تابع تفسير سورة آل عمران3
صفحة 1 من اصل 1
تابع تفسير سورة آل عمران3
فبما رحمة من ربك لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لإنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحجر"فاصفح الصفح الجميل"فاعف تعنى اصفح وقوله بسورة التوبة "وصل عليهم"فاستغفر لهم تعنى صل عليهم وقوله بسورة هود "فاعبده وتوكل عليه"فتوكل تعنى اعبد وقوله بسورة البقرة"إن الله يحب المحسنين"فالمتوكلين هم المحسنين والمعنى فبما حكم من إلهك سهلت لهم ولو أصبحت قاسيا جامد النفس لتخلوا عنك فاغفر لهم واطلب لهم من الله العفو وشاركهم فى القرار فإذا قررت فاحتمى بحكم الله أن الله يثيب المحتمين به ،يبين الله لرسوله(ص)أنه برحمة من الله والمراد بوحى منه أطاعه لان للمؤمنين أى ذل لهم والمراد أصبح خادما لهم ،ويبين له أنه لو كان فظا أى غليظ القلب والمراد قاسى النفس أى كافر الصدر لإنفض المؤمنين من حوله أى لتخلى المؤمنين عن طاعته والمراد لكفروا بما يقول فتركوه وحيدا ،ويطلب الله من رسوله(ص) أن يعفو عن المؤمنين والمراد أى يصفح عن ذنبهم بعصيانه فى الحرب وطلب منه أن يستغفر لهم أى أن يطلب لهم من الله العفو عن ذنبهم وأن يشاورهم فى الأمر والمراد وأن يشاركهم فى اتخاذ القرار وهذا يعنى أن النبى(ص)واحد من ضمن المشاركين فى اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم ويبين له أنه إن عزم فعليه أن يتوكل عليه والمراد أنه إن قرر فى مسألة قرارا فعليه أن يطيع حكم الله فى المسألة محتميا بهذه الطاعة من عذاب الله ومن ثم قرارات المسلمين لابد أن توافق حكم الله ويبين له أن الله يحب المتوكلين والمراد أن الله يرحم الطائعين لحكمه والخطاب للنبى(ص) .
"إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحج "ومن يهن الله فما له من مكرم"فيخذل تعنى يهن والذى لا ينصر من الله هو ليس المكرم وقوله بسورة يوسف "وعليه فليتوكل المتوكلون"فالمؤمنون هم المتوكلون والمعنى إن يؤيدكم الله فلا هازم لكم وإن يهزمكم فمن هذا الذى يؤيدكم من بعده وبطاعة الله فليحتمى المطيعون ،يبين الله للمؤمنين أنه إن ينصرهم أى يؤيدهم على عدوهم فلا غالب لهم والمراد لا هازم لهم يقدر على تحويل فوزهم إلى هزيمة وإن يخذلهم أى يهزمهم أى يتخلى عنهم فليس هناك أحد ينصرهم أى يؤيدهم ويبين لهم أن على الله يتوكل المؤمنون والمراد بطاعة حكم الله يحتمى الطائعون لحكمه من عذابه والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النحل"ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة"فما غل هو الوزر أى الذنب الذى يأتى معه يوم البعث وقوله بسورة غافر"اليوم تجزى كل نفس بما كسبت"فتوفى تعنى تجزى وقوله بسورة النحل"وتوفى كل نفس ما عملت "فكسبت تعنى عملت والمعنى وما كان لرسول(ص)أن يسرق ومن يسرق يجىء بما أذنب يوم البعث ثم تعطى كل نفس جزاء ما عملت وهم لا ينقصون حقا،يبين الله للمؤمنين أن النبى أى نبى لا يمكن أن يغل أى يسرق من الغنيمة أو غيرها مهما حدث وأن من يغلل أى من يسرق من الغنيمة أو غيرها يأت بما غل يوم القيامة والمراد يحضر بذنب السرقة فى كتابه يوم البعث وبعد توفى كل نفس ما كسبت والمراد ويعطى كل فرد جزاء ما عمل فى الدنيا ثوابا أو عقابا وهم لا يظلمون أى لا ينقصون من حقهم شيئا وهذا يعنى أن العدل هو الذى يحكم يوم القيامة .
" أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير"يفسر الآية قوله تعالى بسورة يونس"مأواهم النار"فجهنم تعنى النار وقوله بسورة الأنفال"فقد باء بغضب من الله"فسخط تعنى غضب وقوله بسورة آل عمران"وبئس المهاد"فالمصير هو المهاد والمعنى أفمن دخل جنة الله كمن عاد بعقاب من الله أى مكانه النار وقبح المقام ،يسأل الله هل من اتبع رضوان الله أى من أطاع الله فدخل الجنة كمن باء بسخط من الله أى كمن عاد بعذاب من الله أى مأواه جهنم أى مقامه النار وبئس المصير أى وساء المقام ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن المسلم لا يتساوى مع الكافر فى الجزاء فهذا فى رحمة الله وهذا فى عذاب الله والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس وما بعده.
"هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون"يفسر القول الأخير قوله تعالى بسورة فاطر"إن الله عليم بما يصنعون"فبصير تعنى عليم ويعملون تعنى يصنعون والمعنى هم طبقات لدى الله والله عليم بالذى يصنعون،يبين الله لنا أن المسلمين والكفار درجات عند الله والمراد جزاءات مختلفة لدى الله ويبين لهم أنه بصير بما يعملون والمراد أنه عليم بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليه ومن ثم علينا أن نحذر من مخالفته .
"ولقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"كما أرسلنا فيكم رسولا منكم"فبعث تعنى أرسل وقوله بسورة التوبة"هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق"فآيات الله وهى الكتاب وهى الحكمة هى الهدى أى دين الله وقوله بسورة الروم"وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم لمبلسين"فكونهم على الضلال المبين هو كونهم مبلسين والمعنى ولقد تفضل الله على المصدقين بحكمه إذ أرسل لهم مبعوثا من وسطهم يبلغ لهم أحكام الله أى يطهرهم أى يعرفهم الوحى أى حكم الله وإن كانوا من قبل لفى جهل كبير ،يبين الله لنا أنه من على المؤمنين والمراد أنه رحم المصدقين بحكم الله إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم والمراد عندما أرسل منهم نبيا من بينهم يتلوا عليهم آيات الله والمراد يبلغ لهم أحكام الله وفسر هذا بأنهم يزكيهم أى يطهرهم بطاعة أحكام الله التى يبلغها لهم وفسر هذا بأنه يعلمهم أى يعرفهم الكتاب أى الحكم وهو دين الله،ويبين لنا أن المؤمنين كانوا من قبل نزول الكتاب على الرسول(ص) فى ضلال مبين أى جهل كبير أى كفر عظيم والخطاب للناس.
"أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شىء قدير"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران"إن يمسسكم قرح"فأصابتكم تعنى مسكم وقوله بسورة الشورى"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم"فمن عند الأنفس هو كسب الأيدى وقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"فقدرة الله على كل شىء هى فعله لما يريد والمعنى أإذا مسكم ضرر قد فعلتم ضعفيه قلتم كيف هذا قل هو من عمل أنفسكم إن الله لكل أمر يريده فاعل،يبين الله للمؤمنين أنهم لما أصابتهم المصيبة والمراد أنهم لما مسهم الضر الممثل فى قتل بعضهم فى أحد قد أصابوا مثليها والمراد أنهم قد قتلوا ضعف العدد الذى قتل منهم فى معاركهم مع كفار مكة قالوا :أنى هذا أى كيف حدث هذا مع أن الله ناصرنا؟فطلب الله من رسوله(ص)أن يقول لهم ردا على سؤالهم:هو من عند أنفسكم والمراد هو من عمل أنفسكم وهذا يعنى أن السبب فى الهزيمة هو عمل المؤمنين الممثل فى عصيانهم أمر الرسول(ص)فى الحرب وأن يقول لهم:إن الله على كل شىء قدير والمراد أن الله لكل أمر يريده فاعل والخطاب للمؤمنين ثم للنبى(ص)
"وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لأتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والله أعلم بما يكتمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة "يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم"فقول الأفواه ما ليس فى قلوبهم هو إرضاء المؤمنين بالقول مع رفض القلوب لهذا وقوله بسورة آل عمران "ويعلم الصابرين"فالمؤمنين هم الصابرين وقوله بسورة الأحزاب"قد يعلم الله المعوقين منكم"فالذين نافقوا هم المعوقين لكم وقوله بسورة هود"الله أعلم بما فى أنفسهم "فما يكتمون هو الذى فى أنفسهم والمعنى وما مسكم يوم تقاتلت الفئتان فبأمر الله وليعرف المصدقين بحكم الله وليعرف الذين مرضوا وقيل لهم :هلموا حاربوا فى نصر دين الله أى قاوموا قالوا لو نعرف حربا واقعة لذهبنا معكم هم للتكذيب يومذاك أدنى منهم للتصديق يقولون بألسنتهم الذى ليس فى نفوسهم والله أعرف بالذى يسرون،يبين الله للمؤمنين أن ما أصابهم وهو ما نزل بهم من الهزيمة يوم التقى الجمعان أى يوم تقاتلت جماعة المسلمين وجماعة الكافرين هو بإذن أى أمر الله والسبب فى الهزيمة هو أن يعلم الله المؤمنين ويعلم الذين نافقوا والمراد أن يميز الله المسلمين ويميز الذين أظهروا الإسلام وأخفوا الكفر ،ويبين الله للمؤمنين أنهم قالوا للمنافقين:تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا والمراد هيا لتجاهدوا فى نصر دين الله أى حاربوا كان ردهم :لو نعلم قتالا لأتبعناكم والمراد لو نعرف حربا ستحدث لذهبنا معكم وهذا يعنى أنهم يعتقدون اعتقادا جازما أن الحرب لن تحدث ولذا فهم لن يذهبوا لمعرفتهم بذلك وهذا إدعاء بعلم الغيب منهم وهو ذنب أخر ،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين كانوا فى ذلك اليوم أقرب للكفر أى أعمل للتكذيب بحكم الله من الإيمان وهو التصديق بحكم الله ،ويبين لهم أنهم يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والمراد يتكلمون بألسنتهم كلاما حسنا ليس فى نفوسهم التى تمتلىء بالحقد ،ويبين للمؤمنين أنه أعلم بما يكتمون والمراد أعرف بالذى يخفون فى أنفسهم من الحقد والخطاب حتى فبإذن الله للمؤمنين ثم للنبى(ص)بعده وما بعده.
"الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة البقرة"إن كنتم مؤمنين"فصادقين تعنى مؤمنين والمعنى الذين قالوا لأصحابهم وتخلفوا عن القتال :لو اتبعونا ما ذبحوا قل فامنعوا عن أنفسكم الوفاة إن كنتم محقين ، يبين الله للمؤمنين أن المنافقين قالوا لإخوانهم وهم أصحابهم وقد قعدوا أى تخلفوا عن الذهاب عن الحرب :لو أطاعونا أى لو اتبعنا المسلمين فى القعود ما قتلوا أى ما ذبحوا فى الحرب ،ويطلب الله من رسوله (ص)أن يقول لهم:فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين والمراد فامنعوا عن ذواتكم الوفاة إن كنتم محقين فى زعمكم أنكم مؤمنين ،والغرض من الرد إخبارهم أن الموت لا هروب منه بالقعود عن الحرب أو غير هذا .
"ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"المعنى ولا تظنن الذين ذبحوا فى نصر دين الله متوفين إنما شهداء لدى خالقهم ينتفعون ،يطلب الله من رسوله(ص)ألا يحسب والمراد ألا يظن الظن التالى :أن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا والمراد الذين ذبحوا من أجل نصر دين الله متوفين لا يعيشون بعد الدنيا وإنما عليه أن يظن أنهم أحياء أى عائشين عند ربهم والمراد يعيشون لدى خالقهم فى جنته وهم يرزقون أى يتمتعون بنعيم الجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فرحين بما أتاهم من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "يستبشرون بنعمة من الله"فالفضل هو النعمة وقوله بسورة الزمر"لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون"فالخوف هو السوء والمعنى مسرورين بالذى أعطاهم الله من رحمته ويستفرحون بالذين لم يصلوا إليهم من وراءهم ألا عقاب لهم أى ليسوا يعذبون ،يبين الله لرسوله(ص)أن الشهداء فرحين أى مسرورين والمراد متمتعين بما أتاهم الله من فضله والمراد بالذى أعطاهم الله من رحماته وهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم والمراد أن الشهداء يطلبون الفرحة بالذين لم يصلوا للجنة من الدنيا لأنهم لم يموتوا بعد من المسلمين ،ويبين له أن الشهداء لا خوف عليهم أى لا عقاب عليهم فهم لا يدخلون النار وفسر هذا بأنهم لا يحزنون أى لا يعذبون فى البرزخ والقيامة .
"ويستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"إنا لا نضيع أجر المصلحين"فالمؤمنين أى المصلحين والمعنى ويفرحون بحكم من الله أى رحمة وإن الله لا ينقص ثواب المصدقين بحكمه ،يبين الله لرسوله(ص)أن الشهداء يستبشرون بنعمة من الله أى فضل والمراد يطلبون الخبر المفرح عن رحمة الله وهى متاعه للمؤمنين ،ويبين لنا أنه لا يضيع أجر المؤمنين أى لا ينقص ثواب المصدقين بحكم الله وهذا يعنى أنه لا يحبط ثواب عملهم .
"الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأحزاب"من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "فالاستجابة لله ورسوله(ص) هى طاعتهم والأجر هو الفوز العظيم والمعنى الذين أطاعوا الله ورسوله(ص)من بعد ما مسهم الضرر للذين أصلحوا منهم أى اتبعوا ثواب كبير ،يبين الله للمؤمنين أن الذين استجابوا لله ورسوله(ص)وهم الذين أطاعوا أمر الله ونبيه(ص) بالذهاب لقتال الكفار بعد معركة أحد من بعد ما أصابهم القرح والمراد من بعد ما نزلت بهم الهزيمة وفسرهم بأنهم الذين أحسنوا أى اتقوا أى اتبعوا حكم الله ونبيه(ص) لهم من الله الأجر العظيم وهو الثواب الكبير الممثل فى دخول الجنة والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده .
"الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر"ويخوفونك بالذين من دونه"فاخشوهم تعنى أنهم يخوفوهم بالكفار وقوله بسورة محمد"زادهم هدى"فإيمانا تعنى هدى وقوله بسورة الأنفال "نعم المولى ونعم النصير" فالوكيل هو المولى هو النصير والمعنى الذين قال لهم المنافقون إن الكفار قد احتشدوا لكم فخافوهم فأدامهم تصديقا وقالوا كافينا الله وحسن الناصر،يبين الله لنا أن المستجيبين لله ونبيه(ص)هم الذين قال لهم الناس والمراد المنافقين : إن الناس أى كفار قريش قد تحزبوا لكم فاخشوهم أى فخافوا أذاهم لكم فكان ردهم أن قالوا :حسبنا الله والمراد ناصرنا الله ونعم الوكيل أى وحسن الناصر وهو رد يبين أن الله زادهم إيمانا والمراد أدام تصديقهم بحكمه أى جعل إسلامهم مستمر .
"فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم" فرضوان الله هو ما أنزل الرب وقوله بسورة الأنعام "وربكم ذو رحمة واسعة"فالفضل العظيم هو الرحمة الواسعة والمعنى فعادوا برحمة من الله أى نفع لم يصبهم أذى وأطاعوا حكم الله والله صاحب رحمة واسعة ،يبين الله لنا أن المستجيبين لله ونبيه(ص)لما ذهبوا للقتال خاف منهم الكفار فانقلب أى فعاد المسلمون بنعمة أى فضل أى رحمة أى عطاء من الله هو النصر حيث لم يمسسهم سوء والمراد لم يصبهم ضرر ،وقد اتبعوا رضوان الله والمراد وقد أطاعوا حكم الله وهو الإسلام الذى رضاه لهم دينا بقوله بسورة المائدة"ورضيت لكم الإسلام دينا"ويبين لنا أنه ذو فضل عظيم أى صاحب رحمة واسعة لمن يستجيب له.
"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة "فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين "فخافون تعنى اخشونى وقوله بسورة البقرة"إن كنتم صادقين"فمؤمنين تعنى صادقين والمعنى إنما تلكم الشهوة تفزع أنصارها فلا ترهبوها وارهبون إن كنتم صادقين ،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو شهوات النفس تخوف أوليائها والمراد تفزع أنصارها من الموت فى القتال أو غيره حتى يطيعوها ويطلب الله من المؤمنين ألا يخافوا الكفار والمراد ألا يرهبوا أذى الكفار وأن يخافوه أى يرهبوا عذاب الله فيطيعوا حكمه إن كانوا مؤمنين أى مصدقين لحكمه أى صادقين فى زعمهم أنهم مسلمون والخطاب للمؤمنين.
"ولا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا فى الآخرة ولهم عذاب عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "وما له فى الآخرة من خلاق"فالحظ هو الخلاق وقوله فى سورة آل عمران"ولهم عذاب مهين"فالعظيم هو المهين والمعنى ولا يخيفك الذين يتسابقون فى التكذيب لحكم الله إنهم لن يصيبوا دين الله بأذى يحب الله ألا يضمن لهم نصيب فى الجنة أى يريد لهم عقاب شديد،يطلب الله من رسوله(ص)ألا يحزنه الذين يسارعون فى الكفر والمراد أى ألا يضايقه أى ألا يخيفه الذين يتسابقون إلى ارتكاب أعمال التكذيب بوحى الله لأنهم لن يضروا الله شيئا والمراد لأنهم لن يصيبوا دين الله بكفرهم أى بألفاظ أخرى لن يطفئوا نور الله بتكذيبهم له والله يريد ألا يجعل لهم نصيب فى الآخرة والمراد والله يحب ألا يضمن لهم مكان فى الجنة وفسر هذا بأنه يريد لهم عذاب عظيم أى عقاب كبير هو دخول النار ،والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب مهين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى"فالكفر هو الضلالة والهدى هو الإيمان وقوله بنفس السورة "ولهم عذاب عظيم "فالمهين هو العظيم والمعنى إن الذين بادلوا التكذيب بالتصديق لن يصيبوا دين الله بأذى ولهم عقاب كبير،يبين الله لرسوله(ص)أن الذين اشتروا الكفر بالإيمان والمراد الذين اتبعوا التكذيب بوحى الله وتركوا التصديق به لن يضروا الله شيئا والمراد لن يصيبوا وحى الله بأذى والمراد لن يقدروا على إزالة دين الله من الوجود بكفرهم ولهم عذاب مهين أى لهم عقاب شديد فى الدنيا والآخرة .
"ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملى لهم خيرا لأنفسهم إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة المؤمنون"أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم فى الخيرات"فنملى تعنى نمد والخير هو المال والبنون وقوله بسورة البقرة"ونمدهم فى طغيانهم يعمهون"فيزدادوا تعنى يعمهون والإثم هو الطغيان وقوله بسورة آل عمران"ولهم عذاب عظيم "فالمهين هو العظيم والمعنى ولا يظنن الذين كذبوا حكم الله إن الذى نعطيهم نفع لأنفسهم إنما نعطيهم ليعملوا كفرا ولهم عقاب عظيم ،يبين الله للكفار أن عليهم ألا يحسبوا أنما يملى الله خيرا لأنفسهم والمراد ألا يعتقدوا أن ما يعطيهم الله من متع الدنيا هو نفع لمصلحتهم وإنما عليهم أن يعتقدوا أنه يملى لهم ليزدادوا إثما والمراد أن الله يعطيهم النفع كى يستمروا فى تكذيبهم بوحى الله وهو كفرهم لوحى الله ومن ثم لهم عذاب مهين أى عقاب شديد والخطاب للنبى(ص).
"ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء فأمنوا بالله ورسله وأن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم" يفسر الآية قوله تعالى بسورة الجن"عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول" وقوله بسورة الحج "الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس"فيطلعكم تعنى يظهركم على غيبه ويجتبى تعنى يصطفى وقوله بسورة الفتح"فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا"فتتقوا تعنى تطيعوا والعظيم هو الحسن والمعنى ما كان الله ليترك المصدقين على الكفر الذى أنتم عليه حتى يفصل الضار من النافع وما كان الله ليخبركم بالوحى ولكن الله يصطفى من مبعوثيه من يريد فصدقوا بالله وأنبيائه (ص)وأن تصدقوا وتتبعوا فلكم ثواب حسن ،يبين الله للكفار أنه ما كان ليذر المؤمنين على ما الكفار عليه والمراد أنه ما كان ليدع المسلمين على الكفر الذى الكفار عليه والسبب أن يميز الخبيث من الطيب والمراد أن يفرق الضار وهو الكفار عن النافع وهو المسلمين ،إذا فسبب نزول الوحى هو أن يعرف الله المسلم له من الكافر به ،ويبين للكفار أن ما كان ليطلعهم على الغيب والمراد أنه ما كان ليخبرهم اصطفاء منه لهم بالوحى وهذا يعنى أن الله حرم الكفار من العلم بالوحى ولكن يجتبى من رسله من يشاء والمراد وإنما يصطفى الله من أنبيائه(ص)من يريد فيطلعه على الغيب وهو الوحى وهذا يعنى أن الرسل(ص)هم وحدهم من يخبرهم الله بالغيب وهو الوحى ،ويطلب الله من الكفار أن يؤمنوا بالله ورسله(ص)والمراد أن يصدقوا بحكم الله وأنبيائه(ص)ويبين لهم أنهم إن يؤمنوا أى يصدقوا حكم الله ويتقوا أى ويطيعوا حكم الله يكون لهم أجر عظيم والمراد ثواب كبير هو الجنة والخطاب للكفار.
"ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خير لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير "يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة"والذين يكنزون الذهب والفضة ثم لا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم"فيبخلون تعنى يكنزون وما أتاهم الله من فضله هو الذهب والفضة ويطوقون بما بخلوا تعنى العذاب الأليم وقوله بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فميراث هو ملك وقوله بسورة فاطر"إن الله عليم بما يصنعون"فيعملون تعنى يصنعون وخبير تعنى عليم والمعنى ولا يظنن الذين يمنعون الذى أعطاهم الله من رحمته هو أفضل لهم إنما هو أذى لهم سيعذبون بالذى منعوه يوم البعث ولله ملك السموات والأرض والله بالذى تصنعون عليم ،يطلب الله من الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله والمراد الذين يمنعون الذى أعطاهم الله من رزقه وهو المال ألا يحسبوا ذلك خير لهم والمراد ألا يظنوا أن الرزق نفع لهم فى الدنيا والآخرة وإنما هو شر لهم والمراد سبب لأذى القوم والأذى هو أنهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة والمراد سيعذبون بالمال وهو الذهب والفضة فى يوم البعث كما قال تعالى بسورة التوبة"والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم "فكى الجباه والجنوب والظهور هو التطويق بها ويبين لهم أن له ميراث أى ملك أى حكم من فى السموات والأرض وأنه بما يعملون خبير والمراد أنه بالذى يصنعون فى دنياهم عليم وسيحاسبهم عليه والخطاب للمؤمنين حتى والله بما فهو للناس وما قبله محذوف الله أعلم به.
"لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق "يفسر الآية قوله تعالى بسورة المائدة"وقالت اليهود يد الله مغلولة"فالله هو الفقير صاحب اليد المغلولة سبحانه وتعالى عن ذلك وقوله بسورة القمر"وكل صغير وكبير مستطر"فسنكتب تعنى سنسطر وقوله بسورة السجدة"ذوقوا عذاب النار"فالحريق هو النار والمعنى لقد علم الله كلام الذين زعموا:إن الله محتاج ونحن مستكفين سنسجل الذى تحدثوا به وذبحهم الرسل دون جريمة ارتكبوها ونقول ادخلوا عقاب النار،يبين الله للمؤمنين أنه سمع أى علم بقول وهو حديث الذين قالوا:إن الله فقير والمراد محتاج أى عاجز عن الإنفاق ونحن أغنياء أى مستكفين لا نحتاج لأحد ،ويبين لنا أنه سيكتب ما قالوا والمراد سيسجل الذى تحدثوا به فى كتبهم المنشرة يوم البعث وسيسجل قتلهم الأنبياء بغير حق والمراد سيسطر فى كتبهم ذبحهم الرسل(ص) دون جريمة ارتكبوها يستحقون عليها الذبح وفى يوم القيامة تقول لهم الملائكة"ذوقوا عذاب الحريق "والمراد ادخلوا عقاب النار الذى تستحقون والخطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده.
"ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد"يفسر الآية قوله تعالى بسورة المائدة"لبئس ما قدمت لهم أنفسهم" فأيديكم هى أنفسكم وقوله بسورة آل عمران"وما الله يريد ظلما للعباد"فالعبيد هم العباد والمعنى دخول النار بسبب الذى عملت أنفسكم وأن الله ليس بمنقص حق الناس ،يبين الله لنا أن الملائكة تقول للقوم:ذلك بما قدمت أيديكم والمراد ذوقوا عذاب الحريق بالذى صنعت أنفسكم من الذنوب وهذا هو سبب دخولهم العذاب وأن الله ليس ظلام للعبيد والمراد أن الله ليس بمنقص حق الناس حيث يحاسبهم بالعدل .
"الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلى بالبينات وبالذى قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين"المعنى الذين قالوا إن الله أخذ علينا ألا نصدق نبى حتى يجيئنا بقربان تحرقه النار قل يا محمد (ص)قد أتاكم أنبياء(ص)من قبلى بالآيات وبالذى طلبتم فلما ذبحتموهم إن كنتم مؤمنين ،يبين الله لنا أن اليهود قالوا للرسول(ص) لما دعاهم للإيمان به:إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار والمراد إن الله أمرنا ألا نصدق بنبى حتى يجيئنا بقربان أى شىء يتقرب به لله كبهيمة أو نبات تنزل عليه النار فتلتهمه ،ومعنى قولهم هذا أن الرسول (ص)مطلوب منه أن يأتيهم بالقربان فطلب الله من رسوله(ص)أن يقول لهم:قد جاءكم رسل من قبلى والمراد قد أتاكم أنبياء ممن سبقونى بالبينات وهى آيات الوحى والمعجزات وبالذى قلتم وهو القربان فلم قتلتموهم أى فلماذا ذبحتموهم إن كنتم صادقين أى محقين فى زعمكم فى القربان ؟والغرض من السؤال هو إخبار اليهود أن القرابين التى أتاهم بها الرسل(ص) والمعجزات والوحى لم يجعلهم يصدقوا بالرسل(ص)وإنما قتلوا بعضهم بعد تكذيبهم إياهم وكذبوا بعضهم ومن ثم فمحمد(ص)لن يحضر القربان المطلوب لأنه لم يكن له فائدة حيث كفر به السابقون وهم سيكفرون به لو جاء به.
"فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير"المعنى فإن كفروا بك فقد كفر بأنبياء من قبلك أتوا بالأحكام أى الوحى أى الحكم الهادى ،يبين الله لرسوله(ص)أن اليهود إن كذبوه أى كفروا برسالته فقد كذب رسل من قبله والمراد فقد كفرت الأقوام بالأنبياء(ص)الذين سبقوه فى الزمن وقد جاءوا أى أتوا الأقوام بالبينات وهى الزبر وهو الكتاب المنير والمراد الأحكام أى المكتوب المفروض عليهم أى المفروض الهادى لطريق الجنة وهذا يعنى أن كل الأقوام كذبت الرسل (ص)عدا قوم يونس(ص)كما جاء بسورة يونس والخطاب للنبى(ص).
"كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور"يفسر الآية قوله تعالى بسورة القصص"كل شىء هالك إلا وجهه"فذوق النفس للموت هو هلاكها وقوله بسورة محمد"يؤتكم أجوركم"فتوفون تعنى تؤتون وقوله بسورة الإنسان "يدخل من يشاء فى رحمته"فالجنة هى رحمة الله والمعنى كل فرد طاعم الوفاة وإنما تعطون جزاءكم يوم البعث فمن أبعد عن جهنم وأسكن الحديقة فقد أفلح وما الحياة الأولى إلا نفع الفناء ،يبين الله لنا أن كل نفس ذائقة الموت والمراد أن كل مخلوق مصاب بالانتقال من الدنيا إلى للبرزخ أو الآخرة وهو ما يسمى الوفاة ،ويبين لنا أننا نوفى أجورنا يوم القيامة والمراد أننا نعطى جزاء أعمالنا فى يوم البعث فمن زحزح عن النار والمراد فمن أبعد عن الجحيم وأدخل الجنة والمراد وأسكن فى الجنة فقد فاز والمراد فقد أفلح ونجا،ويبين لنا أن الحياة الدنيا هى متاع الغرور والمراد أن نفع الحياة الأولى هو نفع الفناء الخادع والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"لتبلون بشىء من الخوف والجوع ونقص فى الأموال والأنفس والثمرات"فالبلاء فى الأموال هو الجوع ونقص المال والثمرات والبلاء فى الأنفس هو الخوف وقوله بسورة آل عمران"وإن تؤمنوا وتتقوا "وقوله بسورة النساء"وإن تحسنوا وتتقوا"فتصبروا هى تؤمنوا هى تحسنوا والمعنى لتختبرن فى أملاككم وذواتكم ولتعرفن من الذين أعطوا الوحى من قبلكم ومن الذين كفروا ضرر كبير وإن تطيعوا أى تتبعوا حكم الله فإن ذلك من واجب المخلوقات ،يبين الله للمؤمنين أنه سيبتليهم والمراد سيختبرهم بمصائب تنزل على أموالهم وهى أملاكهم كما تنزل على أنفسهم والهدف من الإخبار هو أن يستعدوا لها ويبين لهم أن من ضمن البلاء أنهم سيسمعون من الذين أوتوا الكتاب من قبلهم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا والمراد أنهم سيعلمون من الذين أعطوا الوحى من قبلهم ومن الذين كذبوا حكم الله ضررا كبير ممثلا فى أحاديثهم المكذبة للوحى الشاتمة للمسلمين ،ويبين لهم أنهم إن يصبروا أى يتقوا والمراد يطيعوا حكم الله فإن ذلك من عزم الأمور والمراد من واجب المخلوقات.
"وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون"المعنى وقد فرض الله عهد الذين أعطوا الوحى لتظهرنه للبشر ولا تخفونه فتركوه خلف ظهورهم وأخذوا به متاعا فانيا فساء الذى يأخذون،يبين الله لنا أنه أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب والمراد فرض العهد التالى على الذين أعطوا الوحى :لتبيننه للناس ولا تكتمونه والمراد لتبلغونه للخلق ولا تخفونه عنهم وهذا يعنى أنه أمرهم بإبلاغ الوحى للآخرين ونهاهم عن كتمه وإسراره فكانت النتيجة أن نبذوه وراء ظهورهم والمراد أن وضعوه خارج أنفسهم والمراد بألفاظ أخرى أنهم عصوا العهد وجعلوا غيره يطاع من أنفسهم وهم اشتروا به ثمنا قليلا والمراد وأطاعوا بدلا منه حكما أخر يبيح لهم متاعا فانيا فبئس ما يشترون والمراد فساء الذى يطيعونه ليتمتعوا بمتاع الدنيا والخطاب للنبى(ص)وما بعده .
"لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النساء"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"فحب الحمد بما لم يفعلوا هو تزكية النفس وقوله بسورة آل عمران"ولهم عذاب مهين"فالأليم هو المهين و المعنى لا تظنن الذين يسرون بالذى فعلوا ويريدون أن يشكروا على الذى لم يفعلوا فلا تظنهم بمنجاة من العقاب أى لهم عقاب شديد،يبين الله لرسوله(ص)أن عليه ألا يحسب الذين يفرحون بما أتوا والمراد ألا يظن الذين يسرون بالذى عملوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا والمراد ويودون أن يشكروا على الذى لم يعملوا بمفازة من العذاب والمراد بمنجاة من العقاب والمراد بمبعدين عن النار وفسر هذا بأن لهم عذاب أليم أى عقاب شديد .
"ولله ملك السموات والأرض والله على كل شىء قدير"يفسر الآية قوله بنفس السورة"ولله ميراث السموات والأرض"فملك هو ميراث وقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"فقدرة الله على كل شىء هى فعله للذى يريد والمعنى ولله حكم السموات والأرض والله لكل أمر يريده فاعل ،يبين الله لنا أنه له ملك أى ميراث أى حكم مخلوقات السموات والأرض وهو قدير على كل شىء والمراد فاعل لكل ما يريده من الأفعال والخطاب وما بعده للنبى(ص) حتى ما قبل أخر آيتين.
"إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النور"يقلب الله الليل والنهار إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار"فاختلاف تعنى تقليب والألباب هى الأبصار والمعنى إن فى إنشاء السموات والأرض وتغير الليل والنهار لعلامات لأولى العقول،يبين الله لنا أن فى خلق أى إبداع السموات والأرض واختلاف أى تعاقب أى تغير الليل والنهار آيات لأولى الألباب والمراد علامات تدل على قدرة الله على كل شىء ويفهم ذلك أصحاب العقول .
"الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر"الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه"فذكر الله هو استماع القول واتباع أحسنه والمعنى الذين يطيعون الله وقوفا وجلوسا وعلى أجنابهم وينظرون فى إنشاء السموات والأرض إلهنا ما أنشأت هذا لعبا ،طاعتك فامنع عنا عقاب جهنم ،يبين الله لنا أن أولى الألباب هم الذين يذكرون أى يطيعون حكم الله وهم قيام أى وقوف على أرجلهم مشاة أو مستمرين فى الوقوف أو قعودا أى جلوسا بأى طريقة وعلى أجنابهم والمراد ورقودا على أى جزء من جسمهم ،وهم يتفكرون فى خلق السموات والأرض والمراد وهم ينظرون أى يبحثون فى إبداع الله للسموات والأرض ومخلوقاتهم وبهذا يعنى أنهم يطلبون العلم بمخلوقات الله فيصلون للحقيقة التالية :ربنا ما خلقت هذا باطلا والمراد إلهنا ما صنعت الكون عبثا وإنما للحق أى العدل ،سبحانك أى الطاعة لحكمك فقنا عذاب النار والمراد فامنع عنا عقاب السعير وهذا يعنى أن نتيجة بحثهم فى الكون أوصلتهم إلى وجوب طاعة حكم الله كباقى المخلوقات .
"ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الشورى "وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله"فالأنصار هم الأولياء والمعنى إلهنا إنك من تسكن الجحيم فقد أذللته وما للكافرين من أولياء،يبين الله لنا أن أولى الألباب يقولون :ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته والمراد إلهنا إنك من تقذفه فى السعير فقد أهنته وما للظالمين من أنصار والمراد وما للكافرين بحكم الله من أولياء ينقذونهم من النار .
"ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان أن أمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الجن "إنا سمعنا قرآنا عجبا"فالمنادى للإيمان هو القرآن وقوله بسورة البقرة"واعف عنا "فاغفر أى كفر تعنى اعف وقوله بسورة الأعراف"وتوفنا مسلمين "فالأبرار هم المسلمين والمعنى إلهنا إننا علمنا داعيا يدعو للتصديق أن صدقوا بحكم إلهكم فصدقنا فامحو لنا جرائمنا أى استر لنا ذنوبنا وأمتنا مع المسلمين،يبين الله لنا أن أولى الألباب دعوه فقالوا :ربنا أى إلهنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان والمراد إننا علمنا كتابا يدعو للتصديق قائلا أن آمنوا بربكم أى أن صدقوا بحكم إلهكم فأمنا أى فصدقنا المنادى وهو القرآن فاغفر لنا ذنوبنا أى كفر عنا سيئاتنا والمراد اعفو عن خطايانا أى اترك عقابنا على جرائمنا وتوفنا مع الأبرار والمراد وأدخلنا الجنة مع المسلمين .
"ربنا وأتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد"يفسر الآية قوله تعالى بسورة مريم"جنات عدن التى وعد الرحمن عباده بالغيب"فما وعدتنا على رسلك هو جنات عدن وقوله بسورة البقرة"فلن يخلف الله وعده"فالميعاد هو الوعد والمعنى إلهنا أعطنا الذى قلت لنا فى كتبك ولا تذلنا يوم البعث إنك لا تنقض العهد ،يبين الله لنا أن أولى الألباب دعوا الله قائلين:ربنا وأتنا ما وعدتنا على رسلك والمراد إلهنا أدخلنا الجنة التى أخبرتنا فى كتبك على لسان الأنبياء(ص) إنك لا تخلف الميعاد والمراد إنك لا تنقض العهد وهو هنا العهد بدخول الجنة.
"فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا فى سبيلى وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجرى من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "وما كان الله ليضيع إيمانكم "فالعمل يعنى الإيمان الذى لا يضيع وقوله بسورة التوبة"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"فكون بعضنا من بعض هو أننا أولياء بعض وقوله بسورة الأنفال"وأن الله عنده أجر عظيم"فالثواب عند الله هو الأجر والمعنى فرد عليهم إلههم أنى لا أخسر صنع صانع منكم من رجل أو امرأة بعضكم أنصار بعض فالذين انتقلوا من بلادهم وطردوا من بلادهم وأضروا فى نصر دينى وحاربوا واستشهدوا لأمحون لهم ذنوبهم ولأسكننهم حدائق تسير فى أرضها العيون أجرا من لدى الله والله لديه أفضل الأجر،يبين الله لنا أنه استجاب لأولى الألباب والمراد ردا عليهم مجيبا طلباتهم فقال:أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى والمراد أنى لا أحبط فعل فاعل منكم أى لا أخسر ثواب صنع صانع منكم من رجل أو امرأة بعضكم من بعض والمراد بعضكم أنصار للبعض الأخر منكم فالذين هاجروا أى انتقلوا من بلادهم وأخرجوا من ديارهم أى وطردوا من بلادهم فانتقلوا منها وأوذوا فى سبيلى أى وأضروا فى نصر دينى بمختلف أنواع الضرر وقاتلوا أى وجاهدوا لنصر دينى وقتلوا أى واستشهدوا فى نصر دينى لأكفرن عنهم سيئاتهم والمراد لأغفرن لهم ذنوبهم أى لأتركن عقابهم على جرائمهم ولأدخلنهم جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد ولأسكننهم حدائق تسير فى أرضها عيون السوائل اللذيذة ثواب من عند الله أى أجرا من عند الله والله عنده أى لديه حسن الثواب وهو حسن المآب أى أفضل الأجر.
"لا يغرنك تقلب الذين كفروا فى البلاد متاع قليل ثم مأواهم النار وبئس المهاد"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة ص"فبئس القرار"فالمهاد هى القرار والمعنى لا يخدعك تمتع الذين كذبوا بحكم الله فى الأرض نفع قصير ثم مكانهم النار وساء المقام،ينهى الله رسوله(ص)فيقول لا يغرنك تقلب الذين كفروا فى البلاد والمراد لا يخدعك تحكم الذين عصوا حكم الله فى الأرض بالظلم أى لا يخدعك تمتع الذين كذبوا فى الأرض متاع قليل أى نفع قصير الوقت ثم يزول ثم مأواهم جهنم أى مقامهم الدائم النار وبئس المهاد أى وساء المقام حيث العذاب الدائم.
"وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النحل"ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا"فآيات الله هى عهد الله وقوله الأنعام "لهم دار السلام عند ربهم"فأجرهم هو دار السلام والمعنى وإن من أصحاب الوحى السابق لمن يصدق بحكم الله أى الذى أوحى إليكم والذى أوحى إليهم طائعين لله لا يأخذون بأحكام الله متاعا فانيا أولئك لهم ثوابهم لدى إلههم إن الله عادل الجزاء،يبين الله لنا أن من أهل الكتاب والمراد من أصحاب الوحى السابق فريق يؤمن بالله والمراد يصدق بحكم الله وفسر الله ذلك بأنهم يؤمنون بما أنزل أى الذى أوحى إلى المسلمين وما أنزل أى والذى أوحى لهم سابقا وهم خاشعين لله أى متبعين لحكم الله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا والمراد لا يتركون أحكام الله مقابل المتاع الفانى وهو متاع الدنيا ولذا لهم أجرهم عند ربهم والمراد لهم ثوابهم لدى إلههم وهو الجنة والله سريع الحساب والمراد والله عادل الجزاء حيث يجازى بالعدل كل على عمله والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"يا أيها الذين أمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة التغابن"وأطيعوا الله"وقوله بسورة الحج"واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"فاصبروا أى صابروا أى رابطوا أى اتقوا تعنى أطيعوا تعنى اعبدوا تعنى افعلوا الخير والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله أطيعوا أى اتبعوا أى نفذوا أى تمسكوا بحكم الله لعلكم ترحمون،يطلب الله من الذين أمنوا وهم الذين صدقوا وحى الله طلب واحد بألفاظ متعددة هو اصبروا أى صابروا أى رابطوا أى أطيعوا حكم الله وبين لهم السبب الذى يوجب عليهم طاعة حكمه وهو أن يفلحوا أى يدخلوا الجنة.
"إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحج "ومن يهن الله فما له من مكرم"فيخذل تعنى يهن والذى لا ينصر من الله هو ليس المكرم وقوله بسورة يوسف "وعليه فليتوكل المتوكلون"فالمؤمنون هم المتوكلون والمعنى إن يؤيدكم الله فلا هازم لكم وإن يهزمكم فمن هذا الذى يؤيدكم من بعده وبطاعة الله فليحتمى المطيعون ،يبين الله للمؤمنين أنه إن ينصرهم أى يؤيدهم على عدوهم فلا غالب لهم والمراد لا هازم لهم يقدر على تحويل فوزهم إلى هزيمة وإن يخذلهم أى يهزمهم أى يتخلى عنهم فليس هناك أحد ينصرهم أى يؤيدهم ويبين لهم أن على الله يتوكل المؤمنون والمراد بطاعة حكم الله يحتمى الطائعون لحكمه من عذابه والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النحل"ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة"فما غل هو الوزر أى الذنب الذى يأتى معه يوم البعث وقوله بسورة غافر"اليوم تجزى كل نفس بما كسبت"فتوفى تعنى تجزى وقوله بسورة النحل"وتوفى كل نفس ما عملت "فكسبت تعنى عملت والمعنى وما كان لرسول(ص)أن يسرق ومن يسرق يجىء بما أذنب يوم البعث ثم تعطى كل نفس جزاء ما عملت وهم لا ينقصون حقا،يبين الله للمؤمنين أن النبى أى نبى لا يمكن أن يغل أى يسرق من الغنيمة أو غيرها مهما حدث وأن من يغلل أى من يسرق من الغنيمة أو غيرها يأت بما غل يوم القيامة والمراد يحضر بذنب السرقة فى كتابه يوم البعث وبعد توفى كل نفس ما كسبت والمراد ويعطى كل فرد جزاء ما عمل فى الدنيا ثوابا أو عقابا وهم لا يظلمون أى لا ينقصون من حقهم شيئا وهذا يعنى أن العدل هو الذى يحكم يوم القيامة .
" أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير"يفسر الآية قوله تعالى بسورة يونس"مأواهم النار"فجهنم تعنى النار وقوله بسورة الأنفال"فقد باء بغضب من الله"فسخط تعنى غضب وقوله بسورة آل عمران"وبئس المهاد"فالمصير هو المهاد والمعنى أفمن دخل جنة الله كمن عاد بعقاب من الله أى مكانه النار وقبح المقام ،يسأل الله هل من اتبع رضوان الله أى من أطاع الله فدخل الجنة كمن باء بسخط من الله أى كمن عاد بعذاب من الله أى مأواه جهنم أى مقامه النار وبئس المصير أى وساء المقام ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن المسلم لا يتساوى مع الكافر فى الجزاء فهذا فى رحمة الله وهذا فى عذاب الله والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس وما بعده.
"هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون"يفسر القول الأخير قوله تعالى بسورة فاطر"إن الله عليم بما يصنعون"فبصير تعنى عليم ويعملون تعنى يصنعون والمعنى هم طبقات لدى الله والله عليم بالذى يصنعون،يبين الله لنا أن المسلمين والكفار درجات عند الله والمراد جزاءات مختلفة لدى الله ويبين لهم أنه بصير بما يعملون والمراد أنه عليم بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليه ومن ثم علينا أن نحذر من مخالفته .
"ولقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"كما أرسلنا فيكم رسولا منكم"فبعث تعنى أرسل وقوله بسورة التوبة"هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق"فآيات الله وهى الكتاب وهى الحكمة هى الهدى أى دين الله وقوله بسورة الروم"وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم لمبلسين"فكونهم على الضلال المبين هو كونهم مبلسين والمعنى ولقد تفضل الله على المصدقين بحكمه إذ أرسل لهم مبعوثا من وسطهم يبلغ لهم أحكام الله أى يطهرهم أى يعرفهم الوحى أى حكم الله وإن كانوا من قبل لفى جهل كبير ،يبين الله لنا أنه من على المؤمنين والمراد أنه رحم المصدقين بحكم الله إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم والمراد عندما أرسل منهم نبيا من بينهم يتلوا عليهم آيات الله والمراد يبلغ لهم أحكام الله وفسر هذا بأنهم يزكيهم أى يطهرهم بطاعة أحكام الله التى يبلغها لهم وفسر هذا بأنه يعلمهم أى يعرفهم الكتاب أى الحكم وهو دين الله،ويبين لنا أن المؤمنين كانوا من قبل نزول الكتاب على الرسول(ص) فى ضلال مبين أى جهل كبير أى كفر عظيم والخطاب للناس.
"أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شىء قدير"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران"إن يمسسكم قرح"فأصابتكم تعنى مسكم وقوله بسورة الشورى"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم"فمن عند الأنفس هو كسب الأيدى وقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"فقدرة الله على كل شىء هى فعله لما يريد والمعنى أإذا مسكم ضرر قد فعلتم ضعفيه قلتم كيف هذا قل هو من عمل أنفسكم إن الله لكل أمر يريده فاعل،يبين الله للمؤمنين أنهم لما أصابتهم المصيبة والمراد أنهم لما مسهم الضر الممثل فى قتل بعضهم فى أحد قد أصابوا مثليها والمراد أنهم قد قتلوا ضعف العدد الذى قتل منهم فى معاركهم مع كفار مكة قالوا :أنى هذا أى كيف حدث هذا مع أن الله ناصرنا؟فطلب الله من رسوله(ص)أن يقول لهم ردا على سؤالهم:هو من عند أنفسكم والمراد هو من عمل أنفسكم وهذا يعنى أن السبب فى الهزيمة هو عمل المؤمنين الممثل فى عصيانهم أمر الرسول(ص)فى الحرب وأن يقول لهم:إن الله على كل شىء قدير والمراد أن الله لكل أمر يريده فاعل والخطاب للمؤمنين ثم للنبى(ص)
"وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لأتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والله أعلم بما يكتمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة "يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم"فقول الأفواه ما ليس فى قلوبهم هو إرضاء المؤمنين بالقول مع رفض القلوب لهذا وقوله بسورة آل عمران "ويعلم الصابرين"فالمؤمنين هم الصابرين وقوله بسورة الأحزاب"قد يعلم الله المعوقين منكم"فالذين نافقوا هم المعوقين لكم وقوله بسورة هود"الله أعلم بما فى أنفسهم "فما يكتمون هو الذى فى أنفسهم والمعنى وما مسكم يوم تقاتلت الفئتان فبأمر الله وليعرف المصدقين بحكم الله وليعرف الذين مرضوا وقيل لهم :هلموا حاربوا فى نصر دين الله أى قاوموا قالوا لو نعرف حربا واقعة لذهبنا معكم هم للتكذيب يومذاك أدنى منهم للتصديق يقولون بألسنتهم الذى ليس فى نفوسهم والله أعرف بالذى يسرون،يبين الله للمؤمنين أن ما أصابهم وهو ما نزل بهم من الهزيمة يوم التقى الجمعان أى يوم تقاتلت جماعة المسلمين وجماعة الكافرين هو بإذن أى أمر الله والسبب فى الهزيمة هو أن يعلم الله المؤمنين ويعلم الذين نافقوا والمراد أن يميز الله المسلمين ويميز الذين أظهروا الإسلام وأخفوا الكفر ،ويبين الله للمؤمنين أنهم قالوا للمنافقين:تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا والمراد هيا لتجاهدوا فى نصر دين الله أى حاربوا كان ردهم :لو نعلم قتالا لأتبعناكم والمراد لو نعرف حربا ستحدث لذهبنا معكم وهذا يعنى أنهم يعتقدون اعتقادا جازما أن الحرب لن تحدث ولذا فهم لن يذهبوا لمعرفتهم بذلك وهذا إدعاء بعلم الغيب منهم وهو ذنب أخر ،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين كانوا فى ذلك اليوم أقرب للكفر أى أعمل للتكذيب بحكم الله من الإيمان وهو التصديق بحكم الله ،ويبين لهم أنهم يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والمراد يتكلمون بألسنتهم كلاما حسنا ليس فى نفوسهم التى تمتلىء بالحقد ،ويبين للمؤمنين أنه أعلم بما يكتمون والمراد أعرف بالذى يخفون فى أنفسهم من الحقد والخطاب حتى فبإذن الله للمؤمنين ثم للنبى(ص)بعده وما بعده.
"الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة البقرة"إن كنتم مؤمنين"فصادقين تعنى مؤمنين والمعنى الذين قالوا لأصحابهم وتخلفوا عن القتال :لو اتبعونا ما ذبحوا قل فامنعوا عن أنفسكم الوفاة إن كنتم محقين ، يبين الله للمؤمنين أن المنافقين قالوا لإخوانهم وهم أصحابهم وقد قعدوا أى تخلفوا عن الذهاب عن الحرب :لو أطاعونا أى لو اتبعنا المسلمين فى القعود ما قتلوا أى ما ذبحوا فى الحرب ،ويطلب الله من رسوله (ص)أن يقول لهم:فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين والمراد فامنعوا عن ذواتكم الوفاة إن كنتم محقين فى زعمكم أنكم مؤمنين ،والغرض من الرد إخبارهم أن الموت لا هروب منه بالقعود عن الحرب أو غير هذا .
"ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"المعنى ولا تظنن الذين ذبحوا فى نصر دين الله متوفين إنما شهداء لدى خالقهم ينتفعون ،يطلب الله من رسوله(ص)ألا يحسب والمراد ألا يظن الظن التالى :أن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا والمراد الذين ذبحوا من أجل نصر دين الله متوفين لا يعيشون بعد الدنيا وإنما عليه أن يظن أنهم أحياء أى عائشين عند ربهم والمراد يعيشون لدى خالقهم فى جنته وهم يرزقون أى يتمتعون بنعيم الجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فرحين بما أتاهم من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "يستبشرون بنعمة من الله"فالفضل هو النعمة وقوله بسورة الزمر"لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون"فالخوف هو السوء والمعنى مسرورين بالذى أعطاهم الله من رحمته ويستفرحون بالذين لم يصلوا إليهم من وراءهم ألا عقاب لهم أى ليسوا يعذبون ،يبين الله لرسوله(ص)أن الشهداء فرحين أى مسرورين والمراد متمتعين بما أتاهم الله من فضله والمراد بالذى أعطاهم الله من رحماته وهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم والمراد أن الشهداء يطلبون الفرحة بالذين لم يصلوا للجنة من الدنيا لأنهم لم يموتوا بعد من المسلمين ،ويبين له أن الشهداء لا خوف عليهم أى لا عقاب عليهم فهم لا يدخلون النار وفسر هذا بأنهم لا يحزنون أى لا يعذبون فى البرزخ والقيامة .
"ويستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"إنا لا نضيع أجر المصلحين"فالمؤمنين أى المصلحين والمعنى ويفرحون بحكم من الله أى رحمة وإن الله لا ينقص ثواب المصدقين بحكمه ،يبين الله لرسوله(ص)أن الشهداء يستبشرون بنعمة من الله أى فضل والمراد يطلبون الخبر المفرح عن رحمة الله وهى متاعه للمؤمنين ،ويبين لنا أنه لا يضيع أجر المؤمنين أى لا ينقص ثواب المصدقين بحكم الله وهذا يعنى أنه لا يحبط ثواب عملهم .
"الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأحزاب"من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "فالاستجابة لله ورسوله(ص) هى طاعتهم والأجر هو الفوز العظيم والمعنى الذين أطاعوا الله ورسوله(ص)من بعد ما مسهم الضرر للذين أصلحوا منهم أى اتبعوا ثواب كبير ،يبين الله للمؤمنين أن الذين استجابوا لله ورسوله(ص)وهم الذين أطاعوا أمر الله ونبيه(ص) بالذهاب لقتال الكفار بعد معركة أحد من بعد ما أصابهم القرح والمراد من بعد ما نزلت بهم الهزيمة وفسرهم بأنهم الذين أحسنوا أى اتقوا أى اتبعوا حكم الله ونبيه(ص) لهم من الله الأجر العظيم وهو الثواب الكبير الممثل فى دخول الجنة والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده .
"الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر"ويخوفونك بالذين من دونه"فاخشوهم تعنى أنهم يخوفوهم بالكفار وقوله بسورة محمد"زادهم هدى"فإيمانا تعنى هدى وقوله بسورة الأنفال "نعم المولى ونعم النصير" فالوكيل هو المولى هو النصير والمعنى الذين قال لهم المنافقون إن الكفار قد احتشدوا لكم فخافوهم فأدامهم تصديقا وقالوا كافينا الله وحسن الناصر،يبين الله لنا أن المستجيبين لله ونبيه(ص)هم الذين قال لهم الناس والمراد المنافقين : إن الناس أى كفار قريش قد تحزبوا لكم فاخشوهم أى فخافوا أذاهم لكم فكان ردهم أن قالوا :حسبنا الله والمراد ناصرنا الله ونعم الوكيل أى وحسن الناصر وهو رد يبين أن الله زادهم إيمانا والمراد أدام تصديقهم بحكمه أى جعل إسلامهم مستمر .
"فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم" فرضوان الله هو ما أنزل الرب وقوله بسورة الأنعام "وربكم ذو رحمة واسعة"فالفضل العظيم هو الرحمة الواسعة والمعنى فعادوا برحمة من الله أى نفع لم يصبهم أذى وأطاعوا حكم الله والله صاحب رحمة واسعة ،يبين الله لنا أن المستجيبين لله ونبيه(ص)لما ذهبوا للقتال خاف منهم الكفار فانقلب أى فعاد المسلمون بنعمة أى فضل أى رحمة أى عطاء من الله هو النصر حيث لم يمسسهم سوء والمراد لم يصبهم ضرر ،وقد اتبعوا رضوان الله والمراد وقد أطاعوا حكم الله وهو الإسلام الذى رضاه لهم دينا بقوله بسورة المائدة"ورضيت لكم الإسلام دينا"ويبين لنا أنه ذو فضل عظيم أى صاحب رحمة واسعة لمن يستجيب له.
"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة "فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين "فخافون تعنى اخشونى وقوله بسورة البقرة"إن كنتم صادقين"فمؤمنين تعنى صادقين والمعنى إنما تلكم الشهوة تفزع أنصارها فلا ترهبوها وارهبون إن كنتم صادقين ،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو شهوات النفس تخوف أوليائها والمراد تفزع أنصارها من الموت فى القتال أو غيره حتى يطيعوها ويطلب الله من المؤمنين ألا يخافوا الكفار والمراد ألا يرهبوا أذى الكفار وأن يخافوه أى يرهبوا عذاب الله فيطيعوا حكمه إن كانوا مؤمنين أى مصدقين لحكمه أى صادقين فى زعمهم أنهم مسلمون والخطاب للمؤمنين.
"ولا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا فى الآخرة ولهم عذاب عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "وما له فى الآخرة من خلاق"فالحظ هو الخلاق وقوله فى سورة آل عمران"ولهم عذاب مهين"فالعظيم هو المهين والمعنى ولا يخيفك الذين يتسابقون فى التكذيب لحكم الله إنهم لن يصيبوا دين الله بأذى يحب الله ألا يضمن لهم نصيب فى الجنة أى يريد لهم عقاب شديد،يطلب الله من رسوله(ص)ألا يحزنه الذين يسارعون فى الكفر والمراد أى ألا يضايقه أى ألا يخيفه الذين يتسابقون إلى ارتكاب أعمال التكذيب بوحى الله لأنهم لن يضروا الله شيئا والمراد لأنهم لن يصيبوا دين الله بكفرهم أى بألفاظ أخرى لن يطفئوا نور الله بتكذيبهم له والله يريد ألا يجعل لهم نصيب فى الآخرة والمراد والله يحب ألا يضمن لهم مكان فى الجنة وفسر هذا بأنه يريد لهم عذاب عظيم أى عقاب كبير هو دخول النار ،والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب مهين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى"فالكفر هو الضلالة والهدى هو الإيمان وقوله بنفس السورة "ولهم عذاب عظيم "فالمهين هو العظيم والمعنى إن الذين بادلوا التكذيب بالتصديق لن يصيبوا دين الله بأذى ولهم عقاب كبير،يبين الله لرسوله(ص)أن الذين اشتروا الكفر بالإيمان والمراد الذين اتبعوا التكذيب بوحى الله وتركوا التصديق به لن يضروا الله شيئا والمراد لن يصيبوا وحى الله بأذى والمراد لن يقدروا على إزالة دين الله من الوجود بكفرهم ولهم عذاب مهين أى لهم عقاب شديد فى الدنيا والآخرة .
"ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملى لهم خيرا لأنفسهم إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة المؤمنون"أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم فى الخيرات"فنملى تعنى نمد والخير هو المال والبنون وقوله بسورة البقرة"ونمدهم فى طغيانهم يعمهون"فيزدادوا تعنى يعمهون والإثم هو الطغيان وقوله بسورة آل عمران"ولهم عذاب عظيم "فالمهين هو العظيم والمعنى ولا يظنن الذين كذبوا حكم الله إن الذى نعطيهم نفع لأنفسهم إنما نعطيهم ليعملوا كفرا ولهم عقاب عظيم ،يبين الله للكفار أن عليهم ألا يحسبوا أنما يملى الله خيرا لأنفسهم والمراد ألا يعتقدوا أن ما يعطيهم الله من متع الدنيا هو نفع لمصلحتهم وإنما عليهم أن يعتقدوا أنه يملى لهم ليزدادوا إثما والمراد أن الله يعطيهم النفع كى يستمروا فى تكذيبهم بوحى الله وهو كفرهم لوحى الله ومن ثم لهم عذاب مهين أى عقاب شديد والخطاب للنبى(ص).
"ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء فأمنوا بالله ورسله وأن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم" يفسر الآية قوله تعالى بسورة الجن"عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول" وقوله بسورة الحج "الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس"فيطلعكم تعنى يظهركم على غيبه ويجتبى تعنى يصطفى وقوله بسورة الفتح"فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا"فتتقوا تعنى تطيعوا والعظيم هو الحسن والمعنى ما كان الله ليترك المصدقين على الكفر الذى أنتم عليه حتى يفصل الضار من النافع وما كان الله ليخبركم بالوحى ولكن الله يصطفى من مبعوثيه من يريد فصدقوا بالله وأنبيائه (ص)وأن تصدقوا وتتبعوا فلكم ثواب حسن ،يبين الله للكفار أنه ما كان ليذر المؤمنين على ما الكفار عليه والمراد أنه ما كان ليدع المسلمين على الكفر الذى الكفار عليه والسبب أن يميز الخبيث من الطيب والمراد أن يفرق الضار وهو الكفار عن النافع وهو المسلمين ،إذا فسبب نزول الوحى هو أن يعرف الله المسلم له من الكافر به ،ويبين للكفار أن ما كان ليطلعهم على الغيب والمراد أنه ما كان ليخبرهم اصطفاء منه لهم بالوحى وهذا يعنى أن الله حرم الكفار من العلم بالوحى ولكن يجتبى من رسله من يشاء والمراد وإنما يصطفى الله من أنبيائه(ص)من يريد فيطلعه على الغيب وهو الوحى وهذا يعنى أن الرسل(ص)هم وحدهم من يخبرهم الله بالغيب وهو الوحى ،ويطلب الله من الكفار أن يؤمنوا بالله ورسله(ص)والمراد أن يصدقوا بحكم الله وأنبيائه(ص)ويبين لهم أنهم إن يؤمنوا أى يصدقوا حكم الله ويتقوا أى ويطيعوا حكم الله يكون لهم أجر عظيم والمراد ثواب كبير هو الجنة والخطاب للكفار.
"ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خير لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير "يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة"والذين يكنزون الذهب والفضة ثم لا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم"فيبخلون تعنى يكنزون وما أتاهم الله من فضله هو الذهب والفضة ويطوقون بما بخلوا تعنى العذاب الأليم وقوله بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فميراث هو ملك وقوله بسورة فاطر"إن الله عليم بما يصنعون"فيعملون تعنى يصنعون وخبير تعنى عليم والمعنى ولا يظنن الذين يمنعون الذى أعطاهم الله من رحمته هو أفضل لهم إنما هو أذى لهم سيعذبون بالذى منعوه يوم البعث ولله ملك السموات والأرض والله بالذى تصنعون عليم ،يطلب الله من الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله والمراد الذين يمنعون الذى أعطاهم الله من رزقه وهو المال ألا يحسبوا ذلك خير لهم والمراد ألا يظنوا أن الرزق نفع لهم فى الدنيا والآخرة وإنما هو شر لهم والمراد سبب لأذى القوم والأذى هو أنهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة والمراد سيعذبون بالمال وهو الذهب والفضة فى يوم البعث كما قال تعالى بسورة التوبة"والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم "فكى الجباه والجنوب والظهور هو التطويق بها ويبين لهم أن له ميراث أى ملك أى حكم من فى السموات والأرض وأنه بما يعملون خبير والمراد أنه بالذى يصنعون فى دنياهم عليم وسيحاسبهم عليه والخطاب للمؤمنين حتى والله بما فهو للناس وما قبله محذوف الله أعلم به.
"لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق "يفسر الآية قوله تعالى بسورة المائدة"وقالت اليهود يد الله مغلولة"فالله هو الفقير صاحب اليد المغلولة سبحانه وتعالى عن ذلك وقوله بسورة القمر"وكل صغير وكبير مستطر"فسنكتب تعنى سنسطر وقوله بسورة السجدة"ذوقوا عذاب النار"فالحريق هو النار والمعنى لقد علم الله كلام الذين زعموا:إن الله محتاج ونحن مستكفين سنسجل الذى تحدثوا به وذبحهم الرسل دون جريمة ارتكبوها ونقول ادخلوا عقاب النار،يبين الله للمؤمنين أنه سمع أى علم بقول وهو حديث الذين قالوا:إن الله فقير والمراد محتاج أى عاجز عن الإنفاق ونحن أغنياء أى مستكفين لا نحتاج لأحد ،ويبين لنا أنه سيكتب ما قالوا والمراد سيسجل الذى تحدثوا به فى كتبهم المنشرة يوم البعث وسيسجل قتلهم الأنبياء بغير حق والمراد سيسطر فى كتبهم ذبحهم الرسل(ص) دون جريمة ارتكبوها يستحقون عليها الذبح وفى يوم القيامة تقول لهم الملائكة"ذوقوا عذاب الحريق "والمراد ادخلوا عقاب النار الذى تستحقون والخطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده.
"ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد"يفسر الآية قوله تعالى بسورة المائدة"لبئس ما قدمت لهم أنفسهم" فأيديكم هى أنفسكم وقوله بسورة آل عمران"وما الله يريد ظلما للعباد"فالعبيد هم العباد والمعنى دخول النار بسبب الذى عملت أنفسكم وأن الله ليس بمنقص حق الناس ،يبين الله لنا أن الملائكة تقول للقوم:ذلك بما قدمت أيديكم والمراد ذوقوا عذاب الحريق بالذى صنعت أنفسكم من الذنوب وهذا هو سبب دخولهم العذاب وأن الله ليس ظلام للعبيد والمراد أن الله ليس بمنقص حق الناس حيث يحاسبهم بالعدل .
"الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلى بالبينات وبالذى قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين"المعنى الذين قالوا إن الله أخذ علينا ألا نصدق نبى حتى يجيئنا بقربان تحرقه النار قل يا محمد (ص)قد أتاكم أنبياء(ص)من قبلى بالآيات وبالذى طلبتم فلما ذبحتموهم إن كنتم مؤمنين ،يبين الله لنا أن اليهود قالوا للرسول(ص) لما دعاهم للإيمان به:إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار والمراد إن الله أمرنا ألا نصدق بنبى حتى يجيئنا بقربان أى شىء يتقرب به لله كبهيمة أو نبات تنزل عليه النار فتلتهمه ،ومعنى قولهم هذا أن الرسول (ص)مطلوب منه أن يأتيهم بالقربان فطلب الله من رسوله(ص)أن يقول لهم:قد جاءكم رسل من قبلى والمراد قد أتاكم أنبياء ممن سبقونى بالبينات وهى آيات الوحى والمعجزات وبالذى قلتم وهو القربان فلم قتلتموهم أى فلماذا ذبحتموهم إن كنتم صادقين أى محقين فى زعمكم فى القربان ؟والغرض من السؤال هو إخبار اليهود أن القرابين التى أتاهم بها الرسل(ص) والمعجزات والوحى لم يجعلهم يصدقوا بالرسل(ص)وإنما قتلوا بعضهم بعد تكذيبهم إياهم وكذبوا بعضهم ومن ثم فمحمد(ص)لن يحضر القربان المطلوب لأنه لم يكن له فائدة حيث كفر به السابقون وهم سيكفرون به لو جاء به.
"فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير"المعنى فإن كفروا بك فقد كفر بأنبياء من قبلك أتوا بالأحكام أى الوحى أى الحكم الهادى ،يبين الله لرسوله(ص)أن اليهود إن كذبوه أى كفروا برسالته فقد كذب رسل من قبله والمراد فقد كفرت الأقوام بالأنبياء(ص)الذين سبقوه فى الزمن وقد جاءوا أى أتوا الأقوام بالبينات وهى الزبر وهو الكتاب المنير والمراد الأحكام أى المكتوب المفروض عليهم أى المفروض الهادى لطريق الجنة وهذا يعنى أن كل الأقوام كذبت الرسل (ص)عدا قوم يونس(ص)كما جاء بسورة يونس والخطاب للنبى(ص).
"كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور"يفسر الآية قوله تعالى بسورة القصص"كل شىء هالك إلا وجهه"فذوق النفس للموت هو هلاكها وقوله بسورة محمد"يؤتكم أجوركم"فتوفون تعنى تؤتون وقوله بسورة الإنسان "يدخل من يشاء فى رحمته"فالجنة هى رحمة الله والمعنى كل فرد طاعم الوفاة وإنما تعطون جزاءكم يوم البعث فمن أبعد عن جهنم وأسكن الحديقة فقد أفلح وما الحياة الأولى إلا نفع الفناء ،يبين الله لنا أن كل نفس ذائقة الموت والمراد أن كل مخلوق مصاب بالانتقال من الدنيا إلى للبرزخ أو الآخرة وهو ما يسمى الوفاة ،ويبين لنا أننا نوفى أجورنا يوم القيامة والمراد أننا نعطى جزاء أعمالنا فى يوم البعث فمن زحزح عن النار والمراد فمن أبعد عن الجحيم وأدخل الجنة والمراد وأسكن فى الجنة فقد فاز والمراد فقد أفلح ونجا،ويبين لنا أن الحياة الدنيا هى متاع الغرور والمراد أن نفع الحياة الأولى هو نفع الفناء الخادع والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"لتبلون بشىء من الخوف والجوع ونقص فى الأموال والأنفس والثمرات"فالبلاء فى الأموال هو الجوع ونقص المال والثمرات والبلاء فى الأنفس هو الخوف وقوله بسورة آل عمران"وإن تؤمنوا وتتقوا "وقوله بسورة النساء"وإن تحسنوا وتتقوا"فتصبروا هى تؤمنوا هى تحسنوا والمعنى لتختبرن فى أملاككم وذواتكم ولتعرفن من الذين أعطوا الوحى من قبلكم ومن الذين كفروا ضرر كبير وإن تطيعوا أى تتبعوا حكم الله فإن ذلك من واجب المخلوقات ،يبين الله للمؤمنين أنه سيبتليهم والمراد سيختبرهم بمصائب تنزل على أموالهم وهى أملاكهم كما تنزل على أنفسهم والهدف من الإخبار هو أن يستعدوا لها ويبين لهم أن من ضمن البلاء أنهم سيسمعون من الذين أوتوا الكتاب من قبلهم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا والمراد أنهم سيعلمون من الذين أعطوا الوحى من قبلهم ومن الذين كذبوا حكم الله ضررا كبير ممثلا فى أحاديثهم المكذبة للوحى الشاتمة للمسلمين ،ويبين لهم أنهم إن يصبروا أى يتقوا والمراد يطيعوا حكم الله فإن ذلك من عزم الأمور والمراد من واجب المخلوقات.
"وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون"المعنى وقد فرض الله عهد الذين أعطوا الوحى لتظهرنه للبشر ولا تخفونه فتركوه خلف ظهورهم وأخذوا به متاعا فانيا فساء الذى يأخذون،يبين الله لنا أنه أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب والمراد فرض العهد التالى على الذين أعطوا الوحى :لتبيننه للناس ولا تكتمونه والمراد لتبلغونه للخلق ولا تخفونه عنهم وهذا يعنى أنه أمرهم بإبلاغ الوحى للآخرين ونهاهم عن كتمه وإسراره فكانت النتيجة أن نبذوه وراء ظهورهم والمراد أن وضعوه خارج أنفسهم والمراد بألفاظ أخرى أنهم عصوا العهد وجعلوا غيره يطاع من أنفسهم وهم اشتروا به ثمنا قليلا والمراد وأطاعوا بدلا منه حكما أخر يبيح لهم متاعا فانيا فبئس ما يشترون والمراد فساء الذى يطيعونه ليتمتعوا بمتاع الدنيا والخطاب للنبى(ص)وما بعده .
"لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النساء"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"فحب الحمد بما لم يفعلوا هو تزكية النفس وقوله بسورة آل عمران"ولهم عذاب مهين"فالأليم هو المهين و المعنى لا تظنن الذين يسرون بالذى فعلوا ويريدون أن يشكروا على الذى لم يفعلوا فلا تظنهم بمنجاة من العقاب أى لهم عقاب شديد،يبين الله لرسوله(ص)أن عليه ألا يحسب الذين يفرحون بما أتوا والمراد ألا يظن الذين يسرون بالذى عملوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا والمراد ويودون أن يشكروا على الذى لم يعملوا بمفازة من العذاب والمراد بمنجاة من العقاب والمراد بمبعدين عن النار وفسر هذا بأن لهم عذاب أليم أى عقاب شديد .
"ولله ملك السموات والأرض والله على كل شىء قدير"يفسر الآية قوله بنفس السورة"ولله ميراث السموات والأرض"فملك هو ميراث وقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"فقدرة الله على كل شىء هى فعله للذى يريد والمعنى ولله حكم السموات والأرض والله لكل أمر يريده فاعل ،يبين الله لنا أنه له ملك أى ميراث أى حكم مخلوقات السموات والأرض وهو قدير على كل شىء والمراد فاعل لكل ما يريده من الأفعال والخطاب وما بعده للنبى(ص) حتى ما قبل أخر آيتين.
"إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النور"يقلب الله الليل والنهار إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار"فاختلاف تعنى تقليب والألباب هى الأبصار والمعنى إن فى إنشاء السموات والأرض وتغير الليل والنهار لعلامات لأولى العقول،يبين الله لنا أن فى خلق أى إبداع السموات والأرض واختلاف أى تعاقب أى تغير الليل والنهار آيات لأولى الألباب والمراد علامات تدل على قدرة الله على كل شىء ويفهم ذلك أصحاب العقول .
"الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر"الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه"فذكر الله هو استماع القول واتباع أحسنه والمعنى الذين يطيعون الله وقوفا وجلوسا وعلى أجنابهم وينظرون فى إنشاء السموات والأرض إلهنا ما أنشأت هذا لعبا ،طاعتك فامنع عنا عقاب جهنم ،يبين الله لنا أن أولى الألباب هم الذين يذكرون أى يطيعون حكم الله وهم قيام أى وقوف على أرجلهم مشاة أو مستمرين فى الوقوف أو قعودا أى جلوسا بأى طريقة وعلى أجنابهم والمراد ورقودا على أى جزء من جسمهم ،وهم يتفكرون فى خلق السموات والأرض والمراد وهم ينظرون أى يبحثون فى إبداع الله للسموات والأرض ومخلوقاتهم وبهذا يعنى أنهم يطلبون العلم بمخلوقات الله فيصلون للحقيقة التالية :ربنا ما خلقت هذا باطلا والمراد إلهنا ما صنعت الكون عبثا وإنما للحق أى العدل ،سبحانك أى الطاعة لحكمك فقنا عذاب النار والمراد فامنع عنا عقاب السعير وهذا يعنى أن نتيجة بحثهم فى الكون أوصلتهم إلى وجوب طاعة حكم الله كباقى المخلوقات .
"ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الشورى "وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله"فالأنصار هم الأولياء والمعنى إلهنا إنك من تسكن الجحيم فقد أذللته وما للكافرين من أولياء،يبين الله لنا أن أولى الألباب يقولون :ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته والمراد إلهنا إنك من تقذفه فى السعير فقد أهنته وما للظالمين من أنصار والمراد وما للكافرين بحكم الله من أولياء ينقذونهم من النار .
"ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان أن أمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الجن "إنا سمعنا قرآنا عجبا"فالمنادى للإيمان هو القرآن وقوله بسورة البقرة"واعف عنا "فاغفر أى كفر تعنى اعف وقوله بسورة الأعراف"وتوفنا مسلمين "فالأبرار هم المسلمين والمعنى إلهنا إننا علمنا داعيا يدعو للتصديق أن صدقوا بحكم إلهكم فصدقنا فامحو لنا جرائمنا أى استر لنا ذنوبنا وأمتنا مع المسلمين،يبين الله لنا أن أولى الألباب دعوه فقالوا :ربنا أى إلهنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان والمراد إننا علمنا كتابا يدعو للتصديق قائلا أن آمنوا بربكم أى أن صدقوا بحكم إلهكم فأمنا أى فصدقنا المنادى وهو القرآن فاغفر لنا ذنوبنا أى كفر عنا سيئاتنا والمراد اعفو عن خطايانا أى اترك عقابنا على جرائمنا وتوفنا مع الأبرار والمراد وأدخلنا الجنة مع المسلمين .
"ربنا وأتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد"يفسر الآية قوله تعالى بسورة مريم"جنات عدن التى وعد الرحمن عباده بالغيب"فما وعدتنا على رسلك هو جنات عدن وقوله بسورة البقرة"فلن يخلف الله وعده"فالميعاد هو الوعد والمعنى إلهنا أعطنا الذى قلت لنا فى كتبك ولا تذلنا يوم البعث إنك لا تنقض العهد ،يبين الله لنا أن أولى الألباب دعوا الله قائلين:ربنا وأتنا ما وعدتنا على رسلك والمراد إلهنا أدخلنا الجنة التى أخبرتنا فى كتبك على لسان الأنبياء(ص) إنك لا تخلف الميعاد والمراد إنك لا تنقض العهد وهو هنا العهد بدخول الجنة.
"فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا فى سبيلى وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجرى من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "وما كان الله ليضيع إيمانكم "فالعمل يعنى الإيمان الذى لا يضيع وقوله بسورة التوبة"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"فكون بعضنا من بعض هو أننا أولياء بعض وقوله بسورة الأنفال"وأن الله عنده أجر عظيم"فالثواب عند الله هو الأجر والمعنى فرد عليهم إلههم أنى لا أخسر صنع صانع منكم من رجل أو امرأة بعضكم أنصار بعض فالذين انتقلوا من بلادهم وطردوا من بلادهم وأضروا فى نصر دينى وحاربوا واستشهدوا لأمحون لهم ذنوبهم ولأسكننهم حدائق تسير فى أرضها العيون أجرا من لدى الله والله لديه أفضل الأجر،يبين الله لنا أنه استجاب لأولى الألباب والمراد ردا عليهم مجيبا طلباتهم فقال:أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى والمراد أنى لا أحبط فعل فاعل منكم أى لا أخسر ثواب صنع صانع منكم من رجل أو امرأة بعضكم من بعض والمراد بعضكم أنصار للبعض الأخر منكم فالذين هاجروا أى انتقلوا من بلادهم وأخرجوا من ديارهم أى وطردوا من بلادهم فانتقلوا منها وأوذوا فى سبيلى أى وأضروا فى نصر دينى بمختلف أنواع الضرر وقاتلوا أى وجاهدوا لنصر دينى وقتلوا أى واستشهدوا فى نصر دينى لأكفرن عنهم سيئاتهم والمراد لأغفرن لهم ذنوبهم أى لأتركن عقابهم على جرائمهم ولأدخلنهم جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد ولأسكننهم حدائق تسير فى أرضها عيون السوائل اللذيذة ثواب من عند الله أى أجرا من عند الله والله عنده أى لديه حسن الثواب وهو حسن المآب أى أفضل الأجر.
"لا يغرنك تقلب الذين كفروا فى البلاد متاع قليل ثم مأواهم النار وبئس المهاد"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة ص"فبئس القرار"فالمهاد هى القرار والمعنى لا يخدعك تمتع الذين كذبوا بحكم الله فى الأرض نفع قصير ثم مكانهم النار وساء المقام،ينهى الله رسوله(ص)فيقول لا يغرنك تقلب الذين كفروا فى البلاد والمراد لا يخدعك تحكم الذين عصوا حكم الله فى الأرض بالظلم أى لا يخدعك تمتع الذين كذبوا فى الأرض متاع قليل أى نفع قصير الوقت ثم يزول ثم مأواهم جهنم أى مقامهم الدائم النار وبئس المهاد أى وساء المقام حيث العذاب الدائم.
"وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النحل"ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا"فآيات الله هى عهد الله وقوله الأنعام "لهم دار السلام عند ربهم"فأجرهم هو دار السلام والمعنى وإن من أصحاب الوحى السابق لمن يصدق بحكم الله أى الذى أوحى إليكم والذى أوحى إليهم طائعين لله لا يأخذون بأحكام الله متاعا فانيا أولئك لهم ثوابهم لدى إلههم إن الله عادل الجزاء،يبين الله لنا أن من أهل الكتاب والمراد من أصحاب الوحى السابق فريق يؤمن بالله والمراد يصدق بحكم الله وفسر الله ذلك بأنهم يؤمنون بما أنزل أى الذى أوحى إلى المسلمين وما أنزل أى والذى أوحى لهم سابقا وهم خاشعين لله أى متبعين لحكم الله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا والمراد لا يتركون أحكام الله مقابل المتاع الفانى وهو متاع الدنيا ولذا لهم أجرهم عند ربهم والمراد لهم ثوابهم لدى إلههم وهو الجنة والله سريع الحساب والمراد والله عادل الجزاء حيث يجازى بالعدل كل على عمله والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"يا أيها الذين أمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة التغابن"وأطيعوا الله"وقوله بسورة الحج"واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"فاصبروا أى صابروا أى رابطوا أى اتقوا تعنى أطيعوا تعنى اعبدوا تعنى افعلوا الخير والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله أطيعوا أى اتبعوا أى نفذوا أى تمسكوا بحكم الله لعلكم ترحمون،يطلب الله من الذين أمنوا وهم الذين صدقوا وحى الله طلب واحد بألفاظ متعددة هو اصبروا أى صابروا أى رابطوا أى أطيعوا حكم الله وبين لهم السبب الذى يوجب عليهم طاعة حكمه وهو أن يفلحوا أى يدخلوا الجنة.
مواضيع مماثلة
» تابع تفسير سورة النساء2
» تابع تفسير سورة الأنعام2
» تابع تفسير سورة البقرة 5
» تابع تفسير سورة البقرة 6
» تابع تفسير سورة آل عمران2
» تابع تفسير سورة الأنعام2
» تابع تفسير سورة البقرة 5
» تابع تفسير سورة البقرة 6
» تابع تفسير سورة آل عمران2
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى