؟
بالقطع هذا ليس من الأمور المعقولة ولا المقبولة
3- ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والطبراني والحاكم عن أبي اليسر كعب بن عمرو السَّلمي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله ( يقول: "اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم، والغرق والحريق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً وأعوذ بك أن أموت لديغاً"فقوله عليه الصلاة والسلام: "أن يتخبطني" فيه دلالة واضحة على المس الحقيقي يقول ابن الأثير: (يتخبطني) تخبطه الشيطان إذا صرعه ولعب به وجاء في لسان العرب: التخبط من الشيطان: إذا مسَّ الإنسان بخبل أو جنون واستدل بهذا الحديث على إثبات صرع الشيطان للإنسان غير واحد من أهل العلم
والحديث صحيح الإسناد، صححه الحاكم ووافقه الذهبي والشيخ محمد ناصر الدين وقال الشيخ عبد القادر الأرناؤوط: وإسناده حسن وصححه محققو سنن أبي داود"
لا يوجد دليل فى الحديث على وجود جنى ولا على التلبس فالحديث يتحدث عن الشيطان وكلمة التخبط ليست دليلا على الدخول فى البدن
4- ما رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان رسول الله إذا قام من الليل كبَّر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول: الله أكبر كبيراً ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه ونفثه" والحديث صحيح الإسناد، فلقد صحح رواية الترمذي أحمد شاكر محقق سنن الترمذي وصحح الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رواية كل من أبي داود والترمذي وقال الدكتور محمد مصطفى الأعظمي في تعليقه على رواية ابن خزيمة عن أبي سعيد الخدري: "وسنده جيد"وقال الأستاذ الأرناؤوط تعليقاً على رواية أبي داود لحديث جبير بن مطعم: "وللحديث شواهد بمعناه يرتقى بها إلى درجة الصحة"
لا يوجد دليل فى الحديث على وجود جنى ولا على التلبس فالحديث يتحدث عن الشيطان
5- وما أخرجه أحمد والهيثمي والطبراني وابن عبد البر وغيرهم عن يعلى بن مرة رضي الله عنه قال: "لقد رأيت من رسول الله ثلاثاً ما رآها أحد قبلي ولا يراها أحد بعدي، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها، فقالت يا رسول الله هذا صبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء، يؤخذ في اليوم ما أدري كم مرة، قال: ناولينه، فرفعته إليه، فجعلته بينه وبين واسطة الرَّحل ثم فغر فاه فنفث فيه ثلاثاً، وقال: بسم الله، أنا عبد الله، اخسأ عدو الله، ثم ناولها إياه، فقال: ألقينا في الرجعة في هذا المكان فأخبرينا ما فعل، قال: فذهبنا، ورجعنا، فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث، فقال (: ما فعل صبيك؟ فقالت: والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئاً حتى الساعة، فاجترر هذه الغنم، قال: انزل فخذ منها واحدة ورُدَّ البقية"
…ولقصة الصبي التي رواها يعلى بن مرة رضي الله عنه عدة شواهد، منها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله في سفر -قال كلاماً طويلاً- ثم ذكر: أن امرأة جاءت بابن لها وقالت: يا رسول الله إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرات لا يدعه، فوقف رسول الله فتناوله فجعله بينه وبين مقدمة الرحل، فقال: اخسأ عدو الله، أنا رسول الله، وأعاد ذلك ثلاث مرات، ثم ناولها إياه، فلما رجعنا وكنا بذلك الماء عرضت لنا تلك المرأة ومعها كبشان تقودهما والصبي تحمله، فقالت: يا رسول الله اقبل مني هديتي، فوا الذي بعثك بالحق ما عاد إليه بعد، فقال رسول الله خذوا أحدهما وردُّوا الآخر"
…والحديث صحيح الإسناد، ويحتج به -كما هو واضح في تخريجه بالهامش- ووجه الدلالة في الحديث واضحة، فقول الراوي "ثم فغر فاه، فنفث فيه ثلاثاً" ثم قوله ( "بسم الله، أنا عبد الله اخسأ عدو الله" دليل على أن الصبي كان يعاني المسّ الشيطاني الذي سبب له بلاء وغماً
الروايتان بينهما تناقضات الأول أن الرسول(ص) ومن معه هم من مروا بالمرأة كما تقول الرواية" أن مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها" وهو ما يناقض ان المرأة هى التى أتت إليهم فى قول الرواية الثانية " امرأة جاءت بابن لها" الثانى أن الولد كان بين النبى (ص) ووسط الرحل فى قول الرواية الأولى "فتناوله فجعلته بينه وبين واسطة الرَّحل "وفى الثانية فى مقدمة الرحل فى قولها"فتناوله فجعله بينه وبين مقدمة الرحل" الثالث أن المرأة كان معها 3شياه فى قول الرواية الأولى " فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث" وهو ما يعارض كونهما كبشان2 فى قول الرواية الثانية "عرضت لنا تلك المرأة ومعها كبشان تقودهما"
وأيضا ليس فى الرواية الأولى أى حديث عن جنى ولا إنسى ولا حتى شيطان والثانية الحديث فيها فقط عن وجود شيطان ومن ثم فلا دليل فيهما على شىء
6- ما رواه البخاري ومسلم عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس:" ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك؟ فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها"
لا يوجد أى لفظ فى الرواية يدل على جنى ولا شيطان ولا دخول جسم ومن ثم فهى لا تصلح للاستدلال على شىء
المضحك أن صالح جعل حكايات الكتب دليل مشاهدة حسية على وجود التلبس فقال:
"ج- دليل الحسّ والمشاهدة:
إن سلوك الجن في بدن الإنسان وصرعه له ونطقه على لسان المصروع أمر مشاهد محسوس، تكاد حوادثه تقع في كل عصر ومصر، ويعد منكره معانداً مكابراً للمشاهدة والمحسوس، وأخبار ذلك كثيرة جداً، شاهدها ورواها العلماء الثقات المشهورون بعلمهم وتقواهم، مما يوجب معه القطع بهذا الاعتقاد وأنقل هنا طائفة من أقوال العلماء وما جرى لبعضهم من مشاهدات"
ثم نقل الرجل روايات عدة عن أحمد بن حنبل وابن حزم الظاهرى وغيرهم نذكر منها واحدة فقط وهى :
"جاء في كتاب "طبقات الحنابلة"(64) للقاضي أبي الحسين بن أبي يعلى الفداء: أن الإمام أحمد بن حنبل كان يجلس في مسجده فأنفذ إليه الخليفة العباس المتوكل صاحباً له يعلمه أن جارية بها صرع، وسأله أن يدعو الله لها بالعافية، فأخرج له أحمد نعلي خشب بشراك من خوص للوضوء فدفعه إلى صاحب له، وقال له: امض إلى دار أمير المؤمنين وتجلس عند رأس الجارية وتقول له، يعني الجن: قال لك أحمد: أيما أحب إليك تخرج من هذه الجارية أو تصفع بهذه النعل سبعين فمضى إليه، وقال له مثل ما قال الإمام أحمد، فقال له المارد على لسان الجارية: السمع والطاعة، لو أمرنا أحمد أن لا نقيم بالعراق ما أقمنا به، إنه أطاع الله، ومن أطاع الله أطاعه كل شيء، وخرج من الجارية وهدأت ورزقت أولاداً، فلما مات أحمد عاودها المارد، فأنفذ المتوكل إلى صاحبه أبي بكر المروذي وعرفه الحال، فأخذ المروذي النعل ومضى إلى الجارية، فكلمه العفريت على لسانها: لا أخرج من هذه الجارية ولا أطيعك ولا أقبل منك، أحمد بن حنبل أطاع الله، فأمرنا بطاعته
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: إن قوماً يقولون: إن الجن لا يدخل في بدن المصروع من الإنس، فقال: يا بني يكذبون، وهو ذا يتكلم على لسانه"
بالقطع حكايات الكتب ينطبق عليها القول شاهد لم ير شيئا فهى مجرد حكايات تروى للنصب على الناس إما للحصول على أموالهم وإما للحصول على مكانة فى قلوب العامة أن القوم قادرون ومن أهل الخطوة وزاد الرجل كلامه عن المعالجين الحاليين فقال:
"ومن أدلة الحس والمشاهدة على دخول الجن بدن الإنسان وتسببه له بالصرع ونحوه من الأمراض أن كثيراً من العلماء والمشايخ المعاصرين المشهورين قاموا بمعالجة مرضى المس الشيطاني بالطرق الشرعية، ومنها قراءة القرآن على المصروع، ومن هؤلاء الشيخ أحمد القطان والدكتور عبد الله عزام، والشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية والشيخ محمد الصايم من علماء الأزهر الشريف والشيخ وحيد الدين بالي"
وهو كلام ليس دليلا فلا أحد رأى شيئا ولا يوجد أجهزة علمية كالمصورات سجلت تلك العمليات صوتا وصورة وأظهرت لنا جنا يخرج ولا شىء
العملية كما قلنا ليست سوى دجل يضحك به على العامة وعندما نطالب بدليل علمى محسوس يقال لك أنك ليس فى قلبك نور حتى ترى ما يراه الجهابزة أولياء الله وهو رد غير علمى
بعد ذلك تحدث صالح عن المنكرين للتلبس فقال:
المنكرون لدخول الجن بدن الإنسان وصرعه له:
…ذهب كل من الجهمية والمعتزلة وهشام بن الحكم الرافضي وأبي بكر الرازي إلى القول بعدم قدرة الجن على التأثير في بدن الإنسان وصرعه له وقد تبعهم في ذلك الإنكار بعض المنتسبين إلى أهل السنة، فمن الأقدمين: محمد بن علي القفال الشافعي المذهب، والبيضاوي وأبو السعود وكلاهما من أصحاب التفاسير الذين اختصروا كتاب الكشاف للزمخشري المعتزلي، ومن المحدثين الشيخ محمود شلتوت، والشيخ طنطاوي جوهري والشيخ أحمد مصطفى المراغي، والشيخ محمد الغزالي"
ثم ذكر الرجل أدلة المنكرين فقال:
"وأذكر هنا طائفة من أقوال المنكرين وأدلتهم في ذلك، ثم أتناولها جميعاً بالمناقشة والنقض
أولاً: من أقوال المنكرين:
يقول الزمخشري المعتزلي في تفسيره لآية البقرةإلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس( يقول: "وتخبط الشيطان من زعمات العرب، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع فورد على ما كانوا يعتقدون، والمس الجنون، ورجل ممسوس، وهذا أيضاً من زعماتهم وأن الجني يمسه فيختلط عقله، وكذلك جن الرجل معناه ضربته الجن، ورؤيتهم لهم في الجن قصص وأخبار وعجائب، وإنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات"
* ….أنكر القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي قدرة الشيطان على صرع الإنسان، وذهب إلى أن مس الشيطان هو في الوسوسة فقط يقول: "إن مس الشيطان إنما هو في الوسوسة كما قال تعالى في قصة أيوب (مسني الشيطان بنصب وعذاب( سورة ص: 31، كما يقال فيمن تفكر في شيء يغمه قد مسه التعب، وبين ذلك قوله في صفة الشيطان (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي( سورة إبراهيم: 22، ولو كان يقدر على الخبط لصرف همته إلى العلماء والزهاد وأهل العقول، لا إلى من يعتريه الضعف، وإذا وسوس ضعف قلب من يخصه بالوسوسة، فتغلب عليه المرة، فيتخبط كما يتفق ذلك في كثير من الإنس إذا فعلوا ذلك بغيرهم"
وقد اكتفينا بنقل أقوال اثنين لأن كلام البقية بنى على نفس الكلام الاثنين ومن ثم لا فائدة من نقل كلام بقيتهم التى نقلها صالح فى الكتاب ثم ذكر الرجل أدلة المنكرين فقال:
ثانياً: أدلة المنكرين:
استدل المنكرون على ما ذهبوا إليه بما يلي:
أ- قوله تعالى: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي( سورة إبراهيم: 22قالوا: الآية صريحة في أنه ليس للشيطان قدرة على الصرع والإيذاء والقتل، وأن الله تعالى لم يجعل له سبيلاً على الناس إلا أن يوسوس في صدورهم
ب- إن الشيطان إما أن يكون جسماً كثيفاً وإما أن يكون جسماً لطيفاً، فإن كان جسماً كثيفاً فلا بد أن يُرى ويشاهد، وهو لا يرى، ولو كان كثيفاً لا يمكنه دخول بدن الإنسان، وإن كان جسماً لطيفاً كالهواء فمثل هذا يمتنع أن يكون فيه قوة وصلابة، وبالتالي يستحيل أن تكون لديه قدرة على أن يصرع الإنسان ويقتله
ج- لو كانت للشيطان قدرة على الصرع، فمعنى ذلك أنه أتى مثل معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا يجر إلى القدح في النبوة
د- لو كان الشيطان قادراً على الصرع، فلماذا لا يصرع جميع المؤمنين ويصرف همته إلى العلماء والزهاد وأهل العقول مع شدة عداوته لهم، ولماذا لم يغصب أموالهم، ويفسد أحوالهم، ويفشي أسرارهم، ويزيل عقولهم؟ وكل ذلك ظاهر الفساد
هـ- لو كان الشيطان يقدر على دخول بدن الإنسان فلماذا لم يشك الكفار المعاصرون من احتلال الجن لأجسامهم؟
هذه هى أدلة المنكرين فى رأى صالح,اما مناقشة صالح لها فهى:
ثالثاً: إبطال أدلة المنكرين:
...يمكن إبطال أدلة المنكرين من عدة وجوه
الوجه الأول:
إن المنكرين من المنتسبين لأهل السنة والجماعة خالفوا في تفسيرهم لآية البقرة ما ذهب إليه أئمة وعلماء أهل السنة والجماعة، وسلكوا منهج المعتزلة الذين يقدمون العقل على النقل في إثبات العقيدة وتقريرها، والمعتزلة معروفون عند أهل السنة بأنهم من الفرق المبتدعة الضالة يقول الشيخ محي الدين شيخ زاده في حاشيته على تفسير البيضاوي: "ولو حمل المصنف رحمه الله تخبط الشيطان ومسَّه على ظاهرهما بناءً على ما ذهب إليه أهل السنة، من أن لهم تعرضاً لبعض الإنسان وتأثيراً في بعض أجسامهم لكان أحسن"
…ولقد أحسن أبو البركات النسفي الذي اختصر تفسيره من تفسيري الزمخشري المعتزلي والبيضاوي ، وترك ما فيه من الاعتزالات، وسلك فيه مذهب أهل السنة والجماعة، وفسَّر الآية على نحو ما فسَّرها أئمة التفسير منهم"
لم يناقش صالح أى شىء من الأدلة هنا مكتفيا بذكر خلاف الفريقين وأن أهل السنة أفضل من المعتزلة الفسدة متناسيا علماء السنة المنكرين كالمعتزلة
الوجه الثاني:
…إن الزعم بأن تخبط الشيطان للإنسان من زعمات العرب، وأن القرآن الكريم قد حكى ما كانوا يعتقدون إن هذا الزعم باطل لما يلي:
- كونه من ضلالات المعتزلة التي نسجوها وفق قواعدهم التي بمقتضاها يؤولون القرآن الكريم على غير ظاهره، وظواهر النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية تؤكد أن هذه تبقى على حقائقها واقعة كما أخبر الشرع يقول الإمام أحمد بن المنير: "وهذا القول على الحقيقة من تخبط الشيطان بالقدرية في زعماتهم المردودة بقواطع الشرع"، وذكر رحمه الله تعالى أحاديث نبوية تفيد أذية الجن للإنسان، ثم قال: "واعتقاد السلف وأهل السنة أن هذه أمور على حقائقها واقعة كما أخبر الشرع عنها وإنما القدرية خصماء العلانية، فلا جرم أنهم ينكرون كثيراً مما يزعمون مخالفاً لقواعدهم من ذلك السحر، وخبطة الشيطان، ومعظم أحوال الجن فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون"، ويقول الألوسي بعد أن تحدث عن المس الشيطاني للإنسان: "واعتقاد السلف وأهل السنة أن ما دلت عليه أمور حقيقية واقعة كما أخبر الشرع عنها، والتزام تأويلها كلها يستلزم خبطاً طويلاً لا يميل إليه إلا المعتزلة ومن حذا حذوهم، وبذلك ونحوه خرجوا عن قواعد الشرع القويم"
نفس الكلام السابق نقل بلا مناقشة للأدلة فهو ينقل سب الرجل للمعتزلة والقدرية وهو ما لا يصلح لنفى الأدلة
ثم قال صالح:
- إن حمل نصوص القرآن الكريم على موافقة معتقدات العرب الباطلة، وإقرار القرآن الكريم لها من غير نكير وإبطال لها أمر خطير يفتح للزنادقة والملاحدة باباً يلجون منه إلى إنكار العقائد الدينية بحجة أنها وردت حسب اعتقادات العرب الباطلة، وأنها واردة على سبيل التمثيل والتخييل"
هذا الكلام يصلح للرد على قول الزمخشرى بكون كلام القرآن يراعى معتقدات العرب الكفار وقد نقل صالح نقوى تكرر نفس الكلام لم نر داعيا لذكرها
وذكر الرجل مناقشة الدليل الأول للمنكرين فقال:
الوجه الثالث:
وأما قولهم بأن الشيطان ليس له قدرة على الصرع والإيذاء ولم يجعل الله له سبيلاً على الناس إلا أن يوسوس في صدورهم استدلالاً بقول الله تعالى: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي (سورة إبراهيم: 22فيردُّ عليه بما يلي:
أ-إن السلطان المنفي في الآية الكريمة إنما هو القهر والإلجاء إلى متابعته، أو الحجة والبرهان، وليس هو التعرض للإيذاء النفسي والبدني، فهذا حاصل للإنسان من قبل الشيطان، فيكون معنى قوله تعالى: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي(: وما كان لي من تسلط عليكم بإظهار الحجة والبرهان على ما وعدتكم به وزينته لكم إلا أن دعوتكم وأغويتكم بوسوستي وتزييني فأطعتموني واستجبتم لي باختياركم بلا برهان ولا حجة دون أن أقهركم على ذلك"
وهو رد لا يصلح فالمنفى ليس القهر وإنما المنفى كل سلطان عدا سلطان الكلام وهو الدعوة ولو قال الرجل ومن معه أن قول الشيطان لا يصلح كدليل فى القرآن لكونه الكاذب الأول والأكبر لكان أصلح ثم أكمل الرجل كلامه فقال ك
"ب- إن أذى الجن للإنسان ثابت بالدليل السمعي والدليل الحسي، والعقل لا يحيل ذلك، بل يجيزه، ولولا المعقبات من الملائكة التي كلفها الله تعالى حفظ الإنسان لما نجا أحد من الشياطين، وذلك لعدم رؤية الإنسان لهم، ولقدرتهم على التشكيل والتحول بسرعة، ولأن أجسامهم من اللطافة بحيث لا نشعر بها ولا نحس
…ولقد جاء في الأحاديث الصحيحة ما يدل على أن الشيطان له قدرة على الإيذاء الحسي البدني، ومن ذلك: قتل الجني لفتى من المسلمين في عهد رسول الله ، ومحاولته لقطع الصلاة على رسول الله وخنقه عليه الصلاة والسلام له ومجيء الشيطان للرسول عليه السلام وهو في الصلاة بشهاب من النار ليجعله في وجهه ونخس الشيطان للمولود فيستهل صارخاً من هذه النخسة، وسرقته للطعام ونحوه من المسلمين"
وما قاله ىصالح عن الدليل الحسى هو تخريف فلا دليل من الواقع لأنه لا احد شاهد ولا سمع جنى ولا أحس بها وأما ما ذكره من سمعيات تتمثل فى روايات لا يمكن مناقشة صحتها من بطلانها هنا ولكنها لا تصلح كدليل على التلبس فقتل الجني لفتى من المسلمين في عهد رسول الله نفى للنلبس فلو كان قادرا على اضلاله ما قتله وأما محاولته لقطع الصلاة على رسول الله وخنقه عليه الصلاة والسلام له فلا يوجد فيه شىء يدل على دخوله جسم بل الإنسى هو من أدخل يده فى جسمه ,اما مجيء الشيطان للرسول عليه السلام وهو في الصلاة بشهاب من النار ليجعله في وجهه فلا يدل على دخول جسم لأنه لو كان قادرا على الدخول ما أراد غشعال النار فى ذلك الجسم بنار وأما نخس الشيطان للمولود فيستهل صارخاً من هذه النخسة فهو لا يدل على دخول وإنما لمس من الخارج للجسم وأما سرقته للطعام ونحوه من المسلمين فليس دليل على دخول جسم لأنه سرق طعام
أتكلم هنا وكأنى مصدق لتلك الروايات التى تتعارض مع القرآن وأن عالم الغيب ومنه الجن منفصل تماما عن عالم الظاهر الذى يعيش فيه الناس البشريين
ثم ناقش الرجل دليل من أدلة القوم فقال :
"الوجه الرابع:
إنَّ قولهم بأن الجن أجسام لطيفة ليس فيها قوة وصلابة فلا تقدر على صرع الإنسان وقتله فباطل: لأنه لم يدل دليل عقلي ولا نقلي على امتناع ذلك، وقدَّمنا الأدلة من الحديث الشريف التي تثبت قدرته على ذلك، ثم إن الجن له قدرة وسرعة على التحول والتشكل بإذن الله تعالى في صور كثيرة والتيار الكهربائي يضعف الإنسان ويقتله بمجرد لمسه للأسلاك الساري فيها التيار لا لقوته وصلابته بل لخواص أخرى يتميز بها، وإذا كان للجن قدرة على دخول أبدان الناس -كما بينا سابقاً- فإن إيذاء الجن للإنسان من داخل نفسه لا يحتاج إلى قوة وصلابة، بل ثبت أن أضعف المخلوقات من الجراثيم والفيروسات والميكروبات يسبب للإنسان إيذاءً قد لا يقدر على دفعه، بل وقد يكون فيه هلاكه وحتفه ثم إن دقة تركيب الدماغ والجهاز العصبي لدى الإنسان تجعل من السهولة إحداث خلل كبير فيه يؤدي إلى الصرع من دخول جسم الجن اللطيف فيه وتمكنه منه وقد نقل أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة قولهم: أنه يجوز أن يدخل الجن في الناس، لأن أجسام الجن رقيقة، وليس بمستنكر أن يدخلوا في جوف الإنسان من خروقه كما يدخل الماء والطعام في بطن الإنسان، وهو أكثف من أجسام الجن"
مناقشة غير مجدية فالفريقان يتكلمان عن شىء غيبى هو الجن لم يره أحد منهم ولم يذهب إلى عالمهم أحد ومن ثم فالكلام عن اللطافة والكثافة والرقة هو ضرب من العبث والكلام الذى ليس عليه دليل خاصة مع قوله تعالى "وخلق الجان من مارج من نار" والنار قد تكون من الشجر كما قال تعالى ""الذى جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون" فالنار تطلق على الوقود الشجرى كما قال تعالى "النار ذات الوقود"وطبقا لهذا الكلام فقد يكون الجن بقايا الخشب الوقودى وهو ما يسمى تراب الحريق ومن ثم فالكلام عن الرقة واللطافة يكون ضرب من الخيال
ثم ناقش صالح دليل أخر من أدلة المنكرين فقال :
"الوجه الخامس:
وأما القول بأن الشيطان إذا كانت له قدرة على الصرع فمعنى ذلك أنه أتى مثل معجزات الأنبياء، وهذا قدح في النبوة فباطل، وبيان ذلك: أن أهل الضلال والبدع تظهر على أيديهم خوارق شيطانية، ومن هؤلاء السحرة والكُهان، وهذا ثابت بالحس والمشاهدة، ولم يؤد ذلك إلى الطعن في النبوة وإبطال المعجزة، والمساواة في الحد والحقيقة بين معجزات الأنبياء وأفعال السحرة والمشعوذين أمر معلوم الفساد بالضرورة من دين الإسلام "
الكلام تناسى شىء مهم وهو لماذا لو كانت القدرة على التلبس حق فلماذا يصاب بها فريق قليل من الناس ولا يصاب بها البعض الأخر؟
وهل من العدل أن يجن البعض ولا يجن الكل ؟
بالقطع هذا الكلام لن يرد عليه أحد لأنه اتهام لله بالظلم وهو قد تعالى عن ذلك علوا كبيرا
ثم ناقش الرجل دليلا فقال:
"الوجه السادس:
إن قول المنكرين صرع الجن للإنسان بأنه لو كان قادراً على ذلك، لصرع جميع المؤمنين، ولصرف همته إلى العلماء والزهاد، ولسرق أموالهم وأفسد أحوالهم، باطل لما يلي:
إن الشيطان يصرع ويؤذي من شاء الله تعالى له ذلك، فلا يستقل في الفعل بإرادته ومشيئته، فالأمر كله بيد الله عز وجل، فمن شاء الله تعالى له الضرَّ أضره الشيطان، كما أنه يضل ويغوي من شاء الله تعالى له الضلال والغواية ..."
التسوية بين الإمراض وبين الغواية أمر ليس صحيح فهذا مرض جسمى وهذا مرض نفسى يكون بإرادة صاحبه والإمراض ليس بإرادة صاحبه
والغريب أن الرجل يستدل بأقوال النصارى واليهود وغيرهم على صحة الأمر فيقول:
"ولقد توفرت الأدلة الكثيرة على وجود نسبة كبيرة من هؤلاء المرضى، فكثير من نزلاء مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية هم صرعي الجن الذين تلبسوا أجسامهم ولقد أفرد رياض مصطفى العبد الله أسماء وقصص عدد من المصروعين والملبوسين من الغربيين وغيرهم في كتاب له سماه "المسكونين بالشياطين" ونقل الأستاذ عبد الرزاق نوفل في كتابه "عالم الجن والملائكة" عن عدد من أطباء الغرب ثبوت دخول الجن بدن الإنسان، وأن ألوفاً من الناس يعانون في الوقت الحاضر من هذا المرض وذكر الأستاذ محمد فريد وجدي أن الأستاذين الشهيرين في أوروبا: ريتشارد هودس، وجيمس هيزلوب قد نشرا بحثاً علمياً في كتاب جاء فيه: "إن عدداً عديداً من المجانين الذين يحبسون في البيمارستانات (مستشفيات المجانين) ليسوا بمصابين بأمراض عقلية، بل مملوكون لأرواح قد استولت عليهم واستخدمتهم" وأيضاً فإن هناك الكثير من الأطباء الأوروبيين الذين تحدثوا عن مرض المس الشيطاني، ويسمونه المس الروحي أو الروحاني، وينسبونه إلى أرواح خبيثة استحوذت على الشخص المريض وعملت على إيذائه
إن أئمة الطب قديماً كانوا يقرّون بمرض المس الشيطاني، ذكر ابن قيم الجوزية رحمه الله أن أئمة أطباء اليونان -وعلى رأسهم بقراط- يقرون بصرع الجن للإنسان"
والأغرب أن يستدل بما جاء فى كتب الكفار الدينية فيقول:
إن معتقدات الأوروبيين وغيرهم من النصارى توجب عليهم الإيمان بتلبس الجن لأجسام بعض الناس، فالكتاب المقدس عندهم أثبت الصرع الشيطاني، وتروي الأناجيل قصصاً كثيرة تفيد أن المسيح عليه السلام قد شفي على يديه كثير من المرضى، وأنه أخرج الشيطان من كثيرين أصيبوا بالمس والصرع ومن ذلك: ما جاء في إنجيل متى: "وفيما هما خارجان إذ إنسان أخرس مجنون قدّموه إليه، فلما أخرج الشيطان تكلم الأخرس، فتعجب الجموع قائلين: لم يظهر قط مثل هذا في إسرائيل"(141)
-ما جاء في إنجيل لوقا: "وكان في المجمع رجل به روح شيطان نجس، فصرخ بصوت عظيم آه ما لنا لك يا يسوع الناصري، أتيت لتهلكنا أنا أعرفك من أنت: قدوس الله فانتهره يسوع قائلاً اخرس وأخرج منه، فصرعه الشيطان في الوسط، وخرج منه ولم يضره شيئاً"(142)
-ما جاء في إنجيل مرقس: "ولمَّا صار المساء، إذ غربت الشمس، قدمَّوا إليه جميع السُّقماء والمجانين، وكانت المدينة كلها مجتمعة على الباب، فشفي كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة، وأخرج شياطين كثيرة، ولم يدع الشياطين يتكلمون لأنهم عرفوه"
وبالقطع عقائد الكفار لا تصلح نصوصها عندهم كأدلة عندنا وإلا أصبح مثلا المسيح(ص) إلها عندنا طبقا لها وأصبح صلبه وتعذيبه عقيدة لنا بناء على نفس القول
وحتى لا نترك الموضوع دون إكمال نذكر الأدلة على عدم دخول الجنىى جسم الإنسان وهى :
قوله تعالى فى سورة النحل :
"إنه ليس له سلطان على الذين أمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون"
هنا لا سلطان للشيطان وهو الجنى عند المقرين بالتلبس على المؤمنين ومن ثم لو كان هناك تلبس لحدث للكفار وحدهم لأن سلطانه على الكفار كما فى الآية وهو ما فسره قوله تعالى بسورة الزخرف "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين"
فالعاش وهو المعرض عن طاعة الله أى الرحمن هو من معه الشيطان
"الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس "وضح الله لنا أن الذين يأكلون الربا وهم الذين يأخذون الزيادة على الدين جبرا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس والمراد لا يفعلون إلا كما يفعل الذى توجهه الشهوة وهى هوى النفس بالوسوسة والسبب أنهم قالوا :إنما البيع وهو التجارة مثل الربا وهو أخذ الزيادة على الدين جبرا لحاجة المدين فهم يحلون الربا باعتباره كالتجارة وقد فسر الله التخبط الشيطانى بكون مس طائف من الشيطان اى وسواس بقوله فى سورة الأعراف :
"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون"فهنا وضح الله لنبيه(ص)أن الذين اتقوا أى أطاعوا حكم الله إذا مسهم طائف من الشيطان أى إذا أصابهم وسواس من الشهوات والمراد إذا فعلوا ظلما بسبب تمكن وسواس الشهوات منهم تذكروا أى علموا الحق فإذا هم مبصرون أى مستغفرون مصداق لقوله بسورة آل عمران"الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم"وهذا يعنى أنهم يتوبون فيعودون لطاعة الحق
وأما الشيطان فهو الضرر أى المرض فى قوله تعالى فى سورة ص:
"واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب " فهناطلب الله من نبيه (ص)أن يذكر أى يحكى للناس قصة عبده وهو مملوكه أى مطيع دينه أيوب (ص)إذ نادى ربه والمراد وقت دعا خالقه :ربى أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب والمراد إلهى أنى أصابنى المؤذى بضر أى ألم مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر"وقد سمى سبب المرض شيطانا لأنه أبعده عن الصحة وهى السلامة وليس المراد إبليس وإنما المراد الشىء المسبب للمرض
ولو كانت الجن تملك قدرة على أذى الإنسان لأذوا سليمان(ص) الذى عملوا تحت يديه وولم يستطع واحد منهم الهرب منه وفى هذا قال تعالى بسورة سبأ "فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين"
والشياطين ليسوا كلهم جن فقد جعل الله لكل نبى عدو هو الشياطين وهم من الإنس والجن وكل نوع منهم يوحى لأفراد نوعه زخرف أى باطل القول ليضل كل منهم عن سبيل الله وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا "وينقسم أهل جهنم للجنة وهم الجن والناس وهم البشر وفى هذا قال تعالى بسورة هود "وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين".
كما أن الجن مثل الإنس يوسوس لكل منهم الوسواس وهو القرين أى الشهوات أى الهوى الضال وهو يوسوس لهم بكل نوع من أنواع الشر وفى هذا قال تعالى بسورة الناس
"قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس "
الكتاب من تأليف صالح الرقب وهو يبحث فى مسألة لا أصل لها وهو دخول شيطان الجن جسم الإنسان وهو ما يسمى التلبس أو التلباسى وقد بين الرجل فى مقدمته أنه لا يوجد كتاب جمع الأدلة واستقصاها فى الموضوع بين الإثبات والإنكار واعتقد أن هناك العديد من الكتب التراثية قد تناولت المسألة وقد قرأت بعضها قديما وفى هذا قال:
"فإن مسألة دخول الجن بدن الإنسان وتسببه في صرعه من المسائل العقائدية التي كتب فيها الأقدمون والمحدثون من علماء أهل السنة والمعتزلة وغيرهم، منهم من أنكر ذلك، ومنهم من أثبت ذلك، ولكن معظم الدراسات في ذلك متفرقة والمجتمع منها لم تستقص الأدلة "
وقد بين الرجل التالى:
"إن دخول الجن بدن الإنسان وصرعه له هو معتقد أهل السنة والجماعة"
ورغم قوله أنه عقيدة أهل السنة فقد أورد فى فصل المنكرين للدخول أن العديد من العلماء من أهل السنة أنكروا هذا فقال:
"وقد تبعهم في ذلك الإنكار بعض المنتسبين إلى أهل السنة، فمن الأقدمين: محمد بن علي القفال الشافعي المذهب، والبيضاوي وأبو السعود وكلاهما من أصحاب التفاسير الذين اختصروا كتاب الكشاف للزمخشري المعتزلي، ومن المحدثين الشيخ محمود شلتوت، والشيخ طنطاوي جوهري والشيخ أحمد مصطفى المراغي، والشيخ محمد الغزالي"
الغريب أن الرجل بعد أن ذكر كون دخول الجن أجسام الإنس هم عقيدة أهل السنة ذكر ما أعتقد أنه أدلة من بعض علماءهم فقال:
"وقد بيّن ذلك جمع من العلماء والأئمة وأذكر هنا طائفة من أقوالهم التي توضح ذلك:
1-يقول أبو الحسن الأشعري (توفي سنة 324هـ): "وإن الشيطان يوسوس للإنسان ويشككه ويتخبطه خلافاً لقول المعتزلة والجهمية، كما قال الله عز وجل: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس( سورة البقرة: 275"
لا يوجد فى كلام الأشعرى أى لفظ يشير لدخول الجن جسم الإنسان فالرجل يتحدث عن الشيطان
2- يقول الإمام أحمد بن محمد بن منصور ابن المنيِّر (توفي سنة 683هـ): "واعتقاد السلف وأهل السنة أن هذه أمور على حقائقها، واقعة كما أخبر الشرع عنها، وإنما القدرية خصماء العلانية، فلا جرم ينكرون كثيراً مما يزعمونه مخالفاً لقواعدهم، من ذلك: السحر وخبطة الشيطان، ومعظم أحوال الجن"
الرجل هنا يتكلم عن خبطة الشيطان ولا يذكر دخول الجنى جسم الإنسى
3- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (توفي سنة 728هـ): "ودخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة وليس في أئمة الإسلام من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره"وتحدث رحمه الله عن صرع الجن للإنسان ثم قال: "وقد اتفق عليه أئمة الإسلام كما اتفقوا على وجود الجن"
هذا الكلام صريح فى دخول الجنى بدن المصروع الإنسى
4- يقول العلامة محي الدين شيخ زاد (توفي سنة 951هـ): "إن أهل السنة يعتقدون بأن الشيطان يمس الإنسان ويتخبطه ويسبب له الجنون، وأن له تأثيراً في بعض أجسام الناس)
الرجل هنا يتكلم عن خبطة الشيطان ولا يذكر دخول الجنى جسم الإنسى
5- يقول العلامة ابن حجر الهيثمي (توفي سنة 974هـ): "فدخوله (أي الجني) في بدن الإنسان هو مذهب أهل السنة والجماعة"
كلام صريح فى دخول الجنى بدن الإنسى
6- تحدثَّ العلامة السيد محمود أفندي الألوسي (توفي سنة 1270هـ) عن المس الشيطاني للإنسان مستشهداً بقوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس( سورة البقرة: 275( ثم قال: "واعتقاد السلف وأهل السنة أن ما دلت عليه أمور حقيقة واقعة، كما أخبر الشرع عنها، والتزام تأويلها كلها يستلزم خبطاً طويلاً لا يميل إليه إلا المعتزلة ومن حذا حذوهم، وبذلك ونحوه خرجوا عن قواعد الشرع القويم، فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون"
لا يوجد فى الكلام المنقول أى لفظ عن تلبس الجنة للإنسى
7-وذكر الأستاذ القاسمي (توفي سنة 1332هـ) في تفسيره نفس أقوال الإمام ابن المنير
8- يقول الشيخ عبد العزيز بن باز (مفتي السعودية السابق): "وقد دل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة على جواز دخول الجني بالإنس وصرعه إياه"
كلام صريح فى دخول الجنى بدن الإنسى
ومن مجموع ما نقل وهو ثمانية نقول لا يوجد فيها سوى ثلاثة تتحدث صراحة عن التلبس أى الصرع والباقى كلام عام لا يوجد فيه ما يدل على دخول الجنى جسم الإنسى وإنما هو يتحدث عن الشيطان والشيطان فى القرآن إنس وجن كما قال تعالى :
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن"
تناول صالح فيما بعد ما ظن أنه أدلة شرعية على المعتقد فقال :
"ثانياً: الأدلة الشرعية على دخول الجني بدن الإنسان وصرعه إياه:
أ-الأدلة من القرآن الكريم:
يقول الله عز وجل: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) سورة البقرة:275 اعتمد أئمة علماء أهل السنة والجماعة على هذه الآية الكريمة في إثبات صرع الشيطان للإنسان وقدرته على دخول بدنه، وبهذه الآية ردوا على المعتزلة المنكرين لذلك وأذكر هنا طائفة من أقوال أئمة التفسير وغيرهم التي تبين وجه استدلالهم بهذه الآية الكريمة
1-يقول الإمام الطبري (توفي سنة 310هـ) في تفسيره: "فقال جلَّ ثناؤه للذين يأكلون الربا الذي وصفنا صفته في الدنيا لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، يعني بذلك: يتخبطه فيصرعه من المس، يعني من الجنون، وبمثل ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل"
لا يوجد فى كلام الطبرى دليل على الجسم المدخول فيه ولا على الجنى فالرجل يتحدث عن الشيطان والجنون
2- يقول أبو إسحاق الزجاج (توفي سنة 311هـ): "المعنى: الذين يأكلون الربا لا يقومون في الآخرة إلا كما يقوم المجنون من حالة جنونه، يقال بفلان مس، وهو أَلمْسَ وأَوْلقَ: إذا كان به جنون"
لا يوجد فى حديث الزجاج أى لفظ يدل على جسم الإنسى ولا على الجنى ولا حتى الشيطان
3-يقول الماوردي (توفي سنة 450هـ): (لا يقومون يوم القيامة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس(، يعني الذي يخنقه الشيطان في الدنيا من المس، يعني الجنون"
ليس فى الكلام ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى ولا للصرع فالرجل عبر عن العملية بالخنق
4-يقول البغوي (توفي سنة 516هـ): "لا يقومون: يعني يوم القيامة من قبورهم (إلا كما يقوم الذي يتخبطه( أي يصرعه الشيطان، أصل الخبط: الضرب والوطء، وهو ضرب على غير استواء، من المس أي الجنون، يقال مس الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنوناً، ومعناه آكل الربا يبعث يوم القيامة وهو كمثل المصروع"
ليس فى كلام البغوى أى لفظ يشير لجسم الإنسان أو الجنى وإنما الحديث على الشيطان والصرع
5-يقول عبد الرحمن بن الجوزي (توفي سنة 579هـ): "قال ابن قتيبة: لا يقومون أي يوم البعث من القبور، والمس: الجنون، يقال رجل ممسوس: أي مجنون"
ليس فى كلام ابن الجوزى ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى ولا للصرع
6-يقول القرطبي (توفي سنة 671هـ): "وفي هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان، ولا يكون منه مس"
هذا كلام صريح فى تلبس الجنى لجسم الإنسى
7-يقول النسفي (توفي سنة 701هـ): "لا يقومون إذا بعثوا من قبورهم (إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان( أي المصروع والخبط: الضرب على غير استواء، كخبط الغشواء،(من المس( من الجنون أي لا يقومون من المس الذي كان بهم إلا كما يقوم المصروع"
ليس فى كلام النسفى أى لفظ يشير لجسم الإنسان أو الجنى وإنما الحديث على الشيطان والصرع
8- يقول أبو حيان الأندلسي (توفي سنة 754هـ): "وظاهر الآية أن الشيطان يتخبط الإنسان، فقيل ذلك حقيقة هو من فعل الشيطان، بتمكين الله تعالى له من ذلك في بعض الناس، وليس في العقل ما يمنع ذلك، وأصله من المس باليد، كان الشيطان يمس الإنسان فيجنه، ويسمى الجنون مساً، كما أن الشيطان يخبطه ويطأه برجله فيخبله، فسمي الجنون خبطة وهو على سبيل التأكيد ورفع ما يحتمله من المجاز"
ليس فى كلام الأندلسى أى لفظ يشير لجسم الإنسان أو الجنى وإنما الحديث على الشيطان والخبط
9-يقول بن جزي الكلبي (توفي سنة 741هـ): "أجمع المفسرون أن المعنى لا يقومون من قبورهم في البعث إلا كالمجنون، ويتخبطه يتفعله من قولك: خبط يخبط، والمس: الجنون" وما قاله حق، فلمْ يخالف في ذلك أحد من المفسرين"
ليس فى كلام الكلبى ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى ولا للصرع
10-يقول ابن كثير (توفي سنة 774هـ): "أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له، وذلك أنه يقوم قياماً منكراً"
ليس فى كلام ابن كثير ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى
11-يقول الألوسي (توفي سنة 1270هـ): "الذين يأكلون الربا لا يقومون يوم القيامة إلا قياماً كقيام المتخبط المصروع في الدنيا، (من المس( أي: الجنون، يقال مُسَّ الرجل فهو ممسوس إذا جُنَّ، وأصله اللمس باليد، وسُمي به لأن الشيطان قد يمس الرجل وأخلاطه مستعدة للفساد فتفسُد، ويحدث الجنون، والجنون الحاصل بالمس قد يقع أحياناً، وله عند أهله الحاذقين إمارات يعرفونه بها، وقد يدخل في بعض الأجساد على بعض الكيفيات ريح متعفن تعلقت به روح خبيثة بالتصرف، فتتكلم وتبطش وتسعى بآلات ذلك الشخص الذي قامت به من غير شعور للشخص بشيء من ذلك أصلاً"
هنا كلام صريح عن تلبس الجنى للإنسى
12- يقول محمد الطاهر بن عاشور (توفي سنة 1284هـ) :"والذي يتخبطه الشيطان هو المجنون الذي أصابه الصرع، فيضطرب به اضطرابات، ويسقط على الأرض إذا أراد القيام وإنما احتيج إلى زيادة قوله (من المس( ليظهر المراد من تخبط الشيطان، فلا يُظن أنه تخبط مجازي بمعنى الوسوسة"
ليس فى كلام ابن كثير ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى وإنما للشيطان
13- يقول سيد قطب (توفي سنة 1965هـ): "إن صورة الممسوس المصروع صورة معروفة معهودة عند الناس، والنص القرآني يستحضرها لتؤدي دورها الإيجابي في إفزاع حس الإنسان المرابي واستجاشة مشاعره"
ليس فى كلام سيد قطب ما يشير لبدن الإنسى ولا للجنى ولا حتى للشيطان
من بين13 نقل من التفاسير لا يوجد سوى نقلين فقط اعترف أصحابهم بتلبس الجنى لجسم الإنسى بينما الأحد عشر لم يتكلموا عن ذلك بأى لفظ وتركوا المسألة دون تناول لها
وزعم صالح أنه لا يعرف منكرا للتلبس الجسمى سوى المعتزلة وهو قوله:
"ولم أر مخالفاً لذلك إلا المعتزلة أو من مسته لوثة اعتزالية، وخاصة الذين نقلوا أقوال الزمخشري المعتزلي صاحب تفسير الكشاف دون نقد أو تمحيص"
وبعد هذا ذكر صالح ما ظن أنه أدلة من الروايات الحديثية على حكاية التلبس المزعومة فقال:
"ب-الأدلة من السنة النبوية المطهرة:
"وأذكر هنا طائفة من الأحاديث الصحيحة التي تدل صراحة على صحة هذا الاعتقاد الذي ذهب إليه أهل السنة والجماعة ومن ذلك:
1- ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود عن صفية بنت حيي زوج النبي( قالت: "كان النبي ( معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت لأنقلب، فقام ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي ( أسرعا، فقال النبي (: "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: "سبحان الله يا رسول الله! فقال(: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً، أو شيئاً"
الحديث يتحدث عن الشيطان وليس عن الجنى لكون الشياطين إنس وجن كما قال تعالى ""وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن"
2- ما أخرجه ابن ماجه وابن أبي عاصم وغيرهما عن عثمان بن أبي العاص قال: "لما استعملني رسول الله على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك رحلت على رسول الله فقال: ابن العاص؟ قلت نعم يا رسول الله، قال: ما جاء بك؟ قلت: يا رسول الله عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي، قال: ذاك الشيطان، أدنه، قال: فدنوت منه، فجلست على صدور قدمي، قال: فضرب صدري بيده وتفل في فمي، وقال: اخرج عدو الله، ففعل ذلك ثلاث مرات، ثم قال: الحق بعملك، فقال عثمان: فلعمري ما أحسبه خالطني"
الحديث صحيح الإسناد، فرجاله ثقات وإسناده صحيح قاله البوصيري، وصححه الحاكم في المستدرك، ومحمد ناصر الدين الألباني، والأستاذ بشار معروف ودلالة الحديث على تلبس الجن بالإنسان ظاهرة، فقوله(: "اخرج عدو الله" تدل على وجود الشيطان داخل بدن الإنسان، فلذا أمَرَه عليه الصلاة والسلام بالخروج منه"
رغم كون الرواية روتها كتب الروايات الضعيفة والمنكرة فإنه ليس فيها دليل على وجود جنى لأن الرواية تحدثت عن الشيطان كما أن البصق فى فم الرجل هو فعل لا يفعله الرسول(ص)الذى يحث عن الطهارة ويعرف أن اللعاب المبصوق ينقل الأمراض
زد على هذا أى ولى أمر هذا الذى يترك ما ولاه النبى (ص)من أمر المسلمين ويسير عدة أيام تاركا ثغر ما زال جديدا من ثغور المسلمين ؟
بالقطع هذا ليس من الأمور المعقولة ولا المقبولة
3- ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والطبراني والحاكم عن أبي اليسر كعب بن عمرو السَّلمي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله ( يقول: "اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم، والغرق والحريق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً وأعوذ بك أن أموت لديغاً"فقوله عليه الصلاة والسلام: "أن يتخبطني" فيه دلالة واضحة على المس الحقيقي يقول ابن الأثير: (يتخبطني) تخبطه الشيطان إذا صرعه ولعب به وجاء في لسان العرب: التخبط من الشيطان: إذا مسَّ الإنسان بخبل أو جنون واستدل بهذا الحديث على إثبات صرع الشيطان للإنسان غير واحد من أهل العلم
والحديث صحيح الإسناد، صححه الحاكم ووافقه الذهبي والشيخ محمد ناصر الدين وقال الشيخ عبد القادر الأرناؤوط: وإسناده حسن وصححه محققو سنن أبي داود"
لا يوجد دليل فى الحديث على وجود جنى ولا على التلبس فالحديث يتحدث عن الشيطان وكلمة التخبط ليست دليلا على الدخول فى البدن
4- ما رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان رسول الله إذا قام من الليل كبَّر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول: الله أكبر كبيراً ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه ونفثه" والحديث صحيح الإسناد، فلقد صحح رواية الترمذي أحمد شاكر محقق سنن الترمذي وصحح الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رواية كل من أبي داود والترمذي وقال الدكتور محمد مصطفى الأعظمي في تعليقه على رواية ابن خزيمة عن أبي سعيد الخدري: "وسنده جيد"وقال الأستاذ الأرناؤوط تعليقاً على رواية أبي داود لحديث جبير بن مطعم: "وللحديث شواهد بمعناه يرتقى بها إلى درجة الصحة"
لا يوجد دليل فى الحديث على وجود جنى ولا على التلبس فالحديث يتحدث عن الشيطان
5- وما أخرجه أحمد والهيثمي والطبراني وابن عبد البر وغيرهم عن يعلى بن مرة رضي الله عنه قال: "لقد رأيت من رسول الله ثلاثاً ما رآها أحد قبلي ولا يراها أحد بعدي، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها، فقالت يا رسول الله هذا صبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء، يؤخذ في اليوم ما أدري كم مرة، قال: ناولينه، فرفعته إليه، فجعلته بينه وبين واسطة الرَّحل ثم فغر فاه فنفث فيه ثلاثاً، وقال: بسم الله، أنا عبد الله، اخسأ عدو الله، ثم ناولها إياه، فقال: ألقينا في الرجعة في هذا المكان فأخبرينا ما فعل، قال: فذهبنا، ورجعنا، فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث، فقال (: ما فعل صبيك؟ فقالت: والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئاً حتى الساعة، فاجترر هذه الغنم، قال: انزل فخذ منها واحدة ورُدَّ البقية"
…ولقصة الصبي التي رواها يعلى بن مرة رضي الله عنه عدة شواهد، منها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله في سفر -قال كلاماً طويلاً- ثم ذكر: أن امرأة جاءت بابن لها وقالت: يا رسول الله إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرات لا يدعه، فوقف رسول الله فتناوله فجعله بينه وبين مقدمة الرحل، فقال: اخسأ عدو الله، أنا رسول الله، وأعاد ذلك ثلاث مرات، ثم ناولها إياه، فلما رجعنا وكنا بذلك الماء عرضت لنا تلك المرأة ومعها كبشان تقودهما والصبي تحمله، فقالت: يا رسول الله اقبل مني هديتي، فوا الذي بعثك بالحق ما عاد إليه بعد، فقال رسول الله خذوا أحدهما وردُّوا الآخر"
…والحديث صحيح الإسناد، ويحتج به -كما هو واضح في تخريجه بالهامش- ووجه الدلالة في الحديث واضحة، فقول الراوي "ثم فغر فاه، فنفث فيه ثلاثاً" ثم قوله ( "بسم الله، أنا عبد الله اخسأ عدو الله" دليل على أن الصبي كان يعاني المسّ الشيطاني الذي سبب له بلاء وغماً
الروايتان بينهما تناقضات الأول أن الرسول(ص) ومن معه هم من مروا بالمرأة كما تقول الرواية" أن مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها" وهو ما يناقض ان المرأة هى التى أتت إليهم فى قول الرواية الثانية " امرأة جاءت بابن لها" الثانى أن الولد كان بين النبى (ص) ووسط الرحل فى قول الرواية الأولى "فتناوله فجعلته بينه وبين واسطة الرَّحل "وفى الثانية فى مقدمة الرحل فى قولها"فتناوله فجعله بينه وبين مقدمة الرحل" الثالث أن المرأة كان معها 3شياه فى قول الرواية الأولى " فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث" وهو ما يعارض كونهما كبشان2 فى قول الرواية الثانية "عرضت لنا تلك المرأة ومعها كبشان تقودهما"
وأيضا ليس فى الرواية الأولى أى حديث عن جنى ولا إنسى ولا حتى شيطان والثانية الحديث فيها فقط عن وجود شيطان ومن ثم فلا دليل فيهما على شىء
6- ما رواه البخاري ومسلم عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس:" ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك؟ فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها"
لا يوجد أى لفظ فى الرواية يدل على جنى ولا شيطان ولا دخول جسم ومن ثم فهى لا تصلح للاستدلال على شىء
المضحك أن صالح جعل حكايات الكتب دليل مشاهدة حسية على وجود التلبس فقال:
"ج- دليل الحسّ والمشاهدة:
إن سلوك الجن في بدن الإنسان وصرعه له ونطقه على لسان المصروع أمر مشاهد محسوس، تكاد حوادثه تقع في كل عصر ومصر، ويعد منكره معانداً مكابراً للمشاهدة والمحسوس، وأخبار ذلك كثيرة جداً، شاهدها ورواها العلماء الثقات المشهورون بعلمهم وتقواهم، مما يوجب معه القطع بهذا الاعتقاد وأنقل هنا طائفة من أقوال العلماء وما جرى لبعضهم من مشاهدات"
ثم نقل الرجل روايات عدة عن أحمد بن حنبل وابن حزم الظاهرى وغيرهم نذكر منها واحدة فقط وهى :
"جاء في كتاب "طبقات الحنابلة"(64) للقاضي أبي الحسين بن أبي يعلى الفداء: أن الإمام أحمد بن حنبل كان يجلس في مسجده فأنفذ إليه الخليفة العباس المتوكل صاحباً له يعلمه أن جارية بها صرع، وسأله أن يدعو الله لها بالعافية، فأخرج له أحمد نعلي خشب بشراك من خوص للوضوء فدفعه إلى صاحب له، وقال له: امض إلى دار أمير المؤمنين وتجلس عند رأس الجارية وتقول له، يعني الجن: قال لك أحمد: أيما أحب إليك تخرج من هذه الجارية أو تصفع بهذه النعل سبعين فمضى إليه، وقال له مثل ما قال الإمام أحمد، فقال له المارد على لسان الجارية: السمع والطاعة، لو أمرنا أحمد أن لا نقيم بالعراق ما أقمنا به، إنه أطاع الله، ومن أطاع الله أطاعه كل شيء، وخرج من الجارية وهدأت ورزقت أولاداً، فلما مات أحمد عاودها المارد، فأنفذ المتوكل إلى صاحبه أبي بكر المروذي وعرفه الحال، فأخذ المروذي النعل ومضى إلى الجارية، فكلمه العفريت على لسانها: لا أخرج من هذه الجارية ولا أطيعك ولا أقبل منك، أحمد بن حنبل أطاع الله، فأمرنا بطاعته
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: إن قوماً يقولون: إن الجن لا يدخل في بدن المصروع من الإنس، فقال: يا بني يكذبون، وهو ذا يتكلم على لسانه"
بالقطع حكايات الكتب ينطبق عليها القول شاهد لم ير شيئا فهى مجرد حكايات تروى للنصب على الناس إما للحصول على أموالهم وإما للحصول على مكانة فى قلوب العامة أن القوم قادرون ومن أهل الخطوة وزاد الرجل كلامه عن المعالجين الحاليين فقال:
"ومن أدلة الحس والمشاهدة على دخول الجن بدن الإنسان وتسببه له بالصرع ونحوه من الأمراض أن كثيراً من العلماء والمشايخ المعاصرين المشهورين قاموا بمعالجة مرضى المس الشيطاني بالطرق الشرعية، ومنها قراءة القرآن على المصروع، ومن هؤلاء الشيخ أحمد القطان والدكتور عبد الله عزام، والشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية والشيخ محمد الصايم من علماء الأزهر الشريف والشيخ وحيد الدين بالي"
وهو كلام ليس دليلا فلا أحد رأى شيئا ولا يوجد أجهزة علمية كالمصورات سجلت تلك العمليات صوتا وصورة وأظهرت لنا جنا يخرج ولا شىء
العملية كما قلنا ليست سوى دجل يضحك به على العامة وعندما نطالب بدليل علمى محسوس يقال لك أنك ليس فى قلبك نور حتى ترى ما يراه الجهابزة أولياء الله وهو رد غير علمى
بعد ذلك تحدث صالح عن المنكرين للتلبس فقال:
المنكرون لدخول الجن بدن الإنسان وصرعه له:
…ذهب كل من الجهمية والمعتزلة وهشام بن الحكم الرافضي وأبي بكر الرازي إلى القول بعدم قدرة الجن على التأثير في بدن الإنسان وصرعه له وقد تبعهم في ذلك الإنكار بعض المنتسبين إلى أهل السنة، فمن الأقدمين: محمد بن علي القفال الشافعي المذهب، والبيضاوي وأبو السعود وكلاهما من أصحاب التفاسير الذين اختصروا كتاب الكشاف للزمخشري المعتزلي، ومن المحدثين الشيخ محمود شلتوت، والشيخ طنطاوي جوهري والشيخ أحمد مصطفى المراغي، والشيخ محمد الغزالي"
ثم ذكر الرجل أدلة المنكرين فقال:
"وأذكر هنا طائفة من أقوال المنكرين وأدلتهم في ذلك، ثم أتناولها جميعاً بالمناقشة والنقض
أولاً: من أقوال المنكرين:
يقول الزمخشري المعتزلي في تفسيره لآية البقرةإلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس( يقول: "وتخبط الشيطان من زعمات العرب، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع فورد على ما كانوا يعتقدون، والمس الجنون، ورجل ممسوس، وهذا أيضاً من زعماتهم وأن الجني يمسه فيختلط عقله، وكذلك جن الرجل معناه ضربته الجن، ورؤيتهم لهم في الجن قصص وأخبار وعجائب، وإنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات"
* ….أنكر القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي قدرة الشيطان على صرع الإنسان، وذهب إلى أن مس الشيطان هو في الوسوسة فقط يقول: "إن مس الشيطان إنما هو في الوسوسة كما قال تعالى في قصة أيوب (مسني الشيطان بنصب وعذاب( سورة ص: 31، كما يقال فيمن تفكر في شيء يغمه قد مسه التعب، وبين ذلك قوله في صفة الشيطان (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي( سورة إبراهيم: 22، ولو كان يقدر على الخبط لصرف همته إلى العلماء والزهاد وأهل العقول، لا إلى من يعتريه الضعف، وإذا وسوس ضعف قلب من يخصه بالوسوسة، فتغلب عليه المرة، فيتخبط كما يتفق ذلك في كثير من الإنس إذا فعلوا ذلك بغيرهم"
وقد اكتفينا بنقل أقوال اثنين لأن كلام البقية بنى على نفس الكلام الاثنين ومن ثم لا فائدة من نقل كلام بقيتهم التى نقلها صالح فى الكتاب ثم ذكر الرجل أدلة المنكرين فقال:
ثانياً: أدلة المنكرين:
استدل المنكرون على ما ذهبوا إليه بما يلي:
أ- قوله تعالى: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي( سورة إبراهيم: 22قالوا: الآية صريحة في أنه ليس للشيطان قدرة على الصرع والإيذاء والقتل، وأن الله تعالى لم يجعل له سبيلاً على الناس إلا أن يوسوس في صدورهم
ب- إن الشيطان إما أن يكون جسماً كثيفاً وإما أن يكون جسماً لطيفاً، فإن كان جسماً كثيفاً فلا بد أن يُرى ويشاهد، وهو لا يرى، ولو كان كثيفاً لا يمكنه دخول بدن الإنسان، وإن كان جسماً لطيفاً كالهواء فمثل هذا يمتنع أن يكون فيه قوة وصلابة، وبالتالي يستحيل أن تكون لديه قدرة على أن يصرع الإنسان ويقتله
ج- لو كانت للشيطان قدرة على الصرع، فمعنى ذلك أنه أتى مثل معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا يجر إلى القدح في النبوة
د- لو كان الشيطان قادراً على الصرع، فلماذا لا يصرع جميع المؤمنين ويصرف همته إلى العلماء والزهاد وأهل العقول مع شدة عداوته لهم، ولماذا لم يغصب أموالهم، ويفسد أحوالهم، ويفشي أسرارهم، ويزيل عقولهم؟ وكل ذلك ظاهر الفساد
هـ- لو كان الشيطان يقدر على دخول بدن الإنسان فلماذا لم يشك الكفار المعاصرون من احتلال الجن لأجسامهم؟
هذه هى أدلة المنكرين فى رأى صالح,اما مناقشة صالح لها فهى:
ثالثاً: إبطال أدلة المنكرين:
...يمكن إبطال أدلة المنكرين من عدة وجوه
الوجه الأول:
إن المنكرين من المنتسبين لأهل السنة والجماعة خالفوا في تفسيرهم لآية البقرة ما ذهب إليه أئمة وعلماء أهل السنة والجماعة، وسلكوا منهج المعتزلة الذين يقدمون العقل على النقل في إثبات العقيدة وتقريرها، والمعتزلة معروفون عند أهل السنة بأنهم من الفرق المبتدعة الضالة يقول الشيخ محي الدين شيخ زاده في حاشيته على تفسير البيضاوي: "ولو حمل المصنف رحمه الله تخبط الشيطان ومسَّه على ظاهرهما بناءً على ما ذهب إليه أهل السنة، من أن لهم تعرضاً لبعض الإنسان وتأثيراً في بعض أجسامهم لكان أحسن"
…ولقد أحسن أبو البركات النسفي الذي اختصر تفسيره من تفسيري الزمخشري المعتزلي والبيضاوي ، وترك ما فيه من الاعتزالات، وسلك فيه مذهب أهل السنة والجماعة، وفسَّر الآية على نحو ما فسَّرها أئمة التفسير منهم"
لم يناقش صالح أى شىء من الأدلة هنا مكتفيا بذكر خلاف الفريقين وأن أهل السنة أفضل من المعتزلة الفسدة متناسيا علماء السنة المنكرين كالمعتزلة
الوجه الثاني:
…إن الزعم بأن تخبط الشيطان للإنسان من زعمات العرب، وأن القرآن الكريم قد حكى ما كانوا يعتقدون إن هذا الزعم باطل لما يلي:
- كونه من ضلالات المعتزلة التي نسجوها وفق قواعدهم التي بمقتضاها يؤولون القرآن الكريم على غير ظاهره، وظواهر النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية تؤكد أن هذه تبقى على حقائقها واقعة كما أخبر الشرع يقول الإمام أحمد بن المنير: "وهذا القول على الحقيقة من تخبط الشيطان بالقدرية في زعماتهم المردودة بقواطع الشرع"، وذكر رحمه الله تعالى أحاديث نبوية تفيد أذية الجن للإنسان، ثم قال: "واعتقاد السلف وأهل السنة أن هذه أمور على حقائقها واقعة كما أخبر الشرع عنها وإنما القدرية خصماء العلانية، فلا جرم أنهم ينكرون كثيراً مما يزعمون مخالفاً لقواعدهم من ذلك السحر، وخبطة الشيطان، ومعظم أحوال الجن فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون"، ويقول الألوسي بعد أن تحدث عن المس الشيطاني للإنسان: "واعتقاد السلف وأهل السنة أن ما دلت عليه أمور حقيقية واقعة كما أخبر الشرع عنها، والتزام تأويلها كلها يستلزم خبطاً طويلاً لا يميل إليه إلا المعتزلة ومن حذا حذوهم، وبذلك ونحوه خرجوا عن قواعد الشرع القويم"
نفس الكلام السابق نقل بلا مناقشة للأدلة فهو ينقل سب الرجل للمعتزلة والقدرية وهو ما لا يصلح لنفى الأدلة
ثم قال صالح:
- إن حمل نصوص القرآن الكريم على موافقة معتقدات العرب الباطلة، وإقرار القرآن الكريم لها من غير نكير وإبطال لها أمر خطير يفتح للزنادقة والملاحدة باباً يلجون منه إلى إنكار العقائد الدينية بحجة أنها وردت حسب اعتقادات العرب الباطلة، وأنها واردة على سبيل التمثيل والتخييل"
هذا الكلام يصلح للرد على قول الزمخشرى بكون كلام القرآن يراعى معتقدات العرب الكفار وقد نقل صالح نقوى تكرر نفس الكلام لم نر داعيا لذكرها
وذكر الرجل مناقشة الدليل الأول للمنكرين فقال:
الوجه الثالث:
وأما قولهم بأن الشيطان ليس له قدرة على الصرع والإيذاء ولم يجعل الله له سبيلاً على الناس إلا أن يوسوس في صدورهم استدلالاً بقول الله تعالى: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي (سورة إبراهيم: 22فيردُّ عليه بما يلي:
أ-إن السلطان المنفي في الآية الكريمة إنما هو القهر والإلجاء إلى متابعته، أو الحجة والبرهان، وليس هو التعرض للإيذاء النفسي والبدني، فهذا حاصل للإنسان من قبل الشيطان، فيكون معنى قوله تعالى: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي(: وما كان لي من تسلط عليكم بإظهار الحجة والبرهان على ما وعدتكم به وزينته لكم إلا أن دعوتكم وأغويتكم بوسوستي وتزييني فأطعتموني واستجبتم لي باختياركم بلا برهان ولا حجة دون أن أقهركم على ذلك"
وهو رد لا يصلح فالمنفى ليس القهر وإنما المنفى كل سلطان عدا سلطان الكلام وهو الدعوة ولو قال الرجل ومن معه أن قول الشيطان لا يصلح كدليل فى القرآن لكونه الكاذب الأول والأكبر لكان أصلح ثم أكمل الرجل كلامه فقال ك
"ب- إن أذى الجن للإنسان ثابت بالدليل السمعي والدليل الحسي، والعقل لا يحيل ذلك، بل يجيزه، ولولا المعقبات من الملائكة التي كلفها الله تعالى حفظ الإنسان لما نجا أحد من الشياطين، وذلك لعدم رؤية الإنسان لهم، ولقدرتهم على التشكيل والتحول بسرعة، ولأن أجسامهم من اللطافة بحيث لا نشعر بها ولا نحس
…ولقد جاء في الأحاديث الصحيحة ما يدل على أن الشيطان له قدرة على الإيذاء الحسي البدني، ومن ذلك: قتل الجني لفتى من المسلمين في عهد رسول الله ، ومحاولته لقطع الصلاة على رسول الله وخنقه عليه الصلاة والسلام له ومجيء الشيطان للرسول عليه السلام وهو في الصلاة بشهاب من النار ليجعله في وجهه ونخس الشيطان للمولود فيستهل صارخاً من هذه النخسة، وسرقته للطعام ونحوه من المسلمين"
وما قاله ىصالح عن الدليل الحسى هو تخريف فلا دليل من الواقع لأنه لا احد شاهد ولا سمع جنى ولا أحس بها وأما ما ذكره من سمعيات تتمثل فى روايات لا يمكن مناقشة صحتها من بطلانها هنا ولكنها لا تصلح كدليل على التلبس فقتل الجني لفتى من المسلمين في عهد رسول الله نفى للنلبس فلو كان قادرا على اضلاله ما قتله وأما محاولته لقطع الصلاة على رسول الله وخنقه عليه الصلاة والسلام له فلا يوجد فيه شىء يدل على دخوله جسم بل الإنسى هو من أدخل يده فى جسمه ,اما مجيء الشيطان للرسول عليه السلام وهو في الصلاة بشهاب من النار ليجعله في وجهه فلا يدل على دخول جسم لأنه لو كان قادرا على الدخول ما أراد غشعال النار فى ذلك الجسم بنار وأما نخس الشيطان للمولود فيستهل صارخاً من هذه النخسة فهو لا يدل على دخول وإنما لمس من الخارج للجسم وأما سرقته للطعام ونحوه من المسلمين فليس دليل على دخول جسم لأنه سرق طعام
أتكلم هنا وكأنى مصدق لتلك الروايات التى تتعارض مع القرآن وأن عالم الغيب ومنه الجن منفصل تماما عن عالم الظاهر الذى يعيش فيه الناس البشريين
ثم ناقش الرجل دليل من أدلة القوم فقال :
"الوجه الرابع:
إنَّ قولهم بأن الجن أجسام لطيفة ليس فيها قوة وصلابة فلا تقدر على صرع الإنسان وقتله فباطل: لأنه لم يدل دليل عقلي ولا نقلي على امتناع ذلك، وقدَّمنا الأدلة من الحديث الشريف التي تثبت قدرته على ذلك، ثم إن الجن له قدرة وسرعة على التحول والتشكل بإذن الله تعالى في صور كثيرة والتيار الكهربائي يضعف الإنسان ويقتله بمجرد لمسه للأسلاك الساري فيها التيار لا لقوته وصلابته بل لخواص أخرى يتميز بها، وإذا كان للجن قدرة على دخول أبدان الناس -كما بينا سابقاً- فإن إيذاء الجن للإنسان من داخل نفسه لا يحتاج إلى قوة وصلابة، بل ثبت أن أضعف المخلوقات من الجراثيم والفيروسات والميكروبات يسبب للإنسان إيذاءً قد لا يقدر على دفعه، بل وقد يكون فيه هلاكه وحتفه ثم إن دقة تركيب الدماغ والجهاز العصبي لدى الإنسان تجعل من السهولة إحداث خلل كبير فيه يؤدي إلى الصرع من دخول جسم الجن اللطيف فيه وتمكنه منه وقد نقل أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة قولهم: أنه يجوز أن يدخل الجن في الناس، لأن أجسام الجن رقيقة، وليس بمستنكر أن يدخلوا في جوف الإنسان من خروقه كما يدخل الماء والطعام في بطن الإنسان، وهو أكثف من أجسام الجن"
مناقشة غير مجدية فالفريقان يتكلمان عن شىء غيبى هو الجن لم يره أحد منهم ولم يذهب إلى عالمهم أحد ومن ثم فالكلام عن اللطافة والكثافة والرقة هو ضرب من العبث والكلام الذى ليس عليه دليل خاصة مع قوله تعالى "وخلق الجان من مارج من نار" والنار قد تكون من الشجر كما قال تعالى ""الذى جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون" فالنار تطلق على الوقود الشجرى كما قال تعالى "النار ذات الوقود"وطبقا لهذا الكلام فقد يكون الجن بقايا الخشب الوقودى وهو ما يسمى تراب الحريق ومن ثم فالكلام عن الرقة واللطافة يكون ضرب من الخيال
ثم ناقش صالح دليل أخر من أدلة المنكرين فقال :
"الوجه الخامس:
وأما القول بأن الشيطان إذا كانت له قدرة على الصرع فمعنى ذلك أنه أتى مثل معجزات الأنبياء، وهذا قدح في النبوة فباطل، وبيان ذلك: أن أهل الضلال والبدع تظهر على أيديهم خوارق شيطانية، ومن هؤلاء السحرة والكُهان، وهذا ثابت بالحس والمشاهدة، ولم يؤد ذلك إلى الطعن في النبوة وإبطال المعجزة، والمساواة في الحد والحقيقة بين معجزات الأنبياء وأفعال السحرة والمشعوذين أمر معلوم الفساد بالضرورة من دين الإسلام "
الكلام تناسى شىء مهم وهو لماذا لو كانت القدرة على التلبس حق فلماذا يصاب بها فريق قليل من الناس ولا يصاب بها البعض الأخر؟
وهل من العدل أن يجن البعض ولا يجن الكل ؟
بالقطع هذا الكلام لن يرد عليه أحد لأنه اتهام لله بالظلم وهو قد تعالى عن ذلك علوا كبيرا
ثم ناقش الرجل دليلا فقال:
"الوجه السادس:
إن قول المنكرين صرع الجن للإنسان بأنه لو كان قادراً على ذلك، لصرع جميع المؤمنين، ولصرف همته إلى العلماء والزهاد، ولسرق أموالهم وأفسد أحوالهم، باطل لما يلي:
إن الشيطان يصرع ويؤذي من شاء الله تعالى له ذلك، فلا يستقل في الفعل بإرادته ومشيئته، فالأمر كله بيد الله عز وجل، فمن شاء الله تعالى له الضرَّ أضره الشيطان، كما أنه يضل ويغوي من شاء الله تعالى له الضلال والغواية ..."
التسوية بين الإمراض وبين الغواية أمر ليس صحيح فهذا مرض جسمى وهذا مرض نفسى يكون بإرادة صاحبه والإمراض ليس بإرادة صاحبه
والغريب أن الرجل يستدل بأقوال النصارى واليهود وغيرهم على صحة الأمر فيقول:
"ولقد توفرت الأدلة الكثيرة على وجود نسبة كبيرة من هؤلاء المرضى، فكثير من نزلاء مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية هم صرعي الجن الذين تلبسوا أجسامهم ولقد أفرد رياض مصطفى العبد الله أسماء وقصص عدد من المصروعين والملبوسين من الغربيين وغيرهم في كتاب له سماه "المسكونين بالشياطين" ونقل الأستاذ عبد الرزاق نوفل في كتابه "عالم الجن والملائكة" عن عدد من أطباء الغرب ثبوت دخول الجن بدن الإنسان، وأن ألوفاً من الناس يعانون في الوقت الحاضر من هذا المرض وذكر الأستاذ محمد فريد وجدي أن الأستاذين الشهيرين في أوروبا: ريتشارد هودس، وجيمس هيزلوب قد نشرا بحثاً علمياً في كتاب جاء فيه: "إن عدداً عديداً من المجانين الذين يحبسون في البيمارستانات (مستشفيات المجانين) ليسوا بمصابين بأمراض عقلية، بل مملوكون لأرواح قد استولت عليهم واستخدمتهم" وأيضاً فإن هناك الكثير من الأطباء الأوروبيين الذين تحدثوا عن مرض المس الشيطاني، ويسمونه المس الروحي أو الروحاني، وينسبونه إلى أرواح خبيثة استحوذت على الشخص المريض وعملت على إيذائه
إن أئمة الطب قديماً كانوا يقرّون بمرض المس الشيطاني، ذكر ابن قيم الجوزية رحمه الله أن أئمة أطباء اليونان -وعلى رأسهم بقراط- يقرون بصرع الجن للإنسان"
والأغرب أن يستدل بما جاء فى كتب الكفار الدينية فيقول:
إن معتقدات الأوروبيين وغيرهم من النصارى توجب عليهم الإيمان بتلبس الجن لأجسام بعض الناس، فالكتاب المقدس عندهم أثبت الصرع الشيطاني، وتروي الأناجيل قصصاً كثيرة تفيد أن المسيح عليه السلام قد شفي على يديه كثير من المرضى، وأنه أخرج الشيطان من كثيرين أصيبوا بالمس والصرع ومن ذلك: ما جاء في إنجيل متى: "وفيما هما خارجان إذ إنسان أخرس مجنون قدّموه إليه، فلما أخرج الشيطان تكلم الأخرس، فتعجب الجموع قائلين: لم يظهر قط مثل هذا في إسرائيل"(141)
-ما جاء في إنجيل لوقا: "وكان في المجمع رجل به روح شيطان نجس، فصرخ بصوت عظيم آه ما لنا لك يا يسوع الناصري، أتيت لتهلكنا أنا أعرفك من أنت: قدوس الله فانتهره يسوع قائلاً اخرس وأخرج منه، فصرعه الشيطان في الوسط، وخرج منه ولم يضره شيئاً"(142)
-ما جاء في إنجيل مرقس: "ولمَّا صار المساء، إذ غربت الشمس، قدمَّوا إليه جميع السُّقماء والمجانين، وكانت المدينة كلها مجتمعة على الباب، فشفي كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة، وأخرج شياطين كثيرة، ولم يدع الشياطين يتكلمون لأنهم عرفوه"
وبالقطع عقائد الكفار لا تصلح نصوصها عندهم كأدلة عندنا وإلا أصبح مثلا المسيح(ص) إلها عندنا طبقا لها وأصبح صلبه وتعذيبه عقيدة لنا بناء على نفس القول
وحتى لا نترك الموضوع دون إكمال نذكر الأدلة على عدم دخول الجنىى جسم الإنسان وهى :
قوله تعالى فى سورة النحل :
"إنه ليس له سلطان على الذين أمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون"
هنا لا سلطان للشيطان وهو الجنى عند المقرين بالتلبس على المؤمنين ومن ثم لو كان هناك تلبس لحدث للكفار وحدهم لأن سلطانه على الكفار كما فى الآية وهو ما فسره قوله تعالى بسورة الزخرف "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين"
فالعاش وهو المعرض عن طاعة الله أى الرحمن هو من معه الشيطان
"الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس "وضح الله لنا أن الذين يأكلون الربا وهم الذين يأخذون الزيادة على الدين جبرا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس والمراد لا يفعلون إلا كما يفعل الذى توجهه الشهوة وهى هوى النفس بالوسوسة والسبب أنهم قالوا :إنما البيع وهو التجارة مثل الربا وهو أخذ الزيادة على الدين جبرا لحاجة المدين فهم يحلون الربا باعتباره كالتجارة وقد فسر الله التخبط الشيطانى بكون مس طائف من الشيطان اى وسواس بقوله فى سورة الأعراف :
"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون"فهنا وضح الله لنبيه(ص)أن الذين اتقوا أى أطاعوا حكم الله إذا مسهم طائف من الشيطان أى إذا أصابهم وسواس من الشهوات والمراد إذا فعلوا ظلما بسبب تمكن وسواس الشهوات منهم تذكروا أى علموا الحق فإذا هم مبصرون أى مستغفرون مصداق لقوله بسورة آل عمران"الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم"وهذا يعنى أنهم يتوبون فيعودون لطاعة الحق
وأما الشيطان فهو الضرر أى المرض فى قوله تعالى فى سورة ص:
"واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب " فهناطلب الله من نبيه (ص)أن يذكر أى يحكى للناس قصة عبده وهو مملوكه أى مطيع دينه أيوب (ص)إذ نادى ربه والمراد وقت دعا خالقه :ربى أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب والمراد إلهى أنى أصابنى المؤذى بضر أى ألم مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر"وقد سمى سبب المرض شيطانا لأنه أبعده عن الصحة وهى السلامة وليس المراد إبليس وإنما المراد الشىء المسبب للمرض
ولو كانت الجن تملك قدرة على أذى الإنسان لأذوا سليمان(ص) الذى عملوا تحت يديه وولم يستطع واحد منهم الهرب منه وفى هذا قال تعالى بسورة سبأ "فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين"
والشياطين ليسوا كلهم جن فقد جعل الله لكل نبى عدو هو الشياطين وهم من الإنس والجن وكل نوع منهم يوحى لأفراد نوعه زخرف أى باطل القول ليضل كل منهم عن سبيل الله وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا "وينقسم أهل جهنم للجنة وهم الجن والناس وهم البشر وفى هذا قال تعالى بسورة هود "وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين".
كما أن الجن مثل الإنس يوسوس لكل منهم الوسواس وهو القرين أى الشهوات أى الهوى الضال وهو يوسوس لهم بكل نوع من أنواع الشر وفى هذا قال تعالى بسورة الناس
"قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس "
مواضيع مماثلة
» قراءة فى كتاب أحكام الذكاة الشرعية
» قراءة فى كتاب إثبات أن الحنان صفة من صفات الله
» قراءة فى كتاب أثر إختلاف الدار على العقوبات الشرعية
» قراءة فى بحث استدلالات أصولية في إثبات جواز الإضرابات والاعتصامات
» نقد كتاب إثبات أن الحنان صفة من صفات الله
» قراءة فى كتاب إثبات أن الحنان صفة من صفات الله
» قراءة فى كتاب أثر إختلاف الدار على العقوبات الشرعية
» قراءة فى بحث استدلالات أصولية في إثبات جواز الإضرابات والاعتصامات
» نقد كتاب إثبات أن الحنان صفة من صفات الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى