تفسير سورة الأنفال وهى سورة التوبة5
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة الأنفال وهى سورة التوبة5
"والذين اتخذوا مسجدا ضرار وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون "المعنى والذين بنوا مصلى أذى و تكذيبا وإيقاعا بين المصدقين وتجميعا لمن عادى الرب ونبيه (ص)من قبل وليقسمن إن شئنا إلا النفع والرب يحكم أنهم لمفترون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا والمراد أن الذين شيدوا مصلى أذى للمسلمين وتكذيبا بحكم الله وتفريقا بين المؤمنين والمراد وإيقاعا للانقسام بين المصدقين بحكم الله وإرصادا لمن حارب الله ورسوله والمراد وتجميعا لمن قاتل الرب ونبيه (ص)من قبل إعلانهم الإسلام حتى يكونوا يدا واحدة على إضرار المسلمين يشهد الله أنهم لكاذبون والمراد يحكم الرب أنهم مفترون أى لا يقولون الحقيقة فى حلفهم وهو قسمهم والله إن أردنا به إلا الحسنى والمراد والرب ما شئنا بتشييد المصلى إلا الخير .
"لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين "المعنى لا تدخل فيه دوما لمصلى شيد على الخير من أسبق يوم أولى أن تبقى فيه ،فيه ذكور يريدون أن يتزكوا والرب يرحم المتزكين ،يطلب الله من نبيه (ص)ألا يقم فى مسجد الضرار أبدا والمراد ألا يصلى فى مسجد الضرار دوما وهذا يعنى أن يمتنع عن دخوله ،ويبين له أن المسجد الذى أسس على التقوى والمراد أن المصلى الذى شيد على الخير للمسلمين من أول يوم أحق أن يقوم فيه أى والمراد أولى أن يبقى فيه للصلاة والسبب أن فيه رجال يحبون أن يتطهروا والمراد أنه يدخله ذكور يريدون أن يتزكوا أى يرحموا من قبل الله والله يحب المطهرين والمراد والرب يرحم المتزكين وهم طلاب الرحمة أى طلاب التقدم وهو الخير.
"أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوانه خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به فى نار جهنم والله لا يهدى القوم الظالمين "المعنى هل من قامت قواعده على خوف من الرب وطلب رحمته أفضل أم من قامت قواعده على أساس كفر واهى فوقع بأصحابه فى عذاب النار والرب لا يرحم الناس الكافرين ،يسأل الله المؤمنين أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوانه والمراد هل من شيدت قواعده على خوف من عذاب الله وطلب رضاه وهو رحمته خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار والمراد أفضل أم من شيدت قواعده على أساس كفر مهزوم فانهار به فى نار جهنم والمراد فدخل الكفر بأصحابه فى عذاب النار؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن مسجد التقوى أحسن من مسجد الضرار ،والله لا يهدى القوم الظالمين أى والرب لا يرحم الناس الكافرين مصداق لقوله بنفس السورة "والله لا يهدى القوم الكافرين ".
"لا يزال بنيانهم الذى بنوا ريبة فى قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم "المعنى لا يفتأ مسجدهم الذى شيدوا تكذيب فى نفوسهم إلى أن تزهق أنفسهم والرب خبير قاضى ،يبين الله لنبيه(ص)أن بنيان وهو مسجد المنافقين لا يزال ريبة فى قلوبهم أى لا يفتأ كفر فى أنفسهم وهذا يعنى أنه يستمر فى أنفسهم تكذيب لحكم الله إلا أن تقطع قلوبهم والمراد إلى أن تزهق أى تموت أنفسهم وهى الساعة التى يؤمن فيها كل كافر عندما يرى العذاب والله عليم حكيم والمراد والرب خبير قاضى بالحق .
"إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك الفوز العظيم "المعنى إن الرب أخذ من المصدقين ذواتهم وأملاكهم مقابل الحديقة يحاربون فى نصر دين الرب فيذبحون ويذبحون حكما عليه صدقا فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أتم بوعده من الرب فافرحوا بجنتكم الذى قايضتم بها وذلك هو النصر الكبير ،يبين الله للنبى(ص) أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم والمراد إن الله قبل من المصدقين بحكمه حياة ذواتهم وأملاكهم مقابل أن يدخلهم الجنة وهى الحديقة وهم يقاتلون فى سبيل الله والمراد وهم يجاهدون لنصر حكم الله فيقتلون أى فيذبحون الكفار ويقتلون أى ويذبحون من قبل الكفار وهذا وعد عليه حق والمراد وهذا قول منه واقع أى صادق موجود فى التوراة والإنجيل والقرآن،ويسأل ومن أوفى بعهده من الله والمراد ومن أتم لقوله من الرب ؟والغرض إخبارنا أن الرب هو أفضل من يفى بالعهد ويطلب من المؤمنين أن يستبشروا ببيعهم الذى بايعوا به والمراد أن يفرحوا بجنتهم التى قايضوا بها حياتهم ومالهم فى الدنيا وذلك وهو دخول الجنة هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز العظيم "والخطاب فى معظم القول للنبى(ص) حتى بعهده من الله ثم للمؤمنين.
"التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر والحافظون حدود الله وبشر المؤمنين"المعنى العائدون المطيعون الشاكرون المتبعون المطيعون المتبعون العاملون بالعدل المبتعدون عن الباطل أى المطيعون أحكام الله وأفرح المصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن المؤمنين هم التائبون وهم العائدون للإسلام كلما أذنبوا وهم العابدون أى المطيعون لحكم الله الحامدون أى المطيعون حكم الله السائحون وهم المتبعون حكم الله الراكعون وهم المطيعون حكم الله الساجدون وهم المطيعون حكم الله الآمرون بالمعروف وهم العاملون بالإسلام الناهون عن المنكر وهم المبتعدون عن طاعة الباطل والحافظون لحدود الله وهم المطيعون لأحكام الرب ويطلب منه أن يبشر المؤمنين أى أن يخبر المصدقين "بأن لهم من الله فضلا كبيرا"كما قال بسورة الأحزاب والخطاب للنبى(ص).
"ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم "المعنى ما يحق للرسول(ص)والذين صدقوا أن يستعفوا للكافرين ولو كانوا أصحاب قرابة من بعد الذى ظهر لهم أنهم سكان النار ،يبين الله للناس أن ما كان للنبى(ص) والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين والمراد لا يحق للرسول(ص)والذين صدقوا حكم الله أن يستعفوا والمراد أن يطلبوا الرحمة وهى الجنة للكافرين ولو كانوا أولى قربى والمراد حتى ولو كانوا أهل قرابة كالأب والأم والابن والسبب أنه قد تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم والمراد أنه ظهر لهم فى الوحى أن الكافرين هم سكان النار مصداق لقوله بسورة البقرة "فأولئك أصحاب النار ".
"وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لآواه حليم "المعنى وما كان استعفاء إبراهيم(ص)لوالده إلا بسبب قولة قالها له فلما ظهر له أنه كاره لله اعتزله إن إبراهيم(ص)عواد عاقل ،يبين الله للناس أن استغفار إبراهيم (ص)لأبيه وهو استعفاء أى طلب إبراهيم (ص)الرحمة لوالده كان سببه موعدة وعدها إياها أى قولة قالها له ووجب تحقيقها عليه وهى قوله بسورة مريم"سأستغفر لك ربى إنه كان بى حفيا"فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه والمراد فلما ظهر لإبراهيم(ص)أن والده كاره لدين الله اعتزله أى فارقه وإبراهيم (ص)أواه حليم أى رشيد عاقل والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للناس.
"وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شىء عليم "المعنى ولا يحق لله أن يعاقب ناسا بعد أن نفعهم حتى يوضح لهم الذى يعملون إن الرب بكل أمر خبير ،يبين الله للناس أن ما كان لله ليضل قوما بعد إذ هداهم والمراد لا يحق لله أن يعاقب ناسا بعد أن نفعهم حتى يبين لهم ما يتقون أى حتى يوضح لهم ما يعملون من الحق وهذا يعنى أن الله لا يغير معاملته لقوم حتى ينزل الوحى فإن كذبوا غير معاملته لهم مصداق لقوله بسورة الأنفال "ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "والله بكل شىء عليم والمراد والرب بكل أمر خبير .
"إن الله له ملك السموات والأرض يحيى ويميت وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير "المعنى إن الرب له حكم السموات والأرض يخلق ويهلك وما لكم من سوى الرب من منقذ ولا واق ،يبين الله للناس أن الله له ملك أى حكم أى "ميراث السموات والأرض "كما قال بسورة آل عمران،وهو يحيى أى يخلق الخلق ويميت أى ويهلك الخلق أى ينقلهم من حياة لحياة أخرى ،وما لكم من دون الله من ولى أى نصير والمراد ليس لكم من سوى الله من منقذ أى واقى من عذاب الله مصداق لقوله بسورة الرعد"ما لك من الله من ولى ولا واق".
" لقد تاب الله على النبى والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه فى ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم"المعنى لقد غفر الرب للرسول(ص)والمنتقلين والمؤيدين الذين أطاعوه فى وقت الضيق من بعد ما هم يبعد نفوس جمع منهم أى غفر لهم إنه لهم نافع مفيد ،يبين الله للناس أنه قد تاب أى غفر أى رحم كل من النبى (ص)والمهاجرين وهم المنتقلين من بلادهم للمدينة والأنصار وهم المؤيدين لحكم الله فى المدينة وهم الذين اتبعوه فى ساعة العسرة والمراد وهم الذين أطاعوا أمر النبى (ص)بالجهاد فى وقت الشدة أى الضيق من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم والمراد من بعد ما أراد أى شاء الله أن يبعد عقول جمع منهم عن الطاعة والسبب أنهم أرادوا أى شاءوا فى ذلك الوقت البعد عن الطاعة وفى هذا قال بسورة الإنسان "وما تشاءون إلا أن يشاء الله"ثم تاب عليهم والمراد ثم غفر الله لهذا الفريق لأنه تاب من ذنبه إنه بهم رءوف رحيم والمراد إنه لهم نافع مفيد والخطاب وما بعده للناس .
"وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب الله عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم "المعنى وتاب على الثلاثة الذى قعدوا حتى إذا صغرت عندهم الأرض بالذى وسعت وخافت عليهم ذواتهم واعتقدوا أن لا مفر من الرب إلا له وغفر الرب لهم ليعودوا إن الرب هو الغفور النافع ،يبين الله للناس أنه تاب على الثلاثة الذين خلفوا والمراد أنه غفر للثلاثة الذين قعدوا عن الجهاد حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت والمراد حتى صغرت فى أنفسهم البلاد بالذى وسعت أى رغم كبرها العظيم وضاقت عليهم أنفسهم والمراد وخافت عليهم ذواتهم من النار وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه والمراد واعتقدوا أن لا مهرب من الرب إلا بالعودة إلى دينه لذا تاب الله عليهم ليتوبوا والمراد لذا غفر الرب لهم ليعودوا لجمع المسلمين وهو التواب الرحيم أى الغفور النافع لمن يتوب إليه والخطاب للناس.
"يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين "المعنى يا أيها الذين صدقوا أطيعوا الرب أى أصبحوا من العادلين،يخاطب الله الذين آمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فيقول:اتقوا الله أى "أطيعوا الله"كما قال بسورة التغابن والمراد اتبعوا حكم الله وفسر هذا بقوله وكونوا مع الصادقين أى أصبحوا من المطيعين لحكم الله والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"وما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا مخمصة فى سبيل الله ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوا نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين "المعنى ولا يحق لسكان يثرب ومن فى محيطها من البدو أن يقعدوا عن نبى الله(ص)ولا يفضلوا ذواتهم على ذاته ذلك بأنهم لا يمسهم عطش ولا جوع فى نصر الرب ولا يحتلون مكانا يغضب المكذبين ولا يأخذون من كاره أخذا إلا سجل لهم به فعل حسن إن الرب لا يخسر ثواب المصلحين ،يبين الله للمؤمنين أنه ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله والمراد لا يحق لسكان يثرب ومن فى أطرافها من البدو المؤمنين أن يقعدوا عن الجهاد مع نبى الرب(ص)طالما أمرهم بالجهاد وفسر هذا بألا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه والمراد ألا يفضلوا بقاء حياتهم بالقعود عن بقاء حياته ذلك وهو السبب أنهم لا يصيبهم ظمأ ولا مخمصة فى سبيل الله والمراد أنهم لا ينزل بهم عطش ولا جوع فى نصر دين الله ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار ولا يملكون مكانا يغضب ملكه المكذبين بدين الله ولا ينالون من عدوا نيلا أى ولا يأخذون من كاره لدين الله أخذا سواء ماليا أو نفوسا إلا كتب لهم به عمل صالح والمراد إلا سجل الله لهم بالعطش والجوع وملكية المكان والنيل كل واحد فعل حسن والله لا يضيع أجر المحسنين والمراد والرب لا يخسر ثواب الصالحين .
"ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون " المعنى ولا يدفعون مالا قليلا ولا كثيرا ولا يعبرون مكانا إلا سجل لهم ليثيبهم الرب بأفضل الذى كانوا يفعلون ،يبين الله للمؤمنين أنهم لا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة والمراد لا يعطون مالا قليلا ولا كثيرا فى سبيل الله ولا يقطعوا واديا أى ولا يجتازون مكانا لحرب العدو إلا كتب لهم والمراد إلا سجل لهم الإنفاق عملا صالحا وقطع الوادى عملا صالحا أخر والسبب أن يجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون والمراد أن يعطيهم أجرهم بأفضل ما كانوا يصنعون مصداق لقوله بسورة النحل"ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ".
"وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون "المعنى لا يحق للمصدقين أن يخرجوا كلهم فلولا خرج من كل قوم منهم جمع ليتعلموا الإسلام وليخبروا ناسهم إذا عادوا لهم لعلهم يطيعون ،يبين الله للناس أنه ما كان المؤمنون لينفروا كافة والمراد لا يحق للمصدقين بحكم الله أن يخرجوا كلهم لتعلم الإسلام وإنما الواجب أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة والمراد أن يخرج من كل قوم وهم أهل كل بلدة جمع أى عدد قليل والسبب أن يتفقهوا فى الدين والمراد أن يتعمقوا فى الإسلام والمراد أن يتعلموا أحكام الإسلام حتى ينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم والمراد حتى يبلغوا أهل بلدهم إذا عادوا إليهم بحكم الإسلام فى أى قضية لعلهم يحذرون أى لعلهم يطيعون حكم الرب والخطاب للناس.
"يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين "المعنى يا أيها الذين صدقوا حاربوا الذين يحاربونكم من المكذبين وليلقوا منكم شدة واعرفوا أن الرب ناصر المطيعين ،يخاطب الله الذين آمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فيقول:قاتلوا الذين يلونكم من الكفار والمراد حاربوا الذين يحاربونكم من المجرمين مصداق لقوله بسورة البقرة"وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم "وليجدوا فيكم غلظة والمراد وليلاقوا منكم شدة وهى ضرب الأعناق والبنان مصداق لقوله بسورة التوبة "فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان"واعلموا أن الله مع المتقين والمراد واعرفوا أن الرب ناصر الصابرين وهم المؤمنين مصداق لقوله بسورة البقرة "إن الله مع الصابرين"وقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين آمنوا" والخطاب للمؤمنين.
"وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون "المعنى وإذا ما أوحى حديث فمنهم من يقول أيكم أدامه هذا تصديقا فأما الذين صدقوا فأدامهم تصديقا وهم يفرحون ،يبين الله للنبى(ص) أن إذا ما أنزلت سورة والمراد أذا أوحيت مجموعة آيات فمن المنافقين من يسأل :أيكم زادته هذه إيمانا والمراد أيكم أضافت الآيات تصديقا لتصديقهم السابق بأخواتها ؟والغرض من السؤال هو أنهم يختبرون الناس من معهم ومن ليس معهم من خلال الإجابة ،ويبين لهم أن الذين آمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فزادتهم إيمانا أى فأضافت الآيات تصديقا لما سبق نزوله من آيات الله وهم يستبشرون أى يفرحون بها أى يؤمنون بها والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وأما الذين فى قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون "المعنى وأما الذين فى نفوسهم نفاق فأدامتهم مرضا مع مرضهم وتوفوا وهم مكذبون،يبين الله للمؤمنين أن الذين فى قلوبهم مرض وهم الذين أعقبهم الله فى نفوسهم نفاقا فزادتهم السورة رجسا إلى رجسهم والمراد"فزادهم الله مرضا"كما قال بسورة البقرة وهذا يعنى أن السورة أضافت كفرا إلى كفرهم السابق على نزولها وماتوا وهم كافرون أى وتوفوا وهم فاسقون كما قال بسورة التوبة"وماتوا وهم فاسقون "أى مكذبون بالسور.
"أو لا يرون أنهم يفتنون فى كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون "المعنى هل لا يعلمون أنهم يسقطون فى كل سنة مرة أو مرتين ثم لا يستغفرون أى ليسوا يتوبون ،يسأل الله أو لا يرون والمراد هل لا يعرف المنافقون أنهم يفتنون فى كل عام مرة أو مرتين والمراد هل لا يعلم المنافقون أنهم يسقطون فى كل سنة مرة أو اثنين بعملهم الذنوب ثم لا يتوبون أى لا يذكرون والمراد لا يستغفرون الله لذنبهم أى لا يعودون للإسلام؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن المنافقين كان لهم مع المسلمين سقطة أو اثنين فى كل عام تظهر ومع هذا كانوا لا يتوبون مما يعملون.
"وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون "المعنى وإذا ما أوحيت آيات بصر بعضهم ببعض هل يعرفكم من أحد ثم ابتعدوا أبعد الرب نفوسهم بأنهم ناس لا يفهمون ،يبين الله للمؤمنين أن إذا أنزلت سورة والمراد إذا ما أوحيت مجموعة آيات فيهم وقرأت وهم موجودين نظر بعضهم إلى بعض والمراد رنا كل واحد منهم ببصره تجاه أصحابه وهو يقول فى نفسه:هل يراكم من أحد أى هل يعرف بأشخاصكم أحد ؟وهذا السؤال يعنى أنهم يظنون أن الله لا يعلمهم ولا يعلم بهم المؤمنون ثم انصرفوا أى ابتعدوا عن مكان المسلمين صرف الله قلوبهم أى أبعد الله نفوسهم عن الإيمان والسبب أنهم قوم لا يفقهون أى ناس لا يعقلون كما قال بسورة الحشر"بأنهم قوم لا يعقلون ".
"لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم "المعنى لقد أتاكم مبعوث من وسطكم كبير عنده الذى خالفتم ،خائف عليكم للمصدقين نافع مفيد،يبين الله للناس أنهم جاءهم رسول من أنفسهم والمراد أنهم أتاهم مبعوث من وسطهم والمراد من جنسهم البشرى وهو عزيز عليه ما عنتم والمراد عظيم لديه الذى خالفتم أى كبير عنده الإسلام الذى كذبتم به،وهو حريص عليكم أى خائف عليكم من دخول النار ،بالمؤمنين رءوف رحيم والمراد للمصدقين بحكم الله نافع مفيد أى خادم مطيع والخطاب للناس.
"فإن تولوا فقل حسبى الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم "المعنى فإن كذبوا فقل حامينى الرب لا رب سواه به احتميت وهو خالق الملك الكريم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس إن تولوا أى كفروا بحكم الله فعليه أن يقول لهم :حسبى الله أى ناصرى أى حامينى هو الله لا إله إلا هو أى لا رب سواه والمراد لا خالق غيره ،عليه توكلت أى بطاعة حكمه احتميت من العذاب وهو رب العرش العظيم وهو خالق الكون الكريم مصداق لقوله بسورة المؤمنون"رب العرش الكريم "والخطاب للنبى(ص).
"لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين "المعنى لا تدخل فيه دوما لمصلى شيد على الخير من أسبق يوم أولى أن تبقى فيه ،فيه ذكور يريدون أن يتزكوا والرب يرحم المتزكين ،يطلب الله من نبيه (ص)ألا يقم فى مسجد الضرار أبدا والمراد ألا يصلى فى مسجد الضرار دوما وهذا يعنى أن يمتنع عن دخوله ،ويبين له أن المسجد الذى أسس على التقوى والمراد أن المصلى الذى شيد على الخير للمسلمين من أول يوم أحق أن يقوم فيه أى والمراد أولى أن يبقى فيه للصلاة والسبب أن فيه رجال يحبون أن يتطهروا والمراد أنه يدخله ذكور يريدون أن يتزكوا أى يرحموا من قبل الله والله يحب المطهرين والمراد والرب يرحم المتزكين وهم طلاب الرحمة أى طلاب التقدم وهو الخير.
"أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوانه خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به فى نار جهنم والله لا يهدى القوم الظالمين "المعنى هل من قامت قواعده على خوف من الرب وطلب رحمته أفضل أم من قامت قواعده على أساس كفر واهى فوقع بأصحابه فى عذاب النار والرب لا يرحم الناس الكافرين ،يسأل الله المؤمنين أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوانه والمراد هل من شيدت قواعده على خوف من عذاب الله وطلب رضاه وهو رحمته خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار والمراد أفضل أم من شيدت قواعده على أساس كفر مهزوم فانهار به فى نار جهنم والمراد فدخل الكفر بأصحابه فى عذاب النار؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن مسجد التقوى أحسن من مسجد الضرار ،والله لا يهدى القوم الظالمين أى والرب لا يرحم الناس الكافرين مصداق لقوله بنفس السورة "والله لا يهدى القوم الكافرين ".
"لا يزال بنيانهم الذى بنوا ريبة فى قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم "المعنى لا يفتأ مسجدهم الذى شيدوا تكذيب فى نفوسهم إلى أن تزهق أنفسهم والرب خبير قاضى ،يبين الله لنبيه(ص)أن بنيان وهو مسجد المنافقين لا يزال ريبة فى قلوبهم أى لا يفتأ كفر فى أنفسهم وهذا يعنى أنه يستمر فى أنفسهم تكذيب لحكم الله إلا أن تقطع قلوبهم والمراد إلى أن تزهق أى تموت أنفسهم وهى الساعة التى يؤمن فيها كل كافر عندما يرى العذاب والله عليم حكيم والمراد والرب خبير قاضى بالحق .
"إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك الفوز العظيم "المعنى إن الرب أخذ من المصدقين ذواتهم وأملاكهم مقابل الحديقة يحاربون فى نصر دين الرب فيذبحون ويذبحون حكما عليه صدقا فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أتم بوعده من الرب فافرحوا بجنتكم الذى قايضتم بها وذلك هو النصر الكبير ،يبين الله للنبى(ص) أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم والمراد إن الله قبل من المصدقين بحكمه حياة ذواتهم وأملاكهم مقابل أن يدخلهم الجنة وهى الحديقة وهم يقاتلون فى سبيل الله والمراد وهم يجاهدون لنصر حكم الله فيقتلون أى فيذبحون الكفار ويقتلون أى ويذبحون من قبل الكفار وهذا وعد عليه حق والمراد وهذا قول منه واقع أى صادق موجود فى التوراة والإنجيل والقرآن،ويسأل ومن أوفى بعهده من الله والمراد ومن أتم لقوله من الرب ؟والغرض إخبارنا أن الرب هو أفضل من يفى بالعهد ويطلب من المؤمنين أن يستبشروا ببيعهم الذى بايعوا به والمراد أن يفرحوا بجنتهم التى قايضوا بها حياتهم ومالهم فى الدنيا وذلك وهو دخول الجنة هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز العظيم "والخطاب فى معظم القول للنبى(ص) حتى بعهده من الله ثم للمؤمنين.
"التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر والحافظون حدود الله وبشر المؤمنين"المعنى العائدون المطيعون الشاكرون المتبعون المطيعون المتبعون العاملون بالعدل المبتعدون عن الباطل أى المطيعون أحكام الله وأفرح المصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن المؤمنين هم التائبون وهم العائدون للإسلام كلما أذنبوا وهم العابدون أى المطيعون لحكم الله الحامدون أى المطيعون حكم الله السائحون وهم المتبعون حكم الله الراكعون وهم المطيعون حكم الله الساجدون وهم المطيعون حكم الله الآمرون بالمعروف وهم العاملون بالإسلام الناهون عن المنكر وهم المبتعدون عن طاعة الباطل والحافظون لحدود الله وهم المطيعون لأحكام الرب ويطلب منه أن يبشر المؤمنين أى أن يخبر المصدقين "بأن لهم من الله فضلا كبيرا"كما قال بسورة الأحزاب والخطاب للنبى(ص).
"ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم "المعنى ما يحق للرسول(ص)والذين صدقوا أن يستعفوا للكافرين ولو كانوا أصحاب قرابة من بعد الذى ظهر لهم أنهم سكان النار ،يبين الله للناس أن ما كان للنبى(ص) والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين والمراد لا يحق للرسول(ص)والذين صدقوا حكم الله أن يستعفوا والمراد أن يطلبوا الرحمة وهى الجنة للكافرين ولو كانوا أولى قربى والمراد حتى ولو كانوا أهل قرابة كالأب والأم والابن والسبب أنه قد تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم والمراد أنه ظهر لهم فى الوحى أن الكافرين هم سكان النار مصداق لقوله بسورة البقرة "فأولئك أصحاب النار ".
"وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لآواه حليم "المعنى وما كان استعفاء إبراهيم(ص)لوالده إلا بسبب قولة قالها له فلما ظهر له أنه كاره لله اعتزله إن إبراهيم(ص)عواد عاقل ،يبين الله للناس أن استغفار إبراهيم (ص)لأبيه وهو استعفاء أى طلب إبراهيم (ص)الرحمة لوالده كان سببه موعدة وعدها إياها أى قولة قالها له ووجب تحقيقها عليه وهى قوله بسورة مريم"سأستغفر لك ربى إنه كان بى حفيا"فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه والمراد فلما ظهر لإبراهيم(ص)أن والده كاره لدين الله اعتزله أى فارقه وإبراهيم (ص)أواه حليم أى رشيد عاقل والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للناس.
"وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شىء عليم "المعنى ولا يحق لله أن يعاقب ناسا بعد أن نفعهم حتى يوضح لهم الذى يعملون إن الرب بكل أمر خبير ،يبين الله للناس أن ما كان لله ليضل قوما بعد إذ هداهم والمراد لا يحق لله أن يعاقب ناسا بعد أن نفعهم حتى يبين لهم ما يتقون أى حتى يوضح لهم ما يعملون من الحق وهذا يعنى أن الله لا يغير معاملته لقوم حتى ينزل الوحى فإن كذبوا غير معاملته لهم مصداق لقوله بسورة الأنفال "ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "والله بكل شىء عليم والمراد والرب بكل أمر خبير .
"إن الله له ملك السموات والأرض يحيى ويميت وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير "المعنى إن الرب له حكم السموات والأرض يخلق ويهلك وما لكم من سوى الرب من منقذ ولا واق ،يبين الله للناس أن الله له ملك أى حكم أى "ميراث السموات والأرض "كما قال بسورة آل عمران،وهو يحيى أى يخلق الخلق ويميت أى ويهلك الخلق أى ينقلهم من حياة لحياة أخرى ،وما لكم من دون الله من ولى أى نصير والمراد ليس لكم من سوى الله من منقذ أى واقى من عذاب الله مصداق لقوله بسورة الرعد"ما لك من الله من ولى ولا واق".
" لقد تاب الله على النبى والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه فى ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم"المعنى لقد غفر الرب للرسول(ص)والمنتقلين والمؤيدين الذين أطاعوه فى وقت الضيق من بعد ما هم يبعد نفوس جمع منهم أى غفر لهم إنه لهم نافع مفيد ،يبين الله للناس أنه قد تاب أى غفر أى رحم كل من النبى (ص)والمهاجرين وهم المنتقلين من بلادهم للمدينة والأنصار وهم المؤيدين لحكم الله فى المدينة وهم الذين اتبعوه فى ساعة العسرة والمراد وهم الذين أطاعوا أمر النبى (ص)بالجهاد فى وقت الشدة أى الضيق من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم والمراد من بعد ما أراد أى شاء الله أن يبعد عقول جمع منهم عن الطاعة والسبب أنهم أرادوا أى شاءوا فى ذلك الوقت البعد عن الطاعة وفى هذا قال بسورة الإنسان "وما تشاءون إلا أن يشاء الله"ثم تاب عليهم والمراد ثم غفر الله لهذا الفريق لأنه تاب من ذنبه إنه بهم رءوف رحيم والمراد إنه لهم نافع مفيد والخطاب وما بعده للناس .
"وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب الله عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم "المعنى وتاب على الثلاثة الذى قعدوا حتى إذا صغرت عندهم الأرض بالذى وسعت وخافت عليهم ذواتهم واعتقدوا أن لا مفر من الرب إلا له وغفر الرب لهم ليعودوا إن الرب هو الغفور النافع ،يبين الله للناس أنه تاب على الثلاثة الذين خلفوا والمراد أنه غفر للثلاثة الذين قعدوا عن الجهاد حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت والمراد حتى صغرت فى أنفسهم البلاد بالذى وسعت أى رغم كبرها العظيم وضاقت عليهم أنفسهم والمراد وخافت عليهم ذواتهم من النار وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه والمراد واعتقدوا أن لا مهرب من الرب إلا بالعودة إلى دينه لذا تاب الله عليهم ليتوبوا والمراد لذا غفر الرب لهم ليعودوا لجمع المسلمين وهو التواب الرحيم أى الغفور النافع لمن يتوب إليه والخطاب للناس.
"يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين "المعنى يا أيها الذين صدقوا أطيعوا الرب أى أصبحوا من العادلين،يخاطب الله الذين آمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فيقول:اتقوا الله أى "أطيعوا الله"كما قال بسورة التغابن والمراد اتبعوا حكم الله وفسر هذا بقوله وكونوا مع الصادقين أى أصبحوا من المطيعين لحكم الله والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"وما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا مخمصة فى سبيل الله ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوا نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين "المعنى ولا يحق لسكان يثرب ومن فى محيطها من البدو أن يقعدوا عن نبى الله(ص)ولا يفضلوا ذواتهم على ذاته ذلك بأنهم لا يمسهم عطش ولا جوع فى نصر الرب ولا يحتلون مكانا يغضب المكذبين ولا يأخذون من كاره أخذا إلا سجل لهم به فعل حسن إن الرب لا يخسر ثواب المصلحين ،يبين الله للمؤمنين أنه ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله والمراد لا يحق لسكان يثرب ومن فى أطرافها من البدو المؤمنين أن يقعدوا عن الجهاد مع نبى الرب(ص)طالما أمرهم بالجهاد وفسر هذا بألا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه والمراد ألا يفضلوا بقاء حياتهم بالقعود عن بقاء حياته ذلك وهو السبب أنهم لا يصيبهم ظمأ ولا مخمصة فى سبيل الله والمراد أنهم لا ينزل بهم عطش ولا جوع فى نصر دين الله ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار ولا يملكون مكانا يغضب ملكه المكذبين بدين الله ولا ينالون من عدوا نيلا أى ولا يأخذون من كاره لدين الله أخذا سواء ماليا أو نفوسا إلا كتب لهم به عمل صالح والمراد إلا سجل الله لهم بالعطش والجوع وملكية المكان والنيل كل واحد فعل حسن والله لا يضيع أجر المحسنين والمراد والرب لا يخسر ثواب الصالحين .
"ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون " المعنى ولا يدفعون مالا قليلا ولا كثيرا ولا يعبرون مكانا إلا سجل لهم ليثيبهم الرب بأفضل الذى كانوا يفعلون ،يبين الله للمؤمنين أنهم لا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة والمراد لا يعطون مالا قليلا ولا كثيرا فى سبيل الله ولا يقطعوا واديا أى ولا يجتازون مكانا لحرب العدو إلا كتب لهم والمراد إلا سجل لهم الإنفاق عملا صالحا وقطع الوادى عملا صالحا أخر والسبب أن يجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون والمراد أن يعطيهم أجرهم بأفضل ما كانوا يصنعون مصداق لقوله بسورة النحل"ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ".
"وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون "المعنى لا يحق للمصدقين أن يخرجوا كلهم فلولا خرج من كل قوم منهم جمع ليتعلموا الإسلام وليخبروا ناسهم إذا عادوا لهم لعلهم يطيعون ،يبين الله للناس أنه ما كان المؤمنون لينفروا كافة والمراد لا يحق للمصدقين بحكم الله أن يخرجوا كلهم لتعلم الإسلام وإنما الواجب أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة والمراد أن يخرج من كل قوم وهم أهل كل بلدة جمع أى عدد قليل والسبب أن يتفقهوا فى الدين والمراد أن يتعمقوا فى الإسلام والمراد أن يتعلموا أحكام الإسلام حتى ينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم والمراد حتى يبلغوا أهل بلدهم إذا عادوا إليهم بحكم الإسلام فى أى قضية لعلهم يحذرون أى لعلهم يطيعون حكم الرب والخطاب للناس.
"يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين "المعنى يا أيها الذين صدقوا حاربوا الذين يحاربونكم من المكذبين وليلقوا منكم شدة واعرفوا أن الرب ناصر المطيعين ،يخاطب الله الذين آمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فيقول:قاتلوا الذين يلونكم من الكفار والمراد حاربوا الذين يحاربونكم من المجرمين مصداق لقوله بسورة البقرة"وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم "وليجدوا فيكم غلظة والمراد وليلاقوا منكم شدة وهى ضرب الأعناق والبنان مصداق لقوله بسورة التوبة "فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان"واعلموا أن الله مع المتقين والمراد واعرفوا أن الرب ناصر الصابرين وهم المؤمنين مصداق لقوله بسورة البقرة "إن الله مع الصابرين"وقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين آمنوا" والخطاب للمؤمنين.
"وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون "المعنى وإذا ما أوحى حديث فمنهم من يقول أيكم أدامه هذا تصديقا فأما الذين صدقوا فأدامهم تصديقا وهم يفرحون ،يبين الله للنبى(ص) أن إذا ما أنزلت سورة والمراد أذا أوحيت مجموعة آيات فمن المنافقين من يسأل :أيكم زادته هذه إيمانا والمراد أيكم أضافت الآيات تصديقا لتصديقهم السابق بأخواتها ؟والغرض من السؤال هو أنهم يختبرون الناس من معهم ومن ليس معهم من خلال الإجابة ،ويبين لهم أن الذين آمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فزادتهم إيمانا أى فأضافت الآيات تصديقا لما سبق نزوله من آيات الله وهم يستبشرون أى يفرحون بها أى يؤمنون بها والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وأما الذين فى قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون "المعنى وأما الذين فى نفوسهم نفاق فأدامتهم مرضا مع مرضهم وتوفوا وهم مكذبون،يبين الله للمؤمنين أن الذين فى قلوبهم مرض وهم الذين أعقبهم الله فى نفوسهم نفاقا فزادتهم السورة رجسا إلى رجسهم والمراد"فزادهم الله مرضا"كما قال بسورة البقرة وهذا يعنى أن السورة أضافت كفرا إلى كفرهم السابق على نزولها وماتوا وهم كافرون أى وتوفوا وهم فاسقون كما قال بسورة التوبة"وماتوا وهم فاسقون "أى مكذبون بالسور.
"أو لا يرون أنهم يفتنون فى كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون "المعنى هل لا يعلمون أنهم يسقطون فى كل سنة مرة أو مرتين ثم لا يستغفرون أى ليسوا يتوبون ،يسأل الله أو لا يرون والمراد هل لا يعرف المنافقون أنهم يفتنون فى كل عام مرة أو مرتين والمراد هل لا يعلم المنافقون أنهم يسقطون فى كل سنة مرة أو اثنين بعملهم الذنوب ثم لا يتوبون أى لا يذكرون والمراد لا يستغفرون الله لذنبهم أى لا يعودون للإسلام؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن المنافقين كان لهم مع المسلمين سقطة أو اثنين فى كل عام تظهر ومع هذا كانوا لا يتوبون مما يعملون.
"وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون "المعنى وإذا ما أوحيت آيات بصر بعضهم ببعض هل يعرفكم من أحد ثم ابتعدوا أبعد الرب نفوسهم بأنهم ناس لا يفهمون ،يبين الله للمؤمنين أن إذا أنزلت سورة والمراد إذا ما أوحيت مجموعة آيات فيهم وقرأت وهم موجودين نظر بعضهم إلى بعض والمراد رنا كل واحد منهم ببصره تجاه أصحابه وهو يقول فى نفسه:هل يراكم من أحد أى هل يعرف بأشخاصكم أحد ؟وهذا السؤال يعنى أنهم يظنون أن الله لا يعلمهم ولا يعلم بهم المؤمنون ثم انصرفوا أى ابتعدوا عن مكان المسلمين صرف الله قلوبهم أى أبعد الله نفوسهم عن الإيمان والسبب أنهم قوم لا يفقهون أى ناس لا يعقلون كما قال بسورة الحشر"بأنهم قوم لا يعقلون ".
"لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم "المعنى لقد أتاكم مبعوث من وسطكم كبير عنده الذى خالفتم ،خائف عليكم للمصدقين نافع مفيد،يبين الله للناس أنهم جاءهم رسول من أنفسهم والمراد أنهم أتاهم مبعوث من وسطهم والمراد من جنسهم البشرى وهو عزيز عليه ما عنتم والمراد عظيم لديه الذى خالفتم أى كبير عنده الإسلام الذى كذبتم به،وهو حريص عليكم أى خائف عليكم من دخول النار ،بالمؤمنين رءوف رحيم والمراد للمصدقين بحكم الله نافع مفيد أى خادم مطيع والخطاب للناس.
"فإن تولوا فقل حسبى الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم "المعنى فإن كذبوا فقل حامينى الرب لا رب سواه به احتميت وهو خالق الملك الكريم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس إن تولوا أى كفروا بحكم الله فعليه أن يقول لهم :حسبى الله أى ناصرى أى حامينى هو الله لا إله إلا هو أى لا رب سواه والمراد لا خالق غيره ،عليه توكلت أى بطاعة حكمه احتميت من العذاب وهو رب العرش العظيم وهو خالق الكون الكريم مصداق لقوله بسورة المؤمنون"رب العرش الكريم "والخطاب للنبى(ص).
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة الأنفال وهى سورة التوبة3
» تفسير سورة الأنفال
» تفسير سورة الأنفال وهى التوبة4
» سورة الأنفال وهى سورة التوبة 2
» سورة الأنفال وهى سورة التوبة 1
» تفسير سورة الأنفال
» تفسير سورة الأنفال وهى التوبة4
» سورة الأنفال وهى سورة التوبة 2
» سورة الأنفال وهى سورة التوبة 1
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى