سورة النساء 5
صفحة 1 من اصل 1
سورة النساء 5
"وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا "المعنى وإذا سعيتم فى البلاد فليس عليكم عقاب أن تمتنعوا عن الصلاة إن خشيتم أن يردكم الذين كذبوا عن دينكم إن الكاذبين كانوا لكم كارها معروفا ،يبين الله للمؤمنين أنهم إذا ضربوا فى الأرض والمراد إذا سافروا فى البلاد فليس عليهم جناح أى عقاب إن فعلوا التالى :قصروا من الصلاة أى امتنعوا عن أداء الصلاة وهى طاعة أحكام الإسلام وذلك إن خافوا أن يفتنهم الذين كفروا والمراد إن خشوا أن يؤذيهم الذين كذبوا بالوحى فيردوهم بالتعذيب عن دينهم ،ويبين لهم أن الكافرين وهم المكذبين بحكم الله عدو مبين أى كاره كبير لهم وهذا يعنى وجوب الحذر منهم والخطاب للمؤمنين.
"وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة الأحزاب"وأعد للكافرين عذابا أليما"فمهينا أى أليما والمعنى وإذا كنت معهم فأممت لهم الصلاة فلتصل جماعة منهم معك وليمسكوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليصبحوا من خلفكم ولتجىء جماعة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليعملوا احتياطهم وأسلحتهم ،أحب الذين كذبوا لو تسهون عن أسلحتكم وأرزاقكم فيهجمون عليكم هجوما واحدا ولا عقاب عليكم إن كان بكم ضرر من مطر أو كنتم عليلين أن تتركوا سلاحكم واعملوا احتياطكم إن الله جهز للكاذبين عقابا مذلا،يخاطب الله رسوله(ص)فيبين له أنه إذا كان مع المسلمين ثم أقام لهم الصلاة أى أم لهم الصلاة والمراد قادهم فى الصلاة فيجب أن تقوم طائفة منهم معه أى أن تصلى جماعة من المسلمين معه بشرط أن يأخذوا أسلحتهم والمراد أن يمسكوا سلاحهم فإذا سجدوا والمراد صلوا فعلى الطائفة الأخرى أن تكون من ورائهم أى أن تقف خلفهم والمراد أن تقوم بحراستهم وهذا يعنى أن الجيش ينقسم إلى فريقين الأول يصلى مع الإمام والثانى يحرسه حتى لا يؤذيه العدو وعلى الفريق الأول جلب سلاحه معه فى الصلاة وبعد انتهاء الطائفة الأولى من صلاتها تأت الطائفة الثانية وهى الجماعة الثانية التى كانت تحرس فلم تصلى حتى يصلوا أى يسجدوا مع النبى(ص) أو الإمام وعليهم أخذ الحذر وهو السلاح معهم أثناء الصلاة وهذا يعنى أن الفريق الثانى يترك الحراسة بعد أن يأخذ الفريق الأول مواقع الحراسة بعد انتهاء صلاته ويأتى حاملا سلاحه للصلاة مع الإمام وهذا يعنى أن كل فريق يصلى صلاة واحدة والإمام وحده هو الذى يصلى الصلاة صلاتين بالفريقين ،ويبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا وهم الذين كذبوا بحكم الله ودوا أى تمنوا التالى :لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم والمراد لو تسهون أى تغيبون عن سلاحكم وأموالكم ولو حدث ذلك فإنهم سيميلون ميلة واحدة والمراد سيهجمون على المسلمين هجوما واحدا يقتلونهم فيه قتلا تاما ،ويبين الله للمؤمنين أن لا جناح عليهم والمراد لا عقاب يقع عليهم إن وضعوا أسلحتهم أى تركوها فى الحالة التالية :كان بهم أذى من مطر أى ضرر من ماء السحاب أو كانوا مرضى أى مصابين بالأوجاع ولكن عليهم أن يأخذوا حذرهم أى يعملوا احتياطهم وهو وجود حراسة تراقب المكان من الأصحاء ،ويبين لهم أنه أعد للكافرين عذابا مهينا أى أعد للمكذبين بالوحى العقاب الشديد والخطاب حتى كلمة ود للنبى(ص)وما بعده للمؤمنين وما بعده
"فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا"المعنى فإذا أنهيتم الصلاة فأطيعوا حكم الله وقوفا وجلوسا وعلى مراقدكم أى إذا أمنتم فأدوا الطاعة لله إن الطاعة كانت على المصدقين بالوحى حكما واجبا،يبين الله للمؤمنين أنهم إذا قضوا الصلاة والمراد إذا انتهوا من أداء الصلاة بشكلها المعروف فعليهم التالى :ذكر الله وهو طاعة حكم الله قياما أى وهم على أرجلهم ثابتين أو سائرين وقعودا أى وهم جلوس وعلى جنوبهم أى وهم راقدين على أى جنب منهم يمينا ويسارا وبطنا وظهرا وهذا يعنى أن المسلم يطيع حكم الله فى كل أحواله الجسمية وفسر الله هذا بأنهم إذا اطمأنوا والمراد إذا أمنوا على أنفسهم من الأذى فعليهم أن يقيموا الصلاة أى الدين مصداق لقوله تعالى بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"والمراد أن يطيعوا حكم الله والسبب هو أن الصلاة أى طاعة الدين كانت على المؤمنين أى المصدقين بحكم الله كتابا موقوتا أى فرضا مفروضا أى حكما واجبا .
"ولا تهنوا فى ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما "يفسر قوله"وترجون من الله ما لا يرجون" قوله تعالى بسورة البقرة"يرجون رحمة الله"فالمرجو من الله هو الرحمة والمعنى ولا تضعفوا فى طلب الكفار إن تكونوا تتوجعون فإنهم يتوجعون كما تتوجعون وتريدون من الله الذى لا يريدون وكان الله خبيرا قاضيا ،ينهى الله المؤمنين فيقول :لا تهنوا فى ابتغاء القوم والمراد لا تضعفوا عن مطاردة العدو متعللين بأنكم تتألمون من الجراح والإصابات ،ويبين لهم أنهم إن كانوا يألمون أى يتوجعون فالعدو يتألمون أى يتوجعون مثلهم وهذا يعنى تساويهم فى الألم أضف لهذا أن المؤمنين يرجون من الله ما لا يرجون والمراد أن المسلمين يريدون من الله الرحمة فى الآخرة التى لا يريدها العدو وهذا القول يبين لنا أن الحرب لا يجب أن تتوقف على معركة وإنما كل معركة غير محسومة ينبغى أن يليها على الفور معركة أخرى للقضاء على العدو وهو فى نفس حالتنا من الألم ،ويبين لهم أنه عليم أى خبير بكل شىء حكيم أى قاضى يقضى بالحق والخطاب للمؤمنين المجاهدين.
"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما"يفسر قوله"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق" قوله تعالى بسورة فاطر"والذى أوحينا إليك من الكتاب هو الحق"فأنزلنا تعنى أوحينا وقوله "لتحكم بين الناس بما أراك الله"يفسره قوله بسورة المائدة"فاحكم بينهم بالقسط"فما أراه الله هو القسط وقوله "ولا تكن للخائنين خصيما "يفسره قوله بسورة القصص"فلا تكونن ظهيرا للكافرين"فالخصيم هو الظهير والخائنين هم الكافرين والمعنى إنا أوحينا لك الوحى بالعدل لتفصل بين الخلق بما علمك الله ولا تصبح للمخادعين نصيرا ،يبين الله لرسوله(ص)أنه أنزل له الكتاب بالحق والمراد أنه أوحى له الوحى بالعدل وهو حكم الله والسبب أن يحكم بين الناس بما أراه الله والمراد أن يفصل فى قضايا الخلاف بين الخلق بالذى عرفه الله من حكمه وينهاه أن يكون خصيم للخائنين أى أن يصبح ناصر للمخادعين للمؤمنين ومن ثم يجب عليه أن يتحرى العدل حتى لا يظلم أحدا والخطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده وما بعده.
"واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما "المعنى واستعفى الله إن الله كان عفوا نافعا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يستغفره والمراد أن يطلب منه العفو عن ذنبه وهو مناصرة الخائنين ويبين له أنه غفور رحيم أى عفو عن الذنب للمستغفر نافع له برحمته .
"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما"يفسر قوله "إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" قوله تعالى بسورة البقرة"والله لا يحب كل كفار أثيم "وقوله بسورة الحج"إن الله لا يحب كل خوان كفور"فالخوان الأثيم هو الكفور والمعنى ولا تدافع عن الذين يخدعون أنفسهم إن الله لا يرحم كل كفور مجرم،ينهى الله نبيه(ص)عن الجدال عن الذين يختانون أنفسهم والمراد عن الدفاع عن الذين يخدعون أنفسهم حيث يحسبون سيئاتهم حسنات والمراد هنا خاصة سيئة ظلم الغير وهى هنا اتهامهم بالباطل برىء بجريمة لم يرتكبها ويبين له أنه لا يحب كل خوان أثيم والمراد لا يرحم كل كافر مكذب حيث يدخله النار.
"يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة يونس " والله عليم بما يفعلون"فيعملون تعنى يفعلون ومحيطا تعنى عليما والمعنى يستترون من البشر ولا يستترون من الله وهو عالم بهم إذ ينوون الذى لا يبيح من الحديث وكان الله بالذى يفعلون خبيرا،يبين الله لنبيه(ص)أن الخائنين يستخفون من الناس والمراد يخافون من المسلمين فيقولون فى السر ما لا يرضى الله من القول وهو الذى يرفضه الله من الحديث وهم لا يستخفون من الله والمراد وهم لا يخافون من عذاب الله الذى هو معهم إذ يبيتون قولهم والمراد الذى هو عالم بهم حين ينوون فعل ما قالوه فى حديثهم ،ويبين له أنه محيط بما يعملون والمراد خبير بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليهم .
"ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا"المعنى ها أنتم حاججتم عن الخائنين فى الحياة الأولى فمن يحاجج عنهم يوم البعث أى من يصبح لهم نصيرا ؟يبين الله للمؤمنين أنهم جادلوا عن الخونة فى الحياة الدنيا والمراد أنهم دافعوا عن الخونة بشدة فى الحياة الأولى نتيجة خداع الخونة لهم ويسألهم من يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا والمراد من يدافع عن الخونة يوم البعث أى من يصبح ناصرا لهم؟ والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أنهم على باطل بدفاعهم عن الخونة الذين لن يجدوا فى يوم البعث مدافعا عنهم أى نصيرا لهم أى شافعا لهم ومن ثم عليهم أن يستغفروا الله لذنبهم فى الدفاع عن الخونة والخطاب للمؤمنين.
"ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "يفسر قوله "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه" قوله تعالى بسورة النساء"من يكسب إثما"فيعمل تعنى يكسب وسوء أى ظلم تعنى إثم وقوله "ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم"فيستغفر تعنى يتوب ووجدان الله غفور هو توبة الله عليهم والمعنى ومن يفعل ذنبا أى يخسر نفسه ثم يستعفى الله يلق الله عفوا نافعا،يبين الله للمؤمنين أن من يعمل سوءا أى يظلم نفسه والمراد يفعل ذنبا ثم يستغفر الله أى ثم يتوب إلى الله يجد الله غفورا رحيما والمراد يلق الله توابا نافعا له والخطاب وما بعده للناس وما بعده .
"ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما"يفسر قوله "ومن يكسب إثما" قوله تعالى بسورة البقرة"من يكسب خطيئة"فإثما تعنى خطيئة والمعنى ومن يعمل سيئة فإنما يتحمل عقابه بنفسه وكان الله خبيرا قاضيا،يبين الله للمؤمنين أن من يكسب إثما والمراد من يعمل خطيئة أى سيئة يكسبها على نفسها والمراد يذوق عقابها بنفسه ويبين لهم أنه عليم حكيم أى خبير بكل شىء قاضى يقضى بالحق.
"ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"يفسر قوله"ومن يكسب خطيئة أو إثما" قوله تعالى بنفس السورة"ومن يعمل سوءا "فالخطيئة أى الإثم هو السوء ويكسب تعنى يعمل والمعنى ومن يعمل سيئة أى ذنبا ثم ينسبه لطاهر فقد اكتسب جرما أى ذنبا عظيما ،يبين الله للنبى(ص)أن من يكسب خطيئة أى إثم والمراد من يصنع جريمة أى ذنب ثم يرم به بريئا والمراد ثم ينسب جريمته إلى إنسان أخر لم يصنعه فقد احتمل بهتانا أى إثما مبينا والمراد فقد صنع جريمة أخرى أى ذنب كبير وهذا ما فعله الخونة حيث ارتكبوا جريمة ثم نسبوها إلى من لم يعملها .
"ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"يفسر قوله"لهمت طائفة منهم أن يضلوك" قوله تعالى بسورة الإسراء"وإن كادوا ليفتنوك عن الذى أوحينا إليك"فهمت تعنى كادوا ويضلوك تعنى يفتنوك عن الوحى وقوله"وما يضلون إلا أنفسهم "يفسره قوله بسورة البقرة"وما يخدعون إلا أنفسهم "فيضلون تعنى يخدعون وقوله "وما يضرونك من شىء"يفسره قوله بسورة المائدة"والله يعصمك من الناس"فلا يضرونك تعنى أن الله يعصمه من ضرر الناس وقوله "وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم"يفسره قوله بسورة الشورى"وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا"فالكتاب أى الحكمة أى العلم هو القرآن وتفسيره والمعنى ولولا رأفة الله بك أى نفعه لك لكادت جماعة منهم أن يبعدوك عن دينك وما يبعدون إلا أنفسهم عن الإسلام وما يؤذونك بأذى وأوحى الله لك الحكم أى الوحى أى عرفك الذى لم تكن تعرف وكانت نعمة الله عليك كبرى ،يبين الله لنبيه(ص)أن لولا فضل الله عليه وهو رحمته به أى رأفته به أى نفعه له بإعلامه بمكيدة الخونة لحدث التالى :همت طائفة منهم أن يضلوه عن الحق والمراد كادت جماعة من الخونة أن يبعدوه عن دين الله ،ويبين له أنهم ما يضلون إلا أنفسهم والمراد ما يخدعون إلا أنفسهم وبألفاظ أخرى ما يهلكون إلا أنفسهم ببعدهم عن الحق ،ويبين له أنهم ما يضرونه بشىء والمراد ما يؤذونه بعض الأذى وهذا يعنى أن الله حماه من أذاهم الجسدى،ويبين له أن أنزل عليه الكتاب أى الحكمة وهو العلم الذى لم يكن يعلمه والمراد أن الله أوحى له القرآن وهو حكم الله أى المعرفة التى لم يكن يعرفها من قبل ،ويبين له أن فضله كان عليه عظيما والمراد أن عطاء الله له كان كثيرا مصداق لقوله تعالى بسورة الكوثر"إنا أعطيناك الكوثر" والخطاب للنبى(ص).
"لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما"يفسر قوله"ابتغاء مرضات الله" قوله تعالى بسورة الإسراء"ابتغاء رحمة من ربك"فمرضات تعنى رحمة الله وقوله"نؤتيه أجرا عظيما"يفسره قوله بسورة الفتح"فإن تطيعوا يؤتكم أجرا حسنا"فعظيما تعنى حسنا والمعنى لا نفع فى عديد من حديثهم إلا من طالب بعطاء أو إحسان أى عدل بين الخلق ومن يصنع ذلك طلبا لرحمة الله فسوف نعطيه ثوابا حسنا،يبين الله للمؤمنين أن لا خير فى كثير من نجوى الناس والمراد أن لا فائدة فى العديد من حديث الخلق السرى إلا الأمور التالية:
من أمر بصدقة أى من طالب غيره بدفع نفقة لمن يحتاجها ،أو أمر بمعروف أى من طالب غيره بعمل خير أى أمر بإصلاح بين الناس أى من طالب بالتوفيق وهو العدل بين الخلق ،ويبين له أن من يفعل ذلك والمراد من يأمر بالصدقة أو المعروف أى الإصلاح وهو الأمر بالعدل ابتغاء مرضات الله أى طلبا لرحمة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما أى فسوف نعطيه رحمة كبرى هى الجنة والخطاب للمؤمنين.
"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة النساء"ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا"فيشاقق تعنى يعصى وقوله "ونصله جهنم"يفسره قوله "بسورة الحج"ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق"فنصله تعنى نذيقه وجهنم تعنى عذاب الحريق وقوله "وساءت مصيرا"يفسره قوله بسورة الفرقان"إنها ساءت مستقرا ومقاما"فمصيرا تعنى مستقرا أى مقاما والمعنى ومن يعادى النبى(ص)من بعد ما عرف الحق أى يطيع دين غير دين المسلمين ندينه الذى دان وندخله النار وقبحت مقاما،يبين الله للمؤمنين أن من يشاقق الرسول أى من يعصى حكم الله المنزل على النبى(ص)من بعد ما تبين له الهدى أى من بعد ما بلغه حكم الله وفسر هذا بأنه يتبع غير سبيل المؤمنين والمراد ويطيع غير دين المسلمين ومن ثم يوله الله ما تولى أى يجعله الله على دينه الذى اختاره ويصله جهنم أى يدخله النار وقد ساءت مصيرا والمراد وقد قبحت مقاما والخطاب للناس وما بعده.
"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه "فيشرك تعنى يبتغى غير الإسلام دينا ويغفر تعنى يقبل وقوله"ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسره قوله بسورة النساء"ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما"فضل تعنى افترى وضلالا تعنى إثما وبعيدا تعنى عظيما والمعنى إن الله لا يقبل أن يكفر به ويقبل ما سوى الكفر ممن يريد ومن يكفر بالله فقد بعد بعدا عظيما ،يبين الله للمؤمنين أنه لا يغفر أن يشرك به والمراد أنه لا يقبل أن يكفر بحكمه الناس ويغفر ما دون ذلك أى ويقبل الذى غير الكفر أى يقبل الإسلام ممن يشاء أى ممن يسلم وهذا يعنى أنه يقبل الإسلام لأنه هو غير الكفر،وأن من يشرك بالله أى من يكفر بحكم الله فقد ضل ضلالا بعيدا والمراد فقد بعد بعدا كبيرا والمراد فقد عذب عذابا كبيرا.
"إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا "المعنى إن يطيعون من سوى الله إلا أهواء أى إن يتبعون إلا هوى متبعا غضب الله عليه وقال لأجعلن لى من عبيدك جمعا كثيرا أى لأبعدنهم ولأغرينهم أى لأطالبنهم فليقطعن أذان البهائم ولأطالبنهم فليبدلن مخلوقات الله ومن يجعل الهوى ناصرا له من سوى الله فقد ضاع ضياعا عظيما،يبين الله للمؤمنين أن الكفار يدعون أى يطيعون من دون الله الإناث والمراد يتبعون من سوى حكم الله الشهوات وسماها الله إناثا لأن المعبودات المزعومة للناس منها الذكور والإناث ولكن المعبودات الحقيقية هى شهوات أى أهواء النفوس مصداق لقوله تعالى بسورة الجاثية "أرأيت من اتخذ إلهه هواه"وفسر الله هذا بأنهم يدعون شيطانا مريدا والمراد يطيعون هوى مطاعا قد لعنه الله أى غضب عليه أى حرم عليه الجنة وقد قال الشيطان:لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا والمراد لأضلن من عبيدك عددا وافرا وفسر قوله بأن قال:لأضلنهم أى لأبعدنهم عن الحق وفسره بقوله ولأمنينهم أى لأخدعنهم خداعا يبعدهم عن الحق ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام والمراد ولأطالبنهم فليقطعن أذان الحيوانات أى البهائم ولأمرنهم فليغيرن خلق الله والمراد فلأطالبنهم فليبدلن مخلوقات الله ،وهذا يعنى أن أى تغيير لهيئات الأنعام وهيئات خلق الله محرم ما لم ينص الله على تغييره لأنه أمر شيطانى ،ويبين لهم أن من يتخذ الشيطان وليا أى من يجعل هوى النفس ناصرا له قد خسر خسرانا مبينا أى قد هلك هلاكا عظيما والمراد قد دخل نارا كبرى والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده
"يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"المعنى يزين لهم أى يخدعهم أى ما يقول لهم الهوى إلا باطلا،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو هوى النفس يعد أى يمنى أى يزين للعباد الباطل وفسر هذا بأنه يقول لهم الغرور وهو الخداع أى الكذب أى الباطل.
"أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا"يفسر قوله"مأواهم جهنم" قوله تعالى بسورة آل عمران"مأواهم النار"فجهنم هى النار وقوله"ولا يجدون عنها محيصا "يفسره قوله بسورة الكهف"ولم يجدوا عنها مصرفا"فمحيصا تعنى مصرفا أى منقذا وقوله "سندخلهم جنات"يفسره قوله بسورة الفتح "ليدخل من يشاء فى رحمته "فجنات تعنى رحمة الله وقوله "خالدين فيها أبدا"يفسره قوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا "فخالدين تعنى ماكثين وقوله"ومن أصدق من الله قيلا"يفسره قوله بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما"فأصدق تعنى أحسن وقيلا تعنى حكما والمعنى أولئك مقامهم النار ولا يلقون عنها مبعدا والذين صدقوا بحكم الله وصنعوا الحسنات سنسكنهم حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها دوما قول الله صدقا ومن أحسن من الله حكما،يبين الله لنا أن الكفار مأواهم جهنم والمراد مكانهم فى الآخرة هو النار وهم لا يجدون عنها محيصا أى لا يلقون عن النار مبعدا أى منقذا وأما الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وصنعوا الحسنات التى طالبهم بها حكم الله فسيدخلهم الله جنات أى سيسكنهم فى حدائق تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أرضها العيون ذات السوائل اللذيذة وهم خالدين فيها أبدا والمراد مقيمين فى الجنة دائما لا يخرجون منها وهذا هو وعد الله أى قول الله الصادق لهم فى الوحى وليس هناك من هو أصدق من الله قيلا والمراد وليس هناك من هو أحسن من الله حكما والخطاب للنبى(ص).
"ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا"يفسر قوله "ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب" قوله تعالى بسورة البقرة"وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى "فالأمانى هى دخول الجنة وقوله"من يعمل سوء يجز به" يفسره قوله بسورة النمل"ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار"فيعمل تعنى يجىء بالسوء وهو السيئة وقوله"ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا "يفسره قوله بسورة الأنعام"ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع"فوليا أى نصيرا أى شفيعا والمعنى ليس بأقوالكم ولا أقوال أصحاب الوحى السابق تدخلون الجنة من يصنع ذنبا يعاقب به ولا يلق له من سوى الله ناصرا أى منقذا،يخاطب الله المؤمنين مبينا لهم أن دخول الجنة ليس بأمانيهم أى ليس بأقوالهم ولا بأمانى أهل الكتاب أى ولا بأقوال أصحاب الوحى السابق وهذا يعنى أن لا أحد يدخل الجنة لمجرد أنه قال أنه سيدخلها ،ويبين لهم أن من يعمل سوء يجز به والمراد أن من يرتكب كفرا يعذب به ولا يجد له وليا ولا نصيرا والمراد ولا يلق له من غير الله منجيا أى منقذا ينقذه من العذاب والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون"فيظلمون تعنى يبخسون والمعنى ومن يصنع من الحسنات من رجل أو امرأة وهو مصدق بحكم الله فأولئك يسكنون الحديقة ولا يبخسون حقا،يبين الله للمؤمنين أن من يعمل من الصالحات والمراد من يفعل من الحسنات وهو مؤمن أى مصدق بالوحى فهم يدخلون الجنة والمراد يسكنون فى النعيم سواء كان العامل ذكر أى رجل أو أنثى أى امرأة وهذا يعنى أن دخول الجنة يحتاج إلى الإيمان والعمل الصالح معا وليس مجرد القول وهم لا يظلمون نقيرا أى لا يبخسون حقا أى كما قال بسورة النساء"ولا يظلمون فتيلا"فالنقير هو الفتيل هو الحق أى الشىء.
"ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا"المعنى ومن أفضل حكما ممن أخلص نفسه لحكم الله وهو مصلح أى أطاع دين إبراهيم(ص) وجعل الله إبراهيم(ص) رسولا ،يبين الله للمؤمنين أن الأحسن دينا وهو الأفضل حكما هو الذى أسلم وجهه لله وهو محسن والمراد الذى أخلص نفسه لله وهو مؤمن وبألفاظ أخرى الذى جند نفسه لطاعة حكم الله وهو مصدق بوحى الله ويفسر الله ذلك بأنه الذى اتبع ملة إبراهيم(ص) حنيفا أى الذى أطاع دين إبراهيم(ص)مسلما وهذا يعنى أن الأفضل دينا هو المتبع لدين الإسلام دين إبراهيم (ص)ويبين له أنه اتخذ إبراهيم(ص)خليلا والمراد أنه اختار إبراهيم(ص)رسولا إلى الناس والخطاب للمؤمنين.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وكان الله بكل شىء محيطا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فما فى السموات والأرض هو ملك الله وقوله "وكان الله بكل شىء محيطا"يفسره بقوله بسورة النساء"إن الله كان بكل شىء عليما"فمحيطا تعنى عليما والمعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكان الله بكل أمر عليما،يبين الله للمؤمنين أن له أى ملكه الذى فى السموات والذى فى الأرض وهو بكل شىء محيط والمراد وهو بكل أمر عليم والخطاب للمؤمنين.
"ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما"يفسر قوله"وأن تقوموا لليتامى بالقسط" قوله تعالى بسورة البقرة"وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى "فالقيام بالقسط هو الإحسان وقوله"وما تفعلوا من خير"يفسره قوله بسورة البقرة"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله"فتفعلوا تعنى تقدموا وقوله "فإن الله كان به عليما "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا "فعليما تعنى محيطا والمعنى ويسألونك عن حكم الله فى الإناث قل الله يجيبكم فيهن وما يقرأ عليكم فى الوحى فى فاقدات الأباء من الإناث اللاتى لا تعطوهن ما فرض الله لهن وتريدون أن تتزوجوهن والصغار من الأطفال وأن ترعوا فاقدى الأباء بالعدل وما تعملوا من نفع فإن الله كان به خبيرا،يبين الله لرسوله(ص)أن المسلمين يستفتونه أى يسألونه عن أحكام الإسلام فى النساء وهن الإناث وطلب منه أن يقول للمسلمين :الله يفتيكم فيهن والمراد الله يجيبكم فى أحكامهن ،وما يتلى عليكم فى يتامى النساء والمراد والذى يبلغ لكم فى فاقدات الأباء من النساء وهو قوله بأول السورة"وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا "وهن اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن أى اللاتى لا تعطوهن الذى فرض الله لهن من أموال الأباء ولا المهر عندما ترغبون أن تنكحوهن أى عندما تريدون أن تتزوجوهن والمستضعفين من الولدان والمراد والصغار من الصبيان الذين لا تعطوهن أموال الأباء والمكتوب فى القرآن عنهم هو قوله بسورة النساء"وأتوا اليتامى أموالهم "ويقول:وأن تقوموا لليتامى بالقسط والمراد وأن تربوا فاقدى الأباء بالعدل وهذا يعنى وجوب رعاية الأوصياء لليتامى بالعدل ،ويقول وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما والمراد وما تصنعوا من عمل صالح فإن الله كان به خبيرا وسيثيبكم عليه والخطاب للنبى (ص) ومنه للمؤمنين.
"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا"يفسر قوله "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا"قوله تعالى بسورة النساء"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"فالصلح هو التراضى بالتنازل عن جزء من الفريضة وقوله "وإن تحسنوا وتتقوا "يفسره قوله بسورة آل عمران"وأن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم"فتحسنوا تعنى تؤمنوا وقوله "فإن الله كان بما تعملون خبيرا "يفسره قوله بسورة يونس"والله عليم بما يفعلون"فتعملون تعنى يفعلون وعليم تفسره خبير والمعنى وإن زوجة خشت من زوجها نفورا أى بعدا فلا عقاب عليهما أن يتفقا بينهما اتفاقا والاتفاق أفضل وأعلنت الأنفس البخل وإن تؤمنوا وتطيعوا فإن الله كان بالذى تفعلون عليما،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن المرأة وهى الزوجة إذا خافت أى خشت من بعلها وهو زوجها التالى :
النشوز وهو الإعراض والمراد النفور أى إرادة الطلاق فعليها أن تسعى لتعقد بينهما صلحا والمراد أن عليها أن تسعى ليعقدا بينهما اتفاقا حتى لا يحدث الطلاق ويبين لهما أن لا جناح عليهما أى لا عقاب عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والمراد أن يتفقا بينهما اتفاقا ينص على تنازل الزوجة عن بعض مهرها فى مقابل بقائها زوجة له والصلح خير والمراد والاتفاق نفع لهما وساعته تحضر الأنفس الشح والمراد وساعته تظهر النفوس البخل فى التنازل من قبل الزوجة أو فى امتناع الزوج عن قبول الجزء المتنازل عنه فقط ،ويبين لهم أنهم إن يحسنوا أى يصلحوا أى يؤمنوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان بما تعملون خبيرا والمراد فإن الله كان بالذى تفعلون عليما وسيثيبكم عليه بالجنة والخطاب للمؤمنين والمؤمنات .
"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما"يفسر قوله"وإن تصلحوا وتتقوا" قوله تعالى بنفس السورة"وإن تحسنوا وتتقوا"فتصلحوا تعنى تحسنوا والمعنى ولن تقدروا أن تقسطوا بين الزوجات ولو أردتم فلا تتركوا كل الترك فتتركوها كالمرفوعة وإن تحسنوا أى تطيعوا حكم الله فإن الله كان نافعا مفيدا لكم وإن ينفصلا يعطى الله كلا من رزقه وكان الله غنيا قاضيا، يبين الله للمؤمنين أنهم لا يستطيعون أى لا يقدرون على فعل التالى:العدل بين النساء والمراد المساواة بين الزوجات فى الحقوق حتى ولو حرصوا أى أرادوا العدل وهذا يعنى أن العدل بين الزوجات أمر مستحيل ،وينهى الله المؤمنين عن أن يميلوا كل الميل والمراد أن يتركوا إحدى الزوجات تركا كليا حتى لا يذروها كالمعلقة والمراد حتى لا يجعلوها كالمرفوعة التى ليست متزوجة وليست عزباء وإنما مجرد زوجة أمام الناس وإن كانت فعليا ليست زوجة وهذا يعنى أن العدل المطلوب بين الزوجات هو العدل الجزئى بمعنى أن لا يترك الزوج زوجته دون إعطائها حقوقها فى الجماع بحيث لا يحرم بعضهن منه حرمانا تاما ويبين لهم أنهم إن يصلحوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان غفورا رحيما والمراد فإن الله كان نافعا مفيدا لمن يطيعه برحمته ويبين لهم أنهم إن يتفرقا والمراد إن ينفصلا بالطلاق فسيغنى كلا من سعته والمراد فسيعطى الطليقين من رزقه وهو غناه ويبين لهم أنه واسع أى غنى يرزق العباد وهو حكيم أى قاضى يقضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة الأحزاب"وأعد للكافرين عذابا أليما"فمهينا أى أليما والمعنى وإذا كنت معهم فأممت لهم الصلاة فلتصل جماعة منهم معك وليمسكوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليصبحوا من خلفكم ولتجىء جماعة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليعملوا احتياطهم وأسلحتهم ،أحب الذين كذبوا لو تسهون عن أسلحتكم وأرزاقكم فيهجمون عليكم هجوما واحدا ولا عقاب عليكم إن كان بكم ضرر من مطر أو كنتم عليلين أن تتركوا سلاحكم واعملوا احتياطكم إن الله جهز للكاذبين عقابا مذلا،يخاطب الله رسوله(ص)فيبين له أنه إذا كان مع المسلمين ثم أقام لهم الصلاة أى أم لهم الصلاة والمراد قادهم فى الصلاة فيجب أن تقوم طائفة منهم معه أى أن تصلى جماعة من المسلمين معه بشرط أن يأخذوا أسلحتهم والمراد أن يمسكوا سلاحهم فإذا سجدوا والمراد صلوا فعلى الطائفة الأخرى أن تكون من ورائهم أى أن تقف خلفهم والمراد أن تقوم بحراستهم وهذا يعنى أن الجيش ينقسم إلى فريقين الأول يصلى مع الإمام والثانى يحرسه حتى لا يؤذيه العدو وعلى الفريق الأول جلب سلاحه معه فى الصلاة وبعد انتهاء الطائفة الأولى من صلاتها تأت الطائفة الثانية وهى الجماعة الثانية التى كانت تحرس فلم تصلى حتى يصلوا أى يسجدوا مع النبى(ص) أو الإمام وعليهم أخذ الحذر وهو السلاح معهم أثناء الصلاة وهذا يعنى أن الفريق الثانى يترك الحراسة بعد أن يأخذ الفريق الأول مواقع الحراسة بعد انتهاء صلاته ويأتى حاملا سلاحه للصلاة مع الإمام وهذا يعنى أن كل فريق يصلى صلاة واحدة والإمام وحده هو الذى يصلى الصلاة صلاتين بالفريقين ،ويبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا وهم الذين كذبوا بحكم الله ودوا أى تمنوا التالى :لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم والمراد لو تسهون أى تغيبون عن سلاحكم وأموالكم ولو حدث ذلك فإنهم سيميلون ميلة واحدة والمراد سيهجمون على المسلمين هجوما واحدا يقتلونهم فيه قتلا تاما ،ويبين الله للمؤمنين أن لا جناح عليهم والمراد لا عقاب يقع عليهم إن وضعوا أسلحتهم أى تركوها فى الحالة التالية :كان بهم أذى من مطر أى ضرر من ماء السحاب أو كانوا مرضى أى مصابين بالأوجاع ولكن عليهم أن يأخذوا حذرهم أى يعملوا احتياطهم وهو وجود حراسة تراقب المكان من الأصحاء ،ويبين لهم أنه أعد للكافرين عذابا مهينا أى أعد للمكذبين بالوحى العقاب الشديد والخطاب حتى كلمة ود للنبى(ص)وما بعده للمؤمنين وما بعده
"فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا"المعنى فإذا أنهيتم الصلاة فأطيعوا حكم الله وقوفا وجلوسا وعلى مراقدكم أى إذا أمنتم فأدوا الطاعة لله إن الطاعة كانت على المصدقين بالوحى حكما واجبا،يبين الله للمؤمنين أنهم إذا قضوا الصلاة والمراد إذا انتهوا من أداء الصلاة بشكلها المعروف فعليهم التالى :ذكر الله وهو طاعة حكم الله قياما أى وهم على أرجلهم ثابتين أو سائرين وقعودا أى وهم جلوس وعلى جنوبهم أى وهم راقدين على أى جنب منهم يمينا ويسارا وبطنا وظهرا وهذا يعنى أن المسلم يطيع حكم الله فى كل أحواله الجسمية وفسر الله هذا بأنهم إذا اطمأنوا والمراد إذا أمنوا على أنفسهم من الأذى فعليهم أن يقيموا الصلاة أى الدين مصداق لقوله تعالى بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"والمراد أن يطيعوا حكم الله والسبب هو أن الصلاة أى طاعة الدين كانت على المؤمنين أى المصدقين بحكم الله كتابا موقوتا أى فرضا مفروضا أى حكما واجبا .
"ولا تهنوا فى ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما "يفسر قوله"وترجون من الله ما لا يرجون" قوله تعالى بسورة البقرة"يرجون رحمة الله"فالمرجو من الله هو الرحمة والمعنى ولا تضعفوا فى طلب الكفار إن تكونوا تتوجعون فإنهم يتوجعون كما تتوجعون وتريدون من الله الذى لا يريدون وكان الله خبيرا قاضيا ،ينهى الله المؤمنين فيقول :لا تهنوا فى ابتغاء القوم والمراد لا تضعفوا عن مطاردة العدو متعللين بأنكم تتألمون من الجراح والإصابات ،ويبين لهم أنهم إن كانوا يألمون أى يتوجعون فالعدو يتألمون أى يتوجعون مثلهم وهذا يعنى تساويهم فى الألم أضف لهذا أن المؤمنين يرجون من الله ما لا يرجون والمراد أن المسلمين يريدون من الله الرحمة فى الآخرة التى لا يريدها العدو وهذا القول يبين لنا أن الحرب لا يجب أن تتوقف على معركة وإنما كل معركة غير محسومة ينبغى أن يليها على الفور معركة أخرى للقضاء على العدو وهو فى نفس حالتنا من الألم ،ويبين لهم أنه عليم أى خبير بكل شىء حكيم أى قاضى يقضى بالحق والخطاب للمؤمنين المجاهدين.
"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما"يفسر قوله"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق" قوله تعالى بسورة فاطر"والذى أوحينا إليك من الكتاب هو الحق"فأنزلنا تعنى أوحينا وقوله "لتحكم بين الناس بما أراك الله"يفسره قوله بسورة المائدة"فاحكم بينهم بالقسط"فما أراه الله هو القسط وقوله "ولا تكن للخائنين خصيما "يفسره قوله بسورة القصص"فلا تكونن ظهيرا للكافرين"فالخصيم هو الظهير والخائنين هم الكافرين والمعنى إنا أوحينا لك الوحى بالعدل لتفصل بين الخلق بما علمك الله ولا تصبح للمخادعين نصيرا ،يبين الله لرسوله(ص)أنه أنزل له الكتاب بالحق والمراد أنه أوحى له الوحى بالعدل وهو حكم الله والسبب أن يحكم بين الناس بما أراه الله والمراد أن يفصل فى قضايا الخلاف بين الخلق بالذى عرفه الله من حكمه وينهاه أن يكون خصيم للخائنين أى أن يصبح ناصر للمخادعين للمؤمنين ومن ثم يجب عليه أن يتحرى العدل حتى لا يظلم أحدا والخطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده وما بعده.
"واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما "المعنى واستعفى الله إن الله كان عفوا نافعا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يستغفره والمراد أن يطلب منه العفو عن ذنبه وهو مناصرة الخائنين ويبين له أنه غفور رحيم أى عفو عن الذنب للمستغفر نافع له برحمته .
"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما"يفسر قوله "إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" قوله تعالى بسورة البقرة"والله لا يحب كل كفار أثيم "وقوله بسورة الحج"إن الله لا يحب كل خوان كفور"فالخوان الأثيم هو الكفور والمعنى ولا تدافع عن الذين يخدعون أنفسهم إن الله لا يرحم كل كفور مجرم،ينهى الله نبيه(ص)عن الجدال عن الذين يختانون أنفسهم والمراد عن الدفاع عن الذين يخدعون أنفسهم حيث يحسبون سيئاتهم حسنات والمراد هنا خاصة سيئة ظلم الغير وهى هنا اتهامهم بالباطل برىء بجريمة لم يرتكبها ويبين له أنه لا يحب كل خوان أثيم والمراد لا يرحم كل كافر مكذب حيث يدخله النار.
"يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة يونس " والله عليم بما يفعلون"فيعملون تعنى يفعلون ومحيطا تعنى عليما والمعنى يستترون من البشر ولا يستترون من الله وهو عالم بهم إذ ينوون الذى لا يبيح من الحديث وكان الله بالذى يفعلون خبيرا،يبين الله لنبيه(ص)أن الخائنين يستخفون من الناس والمراد يخافون من المسلمين فيقولون فى السر ما لا يرضى الله من القول وهو الذى يرفضه الله من الحديث وهم لا يستخفون من الله والمراد وهم لا يخافون من عذاب الله الذى هو معهم إذ يبيتون قولهم والمراد الذى هو عالم بهم حين ينوون فعل ما قالوه فى حديثهم ،ويبين له أنه محيط بما يعملون والمراد خبير بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليهم .
"ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا"المعنى ها أنتم حاججتم عن الخائنين فى الحياة الأولى فمن يحاجج عنهم يوم البعث أى من يصبح لهم نصيرا ؟يبين الله للمؤمنين أنهم جادلوا عن الخونة فى الحياة الدنيا والمراد أنهم دافعوا عن الخونة بشدة فى الحياة الأولى نتيجة خداع الخونة لهم ويسألهم من يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا والمراد من يدافع عن الخونة يوم البعث أى من يصبح ناصرا لهم؟ والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أنهم على باطل بدفاعهم عن الخونة الذين لن يجدوا فى يوم البعث مدافعا عنهم أى نصيرا لهم أى شافعا لهم ومن ثم عليهم أن يستغفروا الله لذنبهم فى الدفاع عن الخونة والخطاب للمؤمنين.
"ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "يفسر قوله "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه" قوله تعالى بسورة النساء"من يكسب إثما"فيعمل تعنى يكسب وسوء أى ظلم تعنى إثم وقوله "ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم"فيستغفر تعنى يتوب ووجدان الله غفور هو توبة الله عليهم والمعنى ومن يفعل ذنبا أى يخسر نفسه ثم يستعفى الله يلق الله عفوا نافعا،يبين الله للمؤمنين أن من يعمل سوءا أى يظلم نفسه والمراد يفعل ذنبا ثم يستغفر الله أى ثم يتوب إلى الله يجد الله غفورا رحيما والمراد يلق الله توابا نافعا له والخطاب وما بعده للناس وما بعده .
"ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما"يفسر قوله "ومن يكسب إثما" قوله تعالى بسورة البقرة"من يكسب خطيئة"فإثما تعنى خطيئة والمعنى ومن يعمل سيئة فإنما يتحمل عقابه بنفسه وكان الله خبيرا قاضيا،يبين الله للمؤمنين أن من يكسب إثما والمراد من يعمل خطيئة أى سيئة يكسبها على نفسها والمراد يذوق عقابها بنفسه ويبين لهم أنه عليم حكيم أى خبير بكل شىء قاضى يقضى بالحق.
"ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"يفسر قوله"ومن يكسب خطيئة أو إثما" قوله تعالى بنفس السورة"ومن يعمل سوءا "فالخطيئة أى الإثم هو السوء ويكسب تعنى يعمل والمعنى ومن يعمل سيئة أى ذنبا ثم ينسبه لطاهر فقد اكتسب جرما أى ذنبا عظيما ،يبين الله للنبى(ص)أن من يكسب خطيئة أى إثم والمراد من يصنع جريمة أى ذنب ثم يرم به بريئا والمراد ثم ينسب جريمته إلى إنسان أخر لم يصنعه فقد احتمل بهتانا أى إثما مبينا والمراد فقد صنع جريمة أخرى أى ذنب كبير وهذا ما فعله الخونة حيث ارتكبوا جريمة ثم نسبوها إلى من لم يعملها .
"ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"يفسر قوله"لهمت طائفة منهم أن يضلوك" قوله تعالى بسورة الإسراء"وإن كادوا ليفتنوك عن الذى أوحينا إليك"فهمت تعنى كادوا ويضلوك تعنى يفتنوك عن الوحى وقوله"وما يضلون إلا أنفسهم "يفسره قوله بسورة البقرة"وما يخدعون إلا أنفسهم "فيضلون تعنى يخدعون وقوله "وما يضرونك من شىء"يفسره قوله بسورة المائدة"والله يعصمك من الناس"فلا يضرونك تعنى أن الله يعصمه من ضرر الناس وقوله "وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم"يفسره قوله بسورة الشورى"وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا"فالكتاب أى الحكمة أى العلم هو القرآن وتفسيره والمعنى ولولا رأفة الله بك أى نفعه لك لكادت جماعة منهم أن يبعدوك عن دينك وما يبعدون إلا أنفسهم عن الإسلام وما يؤذونك بأذى وأوحى الله لك الحكم أى الوحى أى عرفك الذى لم تكن تعرف وكانت نعمة الله عليك كبرى ،يبين الله لنبيه(ص)أن لولا فضل الله عليه وهو رحمته به أى رأفته به أى نفعه له بإعلامه بمكيدة الخونة لحدث التالى :همت طائفة منهم أن يضلوه عن الحق والمراد كادت جماعة من الخونة أن يبعدوه عن دين الله ،ويبين له أنهم ما يضلون إلا أنفسهم والمراد ما يخدعون إلا أنفسهم وبألفاظ أخرى ما يهلكون إلا أنفسهم ببعدهم عن الحق ،ويبين له أنهم ما يضرونه بشىء والمراد ما يؤذونه بعض الأذى وهذا يعنى أن الله حماه من أذاهم الجسدى،ويبين له أن أنزل عليه الكتاب أى الحكمة وهو العلم الذى لم يكن يعلمه والمراد أن الله أوحى له القرآن وهو حكم الله أى المعرفة التى لم يكن يعرفها من قبل ،ويبين له أن فضله كان عليه عظيما والمراد أن عطاء الله له كان كثيرا مصداق لقوله تعالى بسورة الكوثر"إنا أعطيناك الكوثر" والخطاب للنبى(ص).
"لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما"يفسر قوله"ابتغاء مرضات الله" قوله تعالى بسورة الإسراء"ابتغاء رحمة من ربك"فمرضات تعنى رحمة الله وقوله"نؤتيه أجرا عظيما"يفسره قوله بسورة الفتح"فإن تطيعوا يؤتكم أجرا حسنا"فعظيما تعنى حسنا والمعنى لا نفع فى عديد من حديثهم إلا من طالب بعطاء أو إحسان أى عدل بين الخلق ومن يصنع ذلك طلبا لرحمة الله فسوف نعطيه ثوابا حسنا،يبين الله للمؤمنين أن لا خير فى كثير من نجوى الناس والمراد أن لا فائدة فى العديد من حديث الخلق السرى إلا الأمور التالية:
من أمر بصدقة أى من طالب غيره بدفع نفقة لمن يحتاجها ،أو أمر بمعروف أى من طالب غيره بعمل خير أى أمر بإصلاح بين الناس أى من طالب بالتوفيق وهو العدل بين الخلق ،ويبين له أن من يفعل ذلك والمراد من يأمر بالصدقة أو المعروف أى الإصلاح وهو الأمر بالعدل ابتغاء مرضات الله أى طلبا لرحمة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما أى فسوف نعطيه رحمة كبرى هى الجنة والخطاب للمؤمنين.
"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة النساء"ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا"فيشاقق تعنى يعصى وقوله "ونصله جهنم"يفسره قوله "بسورة الحج"ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق"فنصله تعنى نذيقه وجهنم تعنى عذاب الحريق وقوله "وساءت مصيرا"يفسره قوله بسورة الفرقان"إنها ساءت مستقرا ومقاما"فمصيرا تعنى مستقرا أى مقاما والمعنى ومن يعادى النبى(ص)من بعد ما عرف الحق أى يطيع دين غير دين المسلمين ندينه الذى دان وندخله النار وقبحت مقاما،يبين الله للمؤمنين أن من يشاقق الرسول أى من يعصى حكم الله المنزل على النبى(ص)من بعد ما تبين له الهدى أى من بعد ما بلغه حكم الله وفسر هذا بأنه يتبع غير سبيل المؤمنين والمراد ويطيع غير دين المسلمين ومن ثم يوله الله ما تولى أى يجعله الله على دينه الذى اختاره ويصله جهنم أى يدخله النار وقد ساءت مصيرا والمراد وقد قبحت مقاما والخطاب للناس وما بعده.
"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه "فيشرك تعنى يبتغى غير الإسلام دينا ويغفر تعنى يقبل وقوله"ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسره قوله بسورة النساء"ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما"فضل تعنى افترى وضلالا تعنى إثما وبعيدا تعنى عظيما والمعنى إن الله لا يقبل أن يكفر به ويقبل ما سوى الكفر ممن يريد ومن يكفر بالله فقد بعد بعدا عظيما ،يبين الله للمؤمنين أنه لا يغفر أن يشرك به والمراد أنه لا يقبل أن يكفر بحكمه الناس ويغفر ما دون ذلك أى ويقبل الذى غير الكفر أى يقبل الإسلام ممن يشاء أى ممن يسلم وهذا يعنى أنه يقبل الإسلام لأنه هو غير الكفر،وأن من يشرك بالله أى من يكفر بحكم الله فقد ضل ضلالا بعيدا والمراد فقد بعد بعدا كبيرا والمراد فقد عذب عذابا كبيرا.
"إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا "المعنى إن يطيعون من سوى الله إلا أهواء أى إن يتبعون إلا هوى متبعا غضب الله عليه وقال لأجعلن لى من عبيدك جمعا كثيرا أى لأبعدنهم ولأغرينهم أى لأطالبنهم فليقطعن أذان البهائم ولأطالبنهم فليبدلن مخلوقات الله ومن يجعل الهوى ناصرا له من سوى الله فقد ضاع ضياعا عظيما،يبين الله للمؤمنين أن الكفار يدعون أى يطيعون من دون الله الإناث والمراد يتبعون من سوى حكم الله الشهوات وسماها الله إناثا لأن المعبودات المزعومة للناس منها الذكور والإناث ولكن المعبودات الحقيقية هى شهوات أى أهواء النفوس مصداق لقوله تعالى بسورة الجاثية "أرأيت من اتخذ إلهه هواه"وفسر الله هذا بأنهم يدعون شيطانا مريدا والمراد يطيعون هوى مطاعا قد لعنه الله أى غضب عليه أى حرم عليه الجنة وقد قال الشيطان:لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا والمراد لأضلن من عبيدك عددا وافرا وفسر قوله بأن قال:لأضلنهم أى لأبعدنهم عن الحق وفسره بقوله ولأمنينهم أى لأخدعنهم خداعا يبعدهم عن الحق ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام والمراد ولأطالبنهم فليقطعن أذان الحيوانات أى البهائم ولأمرنهم فليغيرن خلق الله والمراد فلأطالبنهم فليبدلن مخلوقات الله ،وهذا يعنى أن أى تغيير لهيئات الأنعام وهيئات خلق الله محرم ما لم ينص الله على تغييره لأنه أمر شيطانى ،ويبين لهم أن من يتخذ الشيطان وليا أى من يجعل هوى النفس ناصرا له قد خسر خسرانا مبينا أى قد هلك هلاكا عظيما والمراد قد دخل نارا كبرى والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده
"يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"المعنى يزين لهم أى يخدعهم أى ما يقول لهم الهوى إلا باطلا،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو هوى النفس يعد أى يمنى أى يزين للعباد الباطل وفسر هذا بأنه يقول لهم الغرور وهو الخداع أى الكذب أى الباطل.
"أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا"يفسر قوله"مأواهم جهنم" قوله تعالى بسورة آل عمران"مأواهم النار"فجهنم هى النار وقوله"ولا يجدون عنها محيصا "يفسره قوله بسورة الكهف"ولم يجدوا عنها مصرفا"فمحيصا تعنى مصرفا أى منقذا وقوله "سندخلهم جنات"يفسره قوله بسورة الفتح "ليدخل من يشاء فى رحمته "فجنات تعنى رحمة الله وقوله "خالدين فيها أبدا"يفسره قوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا "فخالدين تعنى ماكثين وقوله"ومن أصدق من الله قيلا"يفسره قوله بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما"فأصدق تعنى أحسن وقيلا تعنى حكما والمعنى أولئك مقامهم النار ولا يلقون عنها مبعدا والذين صدقوا بحكم الله وصنعوا الحسنات سنسكنهم حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها دوما قول الله صدقا ومن أحسن من الله حكما،يبين الله لنا أن الكفار مأواهم جهنم والمراد مكانهم فى الآخرة هو النار وهم لا يجدون عنها محيصا أى لا يلقون عن النار مبعدا أى منقذا وأما الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وصنعوا الحسنات التى طالبهم بها حكم الله فسيدخلهم الله جنات أى سيسكنهم فى حدائق تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أرضها العيون ذات السوائل اللذيذة وهم خالدين فيها أبدا والمراد مقيمين فى الجنة دائما لا يخرجون منها وهذا هو وعد الله أى قول الله الصادق لهم فى الوحى وليس هناك من هو أصدق من الله قيلا والمراد وليس هناك من هو أحسن من الله حكما والخطاب للنبى(ص).
"ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا"يفسر قوله "ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب" قوله تعالى بسورة البقرة"وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى "فالأمانى هى دخول الجنة وقوله"من يعمل سوء يجز به" يفسره قوله بسورة النمل"ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار"فيعمل تعنى يجىء بالسوء وهو السيئة وقوله"ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا "يفسره قوله بسورة الأنعام"ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع"فوليا أى نصيرا أى شفيعا والمعنى ليس بأقوالكم ولا أقوال أصحاب الوحى السابق تدخلون الجنة من يصنع ذنبا يعاقب به ولا يلق له من سوى الله ناصرا أى منقذا،يخاطب الله المؤمنين مبينا لهم أن دخول الجنة ليس بأمانيهم أى ليس بأقوالهم ولا بأمانى أهل الكتاب أى ولا بأقوال أصحاب الوحى السابق وهذا يعنى أن لا أحد يدخل الجنة لمجرد أنه قال أنه سيدخلها ،ويبين لهم أن من يعمل سوء يجز به والمراد أن من يرتكب كفرا يعذب به ولا يجد له وليا ولا نصيرا والمراد ولا يلق له من غير الله منجيا أى منقذا ينقذه من العذاب والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون"فيظلمون تعنى يبخسون والمعنى ومن يصنع من الحسنات من رجل أو امرأة وهو مصدق بحكم الله فأولئك يسكنون الحديقة ولا يبخسون حقا،يبين الله للمؤمنين أن من يعمل من الصالحات والمراد من يفعل من الحسنات وهو مؤمن أى مصدق بالوحى فهم يدخلون الجنة والمراد يسكنون فى النعيم سواء كان العامل ذكر أى رجل أو أنثى أى امرأة وهذا يعنى أن دخول الجنة يحتاج إلى الإيمان والعمل الصالح معا وليس مجرد القول وهم لا يظلمون نقيرا أى لا يبخسون حقا أى كما قال بسورة النساء"ولا يظلمون فتيلا"فالنقير هو الفتيل هو الحق أى الشىء.
"ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا"المعنى ومن أفضل حكما ممن أخلص نفسه لحكم الله وهو مصلح أى أطاع دين إبراهيم(ص) وجعل الله إبراهيم(ص) رسولا ،يبين الله للمؤمنين أن الأحسن دينا وهو الأفضل حكما هو الذى أسلم وجهه لله وهو محسن والمراد الذى أخلص نفسه لله وهو مؤمن وبألفاظ أخرى الذى جند نفسه لطاعة حكم الله وهو مصدق بوحى الله ويفسر الله ذلك بأنه الذى اتبع ملة إبراهيم(ص) حنيفا أى الذى أطاع دين إبراهيم(ص)مسلما وهذا يعنى أن الأفضل دينا هو المتبع لدين الإسلام دين إبراهيم (ص)ويبين له أنه اتخذ إبراهيم(ص)خليلا والمراد أنه اختار إبراهيم(ص)رسولا إلى الناس والخطاب للمؤمنين.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وكان الله بكل شىء محيطا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فما فى السموات والأرض هو ملك الله وقوله "وكان الله بكل شىء محيطا"يفسره بقوله بسورة النساء"إن الله كان بكل شىء عليما"فمحيطا تعنى عليما والمعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكان الله بكل أمر عليما،يبين الله للمؤمنين أن له أى ملكه الذى فى السموات والذى فى الأرض وهو بكل شىء محيط والمراد وهو بكل أمر عليم والخطاب للمؤمنين.
"ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما"يفسر قوله"وأن تقوموا لليتامى بالقسط" قوله تعالى بسورة البقرة"وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى "فالقيام بالقسط هو الإحسان وقوله"وما تفعلوا من خير"يفسره قوله بسورة البقرة"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله"فتفعلوا تعنى تقدموا وقوله "فإن الله كان به عليما "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا "فعليما تعنى محيطا والمعنى ويسألونك عن حكم الله فى الإناث قل الله يجيبكم فيهن وما يقرأ عليكم فى الوحى فى فاقدات الأباء من الإناث اللاتى لا تعطوهن ما فرض الله لهن وتريدون أن تتزوجوهن والصغار من الأطفال وأن ترعوا فاقدى الأباء بالعدل وما تعملوا من نفع فإن الله كان به خبيرا،يبين الله لرسوله(ص)أن المسلمين يستفتونه أى يسألونه عن أحكام الإسلام فى النساء وهن الإناث وطلب منه أن يقول للمسلمين :الله يفتيكم فيهن والمراد الله يجيبكم فى أحكامهن ،وما يتلى عليكم فى يتامى النساء والمراد والذى يبلغ لكم فى فاقدات الأباء من النساء وهو قوله بأول السورة"وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا "وهن اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن أى اللاتى لا تعطوهن الذى فرض الله لهن من أموال الأباء ولا المهر عندما ترغبون أن تنكحوهن أى عندما تريدون أن تتزوجوهن والمستضعفين من الولدان والمراد والصغار من الصبيان الذين لا تعطوهن أموال الأباء والمكتوب فى القرآن عنهم هو قوله بسورة النساء"وأتوا اليتامى أموالهم "ويقول:وأن تقوموا لليتامى بالقسط والمراد وأن تربوا فاقدى الأباء بالعدل وهذا يعنى وجوب رعاية الأوصياء لليتامى بالعدل ،ويقول وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما والمراد وما تصنعوا من عمل صالح فإن الله كان به خبيرا وسيثيبكم عليه والخطاب للنبى (ص) ومنه للمؤمنين.
"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا"يفسر قوله "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا"قوله تعالى بسورة النساء"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"فالصلح هو التراضى بالتنازل عن جزء من الفريضة وقوله "وإن تحسنوا وتتقوا "يفسره قوله بسورة آل عمران"وأن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم"فتحسنوا تعنى تؤمنوا وقوله "فإن الله كان بما تعملون خبيرا "يفسره قوله بسورة يونس"والله عليم بما يفعلون"فتعملون تعنى يفعلون وعليم تفسره خبير والمعنى وإن زوجة خشت من زوجها نفورا أى بعدا فلا عقاب عليهما أن يتفقا بينهما اتفاقا والاتفاق أفضل وأعلنت الأنفس البخل وإن تؤمنوا وتطيعوا فإن الله كان بالذى تفعلون عليما،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن المرأة وهى الزوجة إذا خافت أى خشت من بعلها وهو زوجها التالى :
النشوز وهو الإعراض والمراد النفور أى إرادة الطلاق فعليها أن تسعى لتعقد بينهما صلحا والمراد أن عليها أن تسعى ليعقدا بينهما اتفاقا حتى لا يحدث الطلاق ويبين لهما أن لا جناح عليهما أى لا عقاب عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والمراد أن يتفقا بينهما اتفاقا ينص على تنازل الزوجة عن بعض مهرها فى مقابل بقائها زوجة له والصلح خير والمراد والاتفاق نفع لهما وساعته تحضر الأنفس الشح والمراد وساعته تظهر النفوس البخل فى التنازل من قبل الزوجة أو فى امتناع الزوج عن قبول الجزء المتنازل عنه فقط ،ويبين لهم أنهم إن يحسنوا أى يصلحوا أى يؤمنوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان بما تعملون خبيرا والمراد فإن الله كان بالذى تفعلون عليما وسيثيبكم عليه بالجنة والخطاب للمؤمنين والمؤمنات .
"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما"يفسر قوله"وإن تصلحوا وتتقوا" قوله تعالى بنفس السورة"وإن تحسنوا وتتقوا"فتصلحوا تعنى تحسنوا والمعنى ولن تقدروا أن تقسطوا بين الزوجات ولو أردتم فلا تتركوا كل الترك فتتركوها كالمرفوعة وإن تحسنوا أى تطيعوا حكم الله فإن الله كان نافعا مفيدا لكم وإن ينفصلا يعطى الله كلا من رزقه وكان الله غنيا قاضيا، يبين الله للمؤمنين أنهم لا يستطيعون أى لا يقدرون على فعل التالى:العدل بين النساء والمراد المساواة بين الزوجات فى الحقوق حتى ولو حرصوا أى أرادوا العدل وهذا يعنى أن العدل بين الزوجات أمر مستحيل ،وينهى الله المؤمنين عن أن يميلوا كل الميل والمراد أن يتركوا إحدى الزوجات تركا كليا حتى لا يذروها كالمعلقة والمراد حتى لا يجعلوها كالمرفوعة التى ليست متزوجة وليست عزباء وإنما مجرد زوجة أمام الناس وإن كانت فعليا ليست زوجة وهذا يعنى أن العدل المطلوب بين الزوجات هو العدل الجزئى بمعنى أن لا يترك الزوج زوجته دون إعطائها حقوقها فى الجماع بحيث لا يحرم بعضهن منه حرمانا تاما ويبين لهم أنهم إن يصلحوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان غفورا رحيما والمراد فإن الله كان نافعا مفيدا لمن يطيعه برحمته ويبين لهم أنهم إن يتفرقا والمراد إن ينفصلا بالطلاق فسيغنى كلا من سعته والمراد فسيعطى الطليقين من رزقه وهو غناه ويبين لهم أنه واسع أى غنى يرزق العباد وهو حكيم أى قاضى يقضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى