نقد كتاب الأخبار المأثورة في الإطلاء بالنورة
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب الأخبار المأثورة في الإطلاء بالنورة
نقد كتاب الأخبار المأثورة في الإطلاء بالنورة
مؤلف الكتاب هو جلال الدين السيوطى والكتاب يدور حول استعمال النورة فى إزالة شعر العانة والإبط فقد سأل سائل عن حكمها فقال:
" ما قولكم في الإطلاء بالنورة هل هو سنة مأثورة عن الشارع أم لا وهل الأحاديث الواردة في ذلك ثابتة أم لا كحديث أم سلمة الذي أخرجه ابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا طلى بدأ بعورته بالنورة وسائر جسده كله وحديث عائشة الذي أخرجه الإمام أحمد قالت أطلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنورة فلما فرغ منها قال يا معشر المسلمين عليكم بالنورة فإنها طيبة وطهور وإن الله يذهب بها عنكم أوساخكم وأشعاركم فإن قلتم بأن ذلك ثابت فما الجمع بينه وبين ما أخرجه أبو حاتم عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتنور فإذا كثر شعره حلقه وقول الشيخ محي الدين النووي في فتاويه لم يثبت في ذلك شيء."
وكانت الإجابة هى:
"الجواب - الحمد لله قد وردت الأحاديث والآثار مرفوعة وموقوفة ومقطوعة موصولة ومرسلة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين باستعمال النورة فهي مباحة غير مكروهة وهل يطلق عليها سنة محل توقف لأن السنة تحتاج إلى ثبوت الأمر بها كحلق العانة ونتف الابط وقص الشارب وقلم الأظفار وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان دليلا على السنة فقد يقال هنا أن هذا من الأمور العادية التي لا يدل فعله لها على السنية، وقد يقال أنه إنما فعل ذلك لبيان الجواز كسائر المباحات التي فعلها ولم توصف بأنها سنة، وقد يقال إنها سنة لما فيه من الاقتداء وقد يقال فيها بالاستحباب بناء على أن المستحب أخف مرتبة من السنة ومحل هذا كله مالم يقصد المتنور اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعله أما إذا قصد ذلك فلا ريب في أنه مأجور وآت بسنة"
أما حلق أو تقصير الشعر فواجب وليس سنة أو مستحب لقوله تعالى "محلقين رءوسكم ومقصرين"
ولقوله "ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله"
وقد ذكر المجيب الروايات الواردة فى الموضوع فقال :
ذكر الأحاديث الواردة في أنه صلى الله عليه وسلم تنور وأيضا ذكر الآثار عن الصحابة فمن بعدهم:
"قال الخرائطي في مساوي الأخلاق حدثنا القنطري ثنا يزيد بن خلد بن يزيد ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن كهيل عن حبيب بن أبي ثابت عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينوره الرجل فإذا بلغ مراقه تولى هو ذلك،
" وقال أبو داود في المراسيل حدثنا أبو كامل الجحدري عن عبد الواحد هو ابن زياد عن صالح بن صالح عن أبي معشر زياد بن كليب أن رجلا نور رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغ العانة كف الرجل ونور رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه - أخرجه البيهقي في سننه الكبرى. وفي تاريخ ابن عساكر كربسند ضعيف عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنور كل شهر ويقلم أظفاره كل خمس عشرة. هذا الحديث فات ابن كثير وفيه فائدة نفيسة وهي ذكر التوقيت."
"وأخرج مسدد في مسنده والطبراني في الكبير بسند رجاله رجال الصحيح عن ابن عمر أنه كان يدخل الحمام فينوره صاحب الحمام فإذا بلغ حقوه قال لصاحب الحمام أخرج" وأخرج البيهقي من طريق أسامة بن زيد الليثي عن نافع قال كان عبد الله بن عمر يطلي فيأمرني أطليه حتى إذا بلغ سفلته وليها هو"
"وأخرج البيهقي من طريق عبد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر كان لا يدخل الحمام وكان يتنور في البيت ويلبس إزارا ويأمرني أطلي ما ظهر منه ثم يأمرني أن أخرج عنه فيلي فرجه"
الأحاديث الأربعة الخطأ المشترك بينها هو سماح النبى (ص)للرجال الأغراب برؤية عورته إلا عانته وهو ما يخالف وجوب تغطية الرجل عورته سواء فهمها الناس على أنها من السرة إلى الركبة أو اقل أو اكثر كما قال تعالى "يا بنى أدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم"
وهذا الكشف قد يؤدى إلى ما تحمد عقباه وهو أمر لم يحدث لأن النبى(ص) كما هو موصوف حيى وهذا الأمر يتعارض مع الحياء
"قال ابن ماجه في سننه حدثنا علي بن محمد ثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا حماد بن سلمة عن أبي حاتم الزماني عن حبيب بن أبي ثابت عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أطلى بدأ بعورته فطلاها وسائر جسده أهله قال الحافظ عماد الدين ابن كثير في كتابه الذي ألفه في الحمام هذا إسناد جيد وعبد الرحمن ابن عبد الله هذا ذكر صاحب الأطراف أنه أبو سعيد مولي بن هاشم فالله أعلم، ثم رواه ابن ماجه عن علي بن محمد عن إسحاق بن منصور عن كامل أبي العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلى وولي عانته بيده وقد رواه عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن حبيب بن أبي ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا وهذا أيضا إسناد جيد انتهى كلام ابن كثير. قلت وله طريق آخر "
الخبل هنا هو أن الرجل كان يطلى سائر جسمه وهو ما يتناقض مع كون الشعر المحلل حلقه أو تقصيره هو شعر الرأس والعانة والإبطين وأما غيرهما فهو لا يطول كتلك المناطق ومن ثم لا يسمح بإزالة ذلك الشعر كونه تغيير خلقة الله ومن ثم استجابة لقول الشيطان" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله "ولكونه يقوم بوظائف مقيدة للجسم
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريق موسى بن أيوب عن بقية عن عمر بن سليمان الدمشقي عن مكحول عن وائلة بن الأسقع قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر جعلت له مائدة فأكل متكئا وأطلى وأصابته الشمس ولبس الظلة قال أحمد سألت آدم ما الظلة قال البرطلة وأومأ بيده إلى رأسه، وهذا أيضا فات ابن كثير."
" وقال سعيد بن منصور ثنا الصعدي بن سنان العقيلي عن محمد بن الزبير الحنظلي عن مكحول قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أكل متكئا وتنور. قلت هذا الحديث فات ابن كثير فلم يذكره وهو مرسل"
الخبل المشترك بيت الروايتين هنا هو أن الرجل أطلى حتى عرف الناس كوائلة أو واثلة الذى يعنى أنهم شاهدوه وهو يفعل وهو كلام كما قلنا يتناقض مع وجوب تغطية العورة ويتعارض مع المعروف وهو حياء النبى(ص)
"أخرج الطبراني عن يعلي بن مرة الثقفي قال أطليت يوما ثم تخلقت بزعفران فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فناولته يدي فقلت يا رسول الله صلى على فقال ما هذا الذي على يدك. قلت إني تنورت ثم تخلقت فقال ألك امرأة قلت لا قال ألك سرية قلت لا قال فانطلق فاغسله ثم اغسله ثلاث مرات فانطلقت فاغتسلت ثلاث مرات ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصلى علي."
الخطأ هنا هو إباحة السرارى وجماعها وهو ما يناقض أن الله حرم جماع السرارى وهى الإماء وأوجب زواجهن لجماعهن فقال "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم"
"وأخرج عبد الرزاق عن أم كلثوم قالت أمرتني عائشة فطليتها بالنورة ثم طليتها بالحناء على أثرها ما بين قرنها إلى قدمها من حصباء كانت بها"
الخطأ هنا إباحة الخضاب بالحناء وهو تغيير لخلقة الله استجابة لقول الشيطان" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله "
"وأخرج ابن عساكر عن أبي عثمان والربيع وأبي حارثة قال بلغ عمر أن خالد بن الوليد دخل الحمام فتدلك بعد النورة بخبز عصفر معجون بخمر فكتب إليه بلغني أنك تدلكت بخمر وأن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنها وقد حرم مس الخمر كما حرم شربها فلا تمسوها أجسامكم فإنها نجس"
الخبل فى الرواية هو استخدام الطعام فى التدليك بدلا من أكله واستخدام الخمر المحرمة فى التدليك وهو كلام لم يحدث لأنه يدل على جعل واحد من كبار الصحابة بحكم الطعام
وأورد الرجل جملة أخرى من الروايات تدل على إباحة التنور وهى:
"وقال الخرائطي حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن صالح الوزان ثنا سليمان بن سلمة الجنائزي ثنا سليمان ابن ناشرة قال سمعت محمد بن زياد الألهاني يقول كان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم جارا لي فكان يدخل الحمام فقلت وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم تدخل الحمام فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الحمام وكان يتنور - أخرجه يعقوب ابن سفيان في تاريخه عن سليمان بن سلمة الحمصي ثنا بقية ثنا سليمان بن ناشرة به، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريقه، وهذا الحديث فات ابن كثير."
"وقال سعيد بن منصور في سننه ثنا هشيم عن أبي المشرفي ليث بن أبي راشد عن أبي معشر عن إبراهيم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أطلى ولى عانته بيده - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن هشيم وشريك كلاهما عن أبي المشرفي به، قال ابن كثير وهو مرسل يتقوى بالموصول الذي أخرجه ابن ماجه"
"وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن زياد الألهاني قال كان ثوبان جارا لنا وكان يدخل الحمام ويتنور"
" وأخرج الخرائطي عن مكحول قال لما قدم أبو الدرداء وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشام دخلوا الحمامات وأطلوا بالنورة"
"وقال ابن أبي شيبة في المصنف حدثنا مالك بن اسماعيل عن كامل عن حبيب قال دخل الحمام عطاء وطاووس ومجاهد فاطلوا فيه وحدثنا أبو أسامة عن عمر بن حمزة أن سالما أطلى مرة"
ثم أورد روايات مناقضة تدل على أنه (ص) لم يستعمل النورة فقال:
"ذكر الحديث الوارد في أنه صلى الله عليه وسلم لم يتنور
قال ابن أبي شيبة في المصنف حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام عن الحسن - هو البصري - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر لا يطلون. قال ابن كثير: هذا من مراسيل الحسن وقد تكلم فيها ثم هو معارض بالأحاديث السابقة"
" وأخرج البيهقي في سننه عن عبد الله بن المبارك قال ما أدرى من أخبرني عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنور. وأخرج أبو داود في المراسيل من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنور ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان، كلاهما منقطع"
"وأخرج البيهقي من طريق مسلم الملائي عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتنور فإذا كثر شعره حلقه قال البيهقي مسلم الملائي ضعيف الحديث فإن كان حفظه فيحتمل أن يكون قتادة أخذه أيضا عن أنس"
وأما كاتب الكتاب فقال بعد إيراده نوعى الروايات الموافقة والمعارضة:
" قلت فرجع الأمر إلى أنه حديث واحد وهو أولا ضعيف وثانيا معارض بالأحاديث السابقة وهي أقوى منه سندا وأكثر عددا وثالثا أن تلك مثبتة وهذا ناف والقاعدة الأصولية عند التعارض تقديم المثبت على النافي خصوصا أن التي روت الإثبات باشرت الواقعة وهي من أمهات المؤمنين وهي أجدر بهذه القضية فإنها مما يفعل في الخلوة غالبا لا بين أظهر الناس وكلاهما من وجوه الترجيحات. فهذه خمسة أجوبة، وسادس وهو أنه على حسب اختلاف الأوقات فتارة كان يتنور وتارة كان يحلق ولا يتنور، وقد روى مثل هذا الاختلاف عن ابن عمر فتقدم من طرق عنه أنه كان يتنور، وأخرج الطبراني في الكبير بسند رجاله موثقون عن مسكين بن عبد العزيز عن أبيه قال دخلت على عبد الله بن عمر وجاريته تحلق عنه الشعر فقال إن النورة ترق الجلد. فالجمع بين هذا وبين ما تقدم أنه فعل الأمرين معا هذا في أوقات وهذا في أوقات، نعم ثبت عن عمر بن الخطاب أنه كان يكره التنور ويعلله بأنه من النعيم. قال سعيد بن منصور حدثنا حبان بن علي عن محمد بن قيس الأسدي عن رجل قال كان عمر بن الخطاب يستطيب بالحديد فقيل له ألا تنور قال إنها من النعيم وأنا أكرهها وقال ابن أبي شيبة حدثنا وكيع عن محمد بن قيس الأسدي عن علي بن أبي عائشة قال كان عمر رجلا أهيب وكان يحلق عنه الشعر وذكرت له النورة فقال النورة من النعيم. وقد روي عنه ما يدل على أنه إنما كره الإكثار من ذلك. قال عبد الله بن المبارك في كتاب الزهد حدثنا بقية حدثني أرطاة بن المنذر حدثني بعضهم أن عمر بن الخطاب قال إياكم وكثرة الحمام وكثرة طلاء النورة والتوطي على الفرش فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين فهذا الأثر قاطع للنزاع، و أولى ما اعتمد في التوقيت حديث ابن عمر السابق وهو التنور كل شهر فيكره في أقل من ذلك، ثم رأيت في مساوي الأخلاق للخرائطي قال حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق ثنا عبد العزيز بن الخطاب ثنا حميد يعني ابن يعقوب مولي بني هاشم وكان ثقة عن العباس بن فضل عن القاسم عن أبي حازم عن ابن عباس قال يا أيها الناس اتقوا الله ولا تكذبوا فوالله ما أطلى نبي قط، لكن قال ابن الأثير في النهاية ما أطلى نبي قط أي ما مال إلى هواه وأصله من ميل الطلي وهي الأعناق واحدتها طلاة يقال أطلى الرجال اطلاء اذا مالت عنقه إلى أحد الشقين انتهى. وقال صاحب الملخص في غريب الحديث في حديثه عليه السلام ما أطلى نبي قط أي ما مالت طلاته أي عنقه أي ما جار، وقال عبد الغافر الفارسي في مجمع الغرائب في بعض الأحاديث ما أطلى نبي قط أي ما مال إلى هوى والأصل فيه ميل عنق الانسان يقال أطلى الرجل أي مالت عنقه للموت أو غيره، وذكر مثل ذلك أيضا صاحب القاموس.
(خاتمة): روى البخاري في تاريخه وابن عدي في الكامل والطبراني في الكبير والأوسط عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من صنعت له النورة ودخل الحمام سليمان بن داود. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قصة بلقيس قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها فإذا هي شعراء فقال سليمان ما يذهبه قالوا يذهبه الموس قال أثر الموس قبيح فجعلت الشياطين النورة فهو أول من جعلت له النورة. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن عبد الله بن شداد مثله وله طرق عن مجاهد وغيره. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في القصة أن الشياطين صنعوا له نورة من أصداف فطلوها فذهب الشعر."
والكلام هنا فيه أخطاء عدة هى :
الأول أن القاعدة الأصولية عند التعارض تقديم المثبت على النافي وهو تخريف فالقاعدة هى ثبات الحق سواء نغيا أو إثباتا فلا تقديم لأحدهما على الأخر لأن المطلوب هو الحقيقة
الثانى أن أول من صنعت له النورة ودخل الحمام سليمان بن داود وهو تخريف فهى معروفة من قديم البشرية فهل ظلت البشرية تجهل هذا ألآلاف المؤلفة من القرون ؟
مؤلف الكتاب هو جلال الدين السيوطى والكتاب يدور حول استعمال النورة فى إزالة شعر العانة والإبط فقد سأل سائل عن حكمها فقال:
" ما قولكم في الإطلاء بالنورة هل هو سنة مأثورة عن الشارع أم لا وهل الأحاديث الواردة في ذلك ثابتة أم لا كحديث أم سلمة الذي أخرجه ابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا طلى بدأ بعورته بالنورة وسائر جسده كله وحديث عائشة الذي أخرجه الإمام أحمد قالت أطلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنورة فلما فرغ منها قال يا معشر المسلمين عليكم بالنورة فإنها طيبة وطهور وإن الله يذهب بها عنكم أوساخكم وأشعاركم فإن قلتم بأن ذلك ثابت فما الجمع بينه وبين ما أخرجه أبو حاتم عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتنور فإذا كثر شعره حلقه وقول الشيخ محي الدين النووي في فتاويه لم يثبت في ذلك شيء."
وكانت الإجابة هى:
"الجواب - الحمد لله قد وردت الأحاديث والآثار مرفوعة وموقوفة ومقطوعة موصولة ومرسلة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين باستعمال النورة فهي مباحة غير مكروهة وهل يطلق عليها سنة محل توقف لأن السنة تحتاج إلى ثبوت الأمر بها كحلق العانة ونتف الابط وقص الشارب وقلم الأظفار وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان دليلا على السنة فقد يقال هنا أن هذا من الأمور العادية التي لا يدل فعله لها على السنية، وقد يقال أنه إنما فعل ذلك لبيان الجواز كسائر المباحات التي فعلها ولم توصف بأنها سنة، وقد يقال إنها سنة لما فيه من الاقتداء وقد يقال فيها بالاستحباب بناء على أن المستحب أخف مرتبة من السنة ومحل هذا كله مالم يقصد المتنور اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعله أما إذا قصد ذلك فلا ريب في أنه مأجور وآت بسنة"
أما حلق أو تقصير الشعر فواجب وليس سنة أو مستحب لقوله تعالى "محلقين رءوسكم ومقصرين"
ولقوله "ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله"
وقد ذكر المجيب الروايات الواردة فى الموضوع فقال :
ذكر الأحاديث الواردة في أنه صلى الله عليه وسلم تنور وأيضا ذكر الآثار عن الصحابة فمن بعدهم:
"قال الخرائطي في مساوي الأخلاق حدثنا القنطري ثنا يزيد بن خلد بن يزيد ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن كهيل عن حبيب بن أبي ثابت عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينوره الرجل فإذا بلغ مراقه تولى هو ذلك،
" وقال أبو داود في المراسيل حدثنا أبو كامل الجحدري عن عبد الواحد هو ابن زياد عن صالح بن صالح عن أبي معشر زياد بن كليب أن رجلا نور رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغ العانة كف الرجل ونور رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه - أخرجه البيهقي في سننه الكبرى. وفي تاريخ ابن عساكر كربسند ضعيف عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنور كل شهر ويقلم أظفاره كل خمس عشرة. هذا الحديث فات ابن كثير وفيه فائدة نفيسة وهي ذكر التوقيت."
"وأخرج مسدد في مسنده والطبراني في الكبير بسند رجاله رجال الصحيح عن ابن عمر أنه كان يدخل الحمام فينوره صاحب الحمام فإذا بلغ حقوه قال لصاحب الحمام أخرج" وأخرج البيهقي من طريق أسامة بن زيد الليثي عن نافع قال كان عبد الله بن عمر يطلي فيأمرني أطليه حتى إذا بلغ سفلته وليها هو"
"وأخرج البيهقي من طريق عبد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر كان لا يدخل الحمام وكان يتنور في البيت ويلبس إزارا ويأمرني أطلي ما ظهر منه ثم يأمرني أن أخرج عنه فيلي فرجه"
الأحاديث الأربعة الخطأ المشترك بينها هو سماح النبى (ص)للرجال الأغراب برؤية عورته إلا عانته وهو ما يخالف وجوب تغطية الرجل عورته سواء فهمها الناس على أنها من السرة إلى الركبة أو اقل أو اكثر كما قال تعالى "يا بنى أدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم"
وهذا الكشف قد يؤدى إلى ما تحمد عقباه وهو أمر لم يحدث لأن النبى(ص) كما هو موصوف حيى وهذا الأمر يتعارض مع الحياء
"قال ابن ماجه في سننه حدثنا علي بن محمد ثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا حماد بن سلمة عن أبي حاتم الزماني عن حبيب بن أبي ثابت عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أطلى بدأ بعورته فطلاها وسائر جسده أهله قال الحافظ عماد الدين ابن كثير في كتابه الذي ألفه في الحمام هذا إسناد جيد وعبد الرحمن ابن عبد الله هذا ذكر صاحب الأطراف أنه أبو سعيد مولي بن هاشم فالله أعلم، ثم رواه ابن ماجه عن علي بن محمد عن إسحاق بن منصور عن كامل أبي العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلى وولي عانته بيده وقد رواه عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن حبيب بن أبي ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا وهذا أيضا إسناد جيد انتهى كلام ابن كثير. قلت وله طريق آخر "
الخبل هنا هو أن الرجل كان يطلى سائر جسمه وهو ما يتناقض مع كون الشعر المحلل حلقه أو تقصيره هو شعر الرأس والعانة والإبطين وأما غيرهما فهو لا يطول كتلك المناطق ومن ثم لا يسمح بإزالة ذلك الشعر كونه تغيير خلقة الله ومن ثم استجابة لقول الشيطان" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله "ولكونه يقوم بوظائف مقيدة للجسم
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريق موسى بن أيوب عن بقية عن عمر بن سليمان الدمشقي عن مكحول عن وائلة بن الأسقع قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر جعلت له مائدة فأكل متكئا وأطلى وأصابته الشمس ولبس الظلة قال أحمد سألت آدم ما الظلة قال البرطلة وأومأ بيده إلى رأسه، وهذا أيضا فات ابن كثير."
" وقال سعيد بن منصور ثنا الصعدي بن سنان العقيلي عن محمد بن الزبير الحنظلي عن مكحول قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أكل متكئا وتنور. قلت هذا الحديث فات ابن كثير فلم يذكره وهو مرسل"
الخبل المشترك بيت الروايتين هنا هو أن الرجل أطلى حتى عرف الناس كوائلة أو واثلة الذى يعنى أنهم شاهدوه وهو يفعل وهو كلام كما قلنا يتناقض مع وجوب تغطية العورة ويتعارض مع المعروف وهو حياء النبى(ص)
"أخرج الطبراني عن يعلي بن مرة الثقفي قال أطليت يوما ثم تخلقت بزعفران فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فناولته يدي فقلت يا رسول الله صلى على فقال ما هذا الذي على يدك. قلت إني تنورت ثم تخلقت فقال ألك امرأة قلت لا قال ألك سرية قلت لا قال فانطلق فاغسله ثم اغسله ثلاث مرات فانطلقت فاغتسلت ثلاث مرات ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصلى علي."
الخطأ هنا هو إباحة السرارى وجماعها وهو ما يناقض أن الله حرم جماع السرارى وهى الإماء وأوجب زواجهن لجماعهن فقال "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم"
"وأخرج عبد الرزاق عن أم كلثوم قالت أمرتني عائشة فطليتها بالنورة ثم طليتها بالحناء على أثرها ما بين قرنها إلى قدمها من حصباء كانت بها"
الخطأ هنا إباحة الخضاب بالحناء وهو تغيير لخلقة الله استجابة لقول الشيطان" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله "
"وأخرج ابن عساكر عن أبي عثمان والربيع وأبي حارثة قال بلغ عمر أن خالد بن الوليد دخل الحمام فتدلك بعد النورة بخبز عصفر معجون بخمر فكتب إليه بلغني أنك تدلكت بخمر وأن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنها وقد حرم مس الخمر كما حرم شربها فلا تمسوها أجسامكم فإنها نجس"
الخبل فى الرواية هو استخدام الطعام فى التدليك بدلا من أكله واستخدام الخمر المحرمة فى التدليك وهو كلام لم يحدث لأنه يدل على جعل واحد من كبار الصحابة بحكم الطعام
وأورد الرجل جملة أخرى من الروايات تدل على إباحة التنور وهى:
"وقال الخرائطي حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن صالح الوزان ثنا سليمان بن سلمة الجنائزي ثنا سليمان ابن ناشرة قال سمعت محمد بن زياد الألهاني يقول كان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم جارا لي فكان يدخل الحمام فقلت وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم تدخل الحمام فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الحمام وكان يتنور - أخرجه يعقوب ابن سفيان في تاريخه عن سليمان بن سلمة الحمصي ثنا بقية ثنا سليمان بن ناشرة به، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريقه، وهذا الحديث فات ابن كثير."
"وقال سعيد بن منصور في سننه ثنا هشيم عن أبي المشرفي ليث بن أبي راشد عن أبي معشر عن إبراهيم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أطلى ولى عانته بيده - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن هشيم وشريك كلاهما عن أبي المشرفي به، قال ابن كثير وهو مرسل يتقوى بالموصول الذي أخرجه ابن ماجه"
"وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن زياد الألهاني قال كان ثوبان جارا لنا وكان يدخل الحمام ويتنور"
" وأخرج الخرائطي عن مكحول قال لما قدم أبو الدرداء وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشام دخلوا الحمامات وأطلوا بالنورة"
"وقال ابن أبي شيبة في المصنف حدثنا مالك بن اسماعيل عن كامل عن حبيب قال دخل الحمام عطاء وطاووس ومجاهد فاطلوا فيه وحدثنا أبو أسامة عن عمر بن حمزة أن سالما أطلى مرة"
ثم أورد روايات مناقضة تدل على أنه (ص) لم يستعمل النورة فقال:
"ذكر الحديث الوارد في أنه صلى الله عليه وسلم لم يتنور
قال ابن أبي شيبة في المصنف حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام عن الحسن - هو البصري - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر لا يطلون. قال ابن كثير: هذا من مراسيل الحسن وقد تكلم فيها ثم هو معارض بالأحاديث السابقة"
" وأخرج البيهقي في سننه عن عبد الله بن المبارك قال ما أدرى من أخبرني عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنور. وأخرج أبو داود في المراسيل من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنور ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان، كلاهما منقطع"
"وأخرج البيهقي من طريق مسلم الملائي عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتنور فإذا كثر شعره حلقه قال البيهقي مسلم الملائي ضعيف الحديث فإن كان حفظه فيحتمل أن يكون قتادة أخذه أيضا عن أنس"
وأما كاتب الكتاب فقال بعد إيراده نوعى الروايات الموافقة والمعارضة:
" قلت فرجع الأمر إلى أنه حديث واحد وهو أولا ضعيف وثانيا معارض بالأحاديث السابقة وهي أقوى منه سندا وأكثر عددا وثالثا أن تلك مثبتة وهذا ناف والقاعدة الأصولية عند التعارض تقديم المثبت على النافي خصوصا أن التي روت الإثبات باشرت الواقعة وهي من أمهات المؤمنين وهي أجدر بهذه القضية فإنها مما يفعل في الخلوة غالبا لا بين أظهر الناس وكلاهما من وجوه الترجيحات. فهذه خمسة أجوبة، وسادس وهو أنه على حسب اختلاف الأوقات فتارة كان يتنور وتارة كان يحلق ولا يتنور، وقد روى مثل هذا الاختلاف عن ابن عمر فتقدم من طرق عنه أنه كان يتنور، وأخرج الطبراني في الكبير بسند رجاله موثقون عن مسكين بن عبد العزيز عن أبيه قال دخلت على عبد الله بن عمر وجاريته تحلق عنه الشعر فقال إن النورة ترق الجلد. فالجمع بين هذا وبين ما تقدم أنه فعل الأمرين معا هذا في أوقات وهذا في أوقات، نعم ثبت عن عمر بن الخطاب أنه كان يكره التنور ويعلله بأنه من النعيم. قال سعيد بن منصور حدثنا حبان بن علي عن محمد بن قيس الأسدي عن رجل قال كان عمر بن الخطاب يستطيب بالحديد فقيل له ألا تنور قال إنها من النعيم وأنا أكرهها وقال ابن أبي شيبة حدثنا وكيع عن محمد بن قيس الأسدي عن علي بن أبي عائشة قال كان عمر رجلا أهيب وكان يحلق عنه الشعر وذكرت له النورة فقال النورة من النعيم. وقد روي عنه ما يدل على أنه إنما كره الإكثار من ذلك. قال عبد الله بن المبارك في كتاب الزهد حدثنا بقية حدثني أرطاة بن المنذر حدثني بعضهم أن عمر بن الخطاب قال إياكم وكثرة الحمام وكثرة طلاء النورة والتوطي على الفرش فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين فهذا الأثر قاطع للنزاع، و أولى ما اعتمد في التوقيت حديث ابن عمر السابق وهو التنور كل شهر فيكره في أقل من ذلك، ثم رأيت في مساوي الأخلاق للخرائطي قال حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق ثنا عبد العزيز بن الخطاب ثنا حميد يعني ابن يعقوب مولي بني هاشم وكان ثقة عن العباس بن فضل عن القاسم عن أبي حازم عن ابن عباس قال يا أيها الناس اتقوا الله ولا تكذبوا فوالله ما أطلى نبي قط، لكن قال ابن الأثير في النهاية ما أطلى نبي قط أي ما مال إلى هواه وأصله من ميل الطلي وهي الأعناق واحدتها طلاة يقال أطلى الرجال اطلاء اذا مالت عنقه إلى أحد الشقين انتهى. وقال صاحب الملخص في غريب الحديث في حديثه عليه السلام ما أطلى نبي قط أي ما مالت طلاته أي عنقه أي ما جار، وقال عبد الغافر الفارسي في مجمع الغرائب في بعض الأحاديث ما أطلى نبي قط أي ما مال إلى هوى والأصل فيه ميل عنق الانسان يقال أطلى الرجل أي مالت عنقه للموت أو غيره، وذكر مثل ذلك أيضا صاحب القاموس.
(خاتمة): روى البخاري في تاريخه وابن عدي في الكامل والطبراني في الكبير والأوسط عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من صنعت له النورة ودخل الحمام سليمان بن داود. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قصة بلقيس قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها فإذا هي شعراء فقال سليمان ما يذهبه قالوا يذهبه الموس قال أثر الموس قبيح فجعلت الشياطين النورة فهو أول من جعلت له النورة. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن عبد الله بن شداد مثله وله طرق عن مجاهد وغيره. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في القصة أن الشياطين صنعوا له نورة من أصداف فطلوها فذهب الشعر."
والكلام هنا فيه أخطاء عدة هى :
الأول أن القاعدة الأصولية عند التعارض تقديم المثبت على النافي وهو تخريف فالقاعدة هى ثبات الحق سواء نغيا أو إثباتا فلا تقديم لأحدهما على الأخر لأن المطلوب هو الحقيقة
الثانى أن أول من صنعت له النورة ودخل الحمام سليمان بن داود وهو تخريف فهى معروفة من قديم البشرية فهل ظلت البشرية تجهل هذا ألآلاف المؤلفة من القرون ؟
مواضيع مماثلة
» قراءة فى كتاب الأخبار المأثورة في الإطلاء بالنورة
» نقد كتاب مختصر رسالة في أحوال الأخبار
» نقد كتاب أربعون حديثا من الجزء الرابع من كتاب الطب
» قراءة فى كتاب طوالات الأخبار والقصص والآثار
» قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار
» نقد كتاب مختصر رسالة في أحوال الأخبار
» نقد كتاب أربعون حديثا من الجزء الرابع من كتاب الطب
» قراءة فى كتاب طوالات الأخبار والقصص والآثار
» قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى