قراءة فى كتاب تأملات حول الفحص الطبي قبل الزواج
صفحة 1 من اصل 1
قراءة فى كتاب تأملات حول الفحص الطبي قبل الزواج
قراءة فى كتاب تأملات حول الفحص الطبي قبل الزواج
مؤلف الكتاب هو سلطان بن محمد بن زهران الحراصي من أهل عصرنا وقد تحدث عن موضوع الكتاب فقال :
" انتشر موضوع الفحص الطبي قبل الزواج بين الناس، فمنهم من أيده ومنهم من لم يحبذه، ولكل وجهة نظر يستند إليها ويدافع عنها، ولكن ما هو موقف الشرع الشريف من هذه القضية، وما أبعادها طبيا وفقهيا هذا ما سنتحدث عنه في هذا الكتيب مع بيان بعض النقاط المهمة المتعلقة بهذا الموضوع المهم "
قسم الكاتب الكتاب لثلاثة مباحث تناول فى الأول معنى الفحص الطبى قبل الزواج فقال :
"المبحث الأول الفحص الطبي قبل الزواج
المطلب الأول : معنى الفحص الطبي قبل الزواج وفوائده:
الفحص الطبي قبل الزواج هو فحص يجريه الخطيبان يهدف إلى بناء وتكوين أسرة سليمة، ويقلل بقدر الإمكان من إمكانية أن يحمل أحد أفرادها مورثات لأمراض وراثية أو معدية، وهو يشمل فحوصات طبية عديدة قد يكون الشخص سليما ومعافى وهو يحمل مورثات لأمراض لا يعلم عنها ولا تظهر إلا عندما يلتقي عاملان وراثيان مريضان في الطفل وقد عرف الطبيب يوسف بلتو الفحص الطبي قبل الزواج بأنه "تقديم استشارات طبية إجبارية أو اختيارية للخاطبين المقبلين على الزواج تستند إلى فحوصات مخبرية أو سريرية تجرى لهم قبل عقد القران"
ومثل هذا الفحص لا يحكمه بعد قانون محدد ملزم أو حتى تقليد طبي عريق وواضح، لهذا تتباين الآراء حول عدة جوانب أساسية فيه كوجوبيته وماهيته ومداه، فهل يجوز ابتداء فحص المقبلين على الزواج طبيا كشرط سابق للزواج من النواحي الشرعية والعرفية والأخلاقية؟ وهل هناك حاجة صحية واجتماعية لإجراء مثل هذا الفحص، بما يمثله من تعقيدات وعوائق محتملة أمام الزواج؟ إلخ هذه الأسئلة وغيرها لابد أن تخطر بالبال وتحتاج لمناقشة علمية صريحة تعزز الوعي العام بهذا الفحص باعتباره ممارسة صحية وقائية وتشخيصية وليس ابتداعا يستدعي التهيب والوجس والتشكيك وإنما هو مطبق في عدد من دول العالم "
الفحص الطبى قبل الزواج تم تعريفه هنا حسب مراد البلد الذى يعيش فيه الخطيبان فهو إما إجبارى بقانون الدولة وإما اختيارى ثم تعرض الكاتب لما سماه فوائد الفحص فقال:
" والخلاصة أن أهمية الفحص الطبي قبل الزواج تكمن فوائده في الآتي:
يجنب الزوجين إنجاب أطفال غير مؤهلين للحياة بشكل طبيعي، بل إنجاب أطفال أصحاء سليمين عقليا وجسديا وعدم انتقال الأمراض الوراثية التي تظهر على كلا أو أحد الخاطبين إلى الأطفال
الحيلولة دون حصول زواج لمن هو مصاب بمرض وراثي، وبالتالي ضمان عدم تضرر صحة أي من الخاطبين نتيجة معاشرة الآخر جنسيا وعدم انتقال الأمراض الجنسية والمعدية وغيرها من الوبائيات، وعدم تضرر صحة المرأة أثناء الحمل وبعد الولادة"
ومع كلامه هذا عن الفوائد قال انه لا يمكن للفحص ضمان خلو المجتمع من ولادة أفراد مرضى بقوله:
"وبالجملة فإن الفحص الطبي قبل الزواج قد لا يضمن تماما خلو المجتمع مستقبلا من العيوب والأمراض غير المرغوبة حتى بعد تحوله إلى إجراء روتيني بعد فترة من التطبيق، وقد لا يضمن بصورة تامة صحة وسلامة الزيجات وابنائها مع ظهور نتائج إيجابية مبشرة إلا أنه سيكون ذا نتيجة إيجابية، وفي بعض الحالات قد يرشد إلى اتخاذ احتياطات وقائية أو علاجية لتجنب الآثار المنهكة اقتصاديا ونفسيا وصحيا واجتماعيا التي لم يكن الخاطبان على دراية بها"
وتعرض الحراصى لمعنى المرض الوراثى فقال :
"المطلب الثاني : معنى المرض الوراثي وأنواعه
المرض الوراثي ليس هو كالمرض المعدي يمكن تجنبه بالابتعاد عن مصادره، ولكن مرض ينتقل عبر الجينات والكروموسومات أي مرض متوارث بالتزاوج عبر الأجيال في العائلة الواحدة هذا، وقد بين الطبيب محمد علي البار بأن الأمراض الوراثية عددها كبير جدا، حيث توجد قوائم بالأمراض الوراثية، وفي كل شخص يوجد عدد كبير من الأمراض الوراثية وبحثها يكلف آلاف الملايين، وإنما يفحص الخطير والشهير منها، ومع ذلك لا يعطى الشخص ضمانا بأن نسله لن يصاب بأي مرض وراثي فهذا مستحيل،والسبب في ذلك أن الأمراض الوراثية يكتشف كل يوم مزيد منها، وهناك آلاف من الأمراض الوراثية أي أكثر من ثلاثة آلاف مرض موجودة ومعروفة، وتكلفة علاجها باهظة جدا وذلك بخلاف الأمراض المعدية ففحص معظمها سهل فالطبيب يفحص بالأشعة العادية فيعرف إن كان لدى المريض "سل" أم لا، وبالفحص العادي يجري تحليلا بسيطا للدم فيكتشف مرض الزهري أو غيره مثلا، وبتكلفة معقولة تتحملها الدولة أو الفرد تجرى المعالجة "
بالقطع لا يوجد شىء اسمه المرض الوراثى فالموجود كما قال تعالى "وإذا مرضت فهو يشفين"
فالمرض طبقا للجملة هو شىء طارىء "إذا مرضت"وليس شىء موجود فى الإنسان من قبل ولادته وما يصيب الجنين فى بطن أمه سببه بيئة الرحم والتى تستمد ما فيها من خارج الجسد عن طريق الحبل السرى حيث يتحول الغذاء الخارجى وغيره من الأدوية وغيرها إلى سوائل تغذى الجنين
لو كان هناك أمراض وراثية فى الزوجين لوجب انتقالها لكل الأبناء لاتحاد الأبوين ولكن هذا غير حادث وما يحدث فى الواقع هو أن الأمراض التى تسمى الوراثية تصيب الأقارب وغير الأقارب نتيجة لعوامل مختلفة أهمها العادات الغذائية والبيتية التى يقلد فيها الأبناء الآباء والأمهات
وتعرض المؤلف لكيفية انتقال الأمراض الوراثية واحتمالات الإصابة فقال:
"المطلب الثالث: كيفية انتقال الأمراض الوراثية واحتمالات الإصابة
الأمراض الوراثية إما أن تكون بصفة سائدة أو أن تكون بصفة متنحية أو عن طريق الكروموزوم (X) عن طريق المرأة التي تحمل في كروموسوماتها هذا الجين، وهي تصاب بالمرض لأنها إذا كان لديها (x2) فيأتي طفلها مصابا بمرض الهيموفيليا ويصاب بهذا المرض المولود الذكر، أما المولودة الأنثى فلا تصاب به أي أنها تصاب بالمرض إذا كانت تحمل صفة المرض على كلا الكر موسومين الخاصين بالأنوثة( (xx
أما اذا كانت تحمل صفة المرض على أحد كرموسومي الأنوثة (x) فإنها لا تكون مريضة بهذا المرض، ولكن بإمكانها نقله لأبنائها الذكور، ومثال على ذلك مرض الهيموفيليا فمرض الهيموفيليا كأي مرض له درجات، فالكروموزم (x) تحمله المرأة وأن أبناءها سيحملون المرض الوراثي، ولكن هناك حالات معروفة من الهيموفيليا لدى أطفال لديهم نقص في (العامل ولكن النقص ليس شديدا بحيث يسبب له نزفا شديدا، كما أن معظم حالات الهيموفيليا ليست كلها من الأم، فهناك الطفرة الوراثية لا تحملها الأم ولا الأب، وهذه الطفرات الوراثية تحصل أثناء التلقيح أو ما قبل التلقيح، وحتى لو حصل فلا نستطيع القول أن كل أبناء هذه المرأة سيصابون بنفس الدرجة فهناك المجال واسع بحيث يكون فيه أحد الأطفال مصابا إصابة بسيطة والآخر يكون مصابا إصابة كبيرة فلا بد أن تدرس الأسرة هذا الموضوع فإما ألا يتزوجا أو ألا ينجبا إذا أرادا ذلك، أو يتجها إلى العلاج، أما إذا ثبت أن الجنين وهو في بطن أمه مصاب بالمرض الوراثي فقد حكم مجمع الفقه الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي بأنه إذا ثبت ذلك وأن المرض خطير وقبل مائة وعشرين يوما من الحمل وإذا قررت لجنة طبية مكونة من ثلاثة من الأطباء الاختصاصيين ففي هذه الحالة يسوغ الإجهاض
فالعوامل الوراثية في معظمها إما سائدة أو متنحية، فالعامل الوراثي السائد له القدرة على الظهور والتعبير عن نفسه والعامل الوراثي المتنحي ليس له القدرة على الظهور والتعبير عن نفسه إلا إذا اجتمع مع عامل وراثي متنح مماثل تماما حينئذ تظهر الصفة الوراثية التي يحملانها معا، فإذا افترضنا وجود مرض وراثي في أحد الوالدين ينقله عامل وراثي سائد فإنه يعبر عن نفسه في نسبة معينة من الأبناء ولا يظهر في الآخرين، أما في حالة العوامل الوراثية المتنحية فلا بد أن تكون موجودة في كل من الأب والأم معا، ليظهر المرض في نسبة معينة من الأبناء ولا يظهر في الآخرين، يظهر فيمن يجتمع لديهم عاملان وراثيان متنحيان ولا يظهر فيمن ينتقل إليه عامل وراثي متنح واحد وليست العوامل الوراثية السائدة أو المتنحية تحمل صفات غير مرغوب فيها أو مرضا فحسب فقد تحمل صفات مرغوبا فيها أيضا
هذا، ونستطيع معرفة انتقال تلك الأمراض من خلال هذه الإحتمالات الخمسة التي تمثل خمس أسر على النحو التالي:
- الأسرة الأولى:الوالدان صحيحان = أطفال أصحاء
- الأسرة الثانية:أحد الوالدين صحيح والآخر حامل للمرض يعطينا 50% أصحاء + 50% حاملين للمرض
- الأسرة الثالثة:كلا الوالدين حامل للمرض الوراثي يعطينا 25% أصحاء + 25% مرضى + 50% حاملين للمرض
- الأسرة الرابعة:أحد الوالدين مريض والآخر صحيح يعطينا أطفال حاملين للمرض
- الأسرة الخامسة:أحد الوالدين مريض والآخر حامل للمرض الوراثي يعطينا 50% من الأطفال حاملين للمرض + 50% مرضى "
بالقطع كما قلنا لا وجود للوراثة دور فى الأمراض فالعملية كلها كما نقل المؤلف عملية احتمالات قد تصدق او تكذب
وما يسمى بعلم الوراثة بحالته الحالية يضاد شرع الله حيث يحرم ما أحل الله من زواج الأقارب ومن زواج المرضى فهل الله الخالق لا يعلم أن زواج الأقارب وزواج المرضى يصيب الأولاد المستقبليين بالأمراض؟
قطعا هو يعلم كل شىء وما أباحه أباحه لحكمة وكما قال الحراصى فى اكثر من موضع لا يمكن خلو المجتمع من المرضى بعمل الفحص الطبى والحكمة من وجود الأطفال المرضى أو المعاقين هو الفتنة أى اختبار الناس أيصبرون على هذا ام لا وفى هذا قال تعالى" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
وفى القسم الثانى عالج مسألة الفحص من خلال الشرع كما زعم فقال :
"المبحث الثاني النظرة الإسلامية للفحص الطبي قبل الزواج:
المطلب الأول : اهتمام الشريعة الإسلامية بسلامة النسل
لقد امتن الله تبارك وتعالى على عباده بالزواج ، فجعله سنة من سننه في الكون واختص بها الإنسان عن سائر المخلوقات
والزواج هو الإرتباط والإقتران وهو الإطار الشرعي والمتنفس الفطري الذي يتحقق فيه اللقاء بين الذكر والأنثى ، قال سبحانه وتعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "
ومن المعلوم أن الزواج الشرعي يحفظ للإنسان كرامته ويحافظ على بقاء النوع البشري ، إذ يقول عز وجل: "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة "
هذا وقد اهتمت الشريعة الإسلامية بسلامة النسل وخلوه من الأمراض، فوضعت القواعد والأصول لحماية الأسرة، ولم يقتصر اهتمام الإسلام بالأسرة بعد التكوين بل تعداه إلى قبل التكوين من خلال اختيار الزوج الصالح، والصلاح كلمة عامة تشمل الخلق والدين كما تشمل الصحة البدنية والحالة الإجتماعية والعقلية إلخ، فالنبي (ص) يقول: "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس" ، والاختيار هنا عام يشمل النواحي الدينية والخلقية والاجتماعية والصحية والبدنية، كما يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم - بإسناده عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ مرفوعا: "تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم"
بالقطع لا يوجد نص فى الإسلام يعمل على خلو النسل من المرض والموجود هو الإجراءات الاحتياطية لمنع انتشار الأمراض وليس من بينها الفحص الطبى قبل الزواج وما استشهد به الرجل لا يدل على المرض الجسدى فرواية فإن العرق دساس حسب حكايتها تعنى الأمراض النفسية أى الخصال أى الصفات السيئة أو الحسنة والمراد الصفات السيئة والرواية مرفوضة من كل أهل الحديث وكذلك الرواية الثانية فالله لم يقيد الزواج سوى بكون الزوج والزوجة طيب وطيبة أى مسلم ومسلمة فقال " الطيبون للطيبات والطيبات للطيبين"
ثم تعرض لضوابط الفحص فقال :
"المطلب الثاني: النظرة الإسلامية للفحص الطبي والضوابط الأخلاقية:
وقد أمرنا الله تعالى بالأخذ بالأسباب التي نستطيع من خلالها معالجة أي خلل يصيب العقل أو النفس أو الجسم كل ذلك لأن دين الإسلام يرعى مصالح البشر ، ولذلك يحوط الحياة البشرية بسياج من الأحكام التي تقي البشر الوصول إلى المهالك سواء كانت معلومة أم لم تكن معلومة فهو يدعو ـ دائما ـ إلى الوقاية من كل ما يؤدي إلى الأمراض الوراثية وغير الوراثية ، فيأمرنا بعزل المريض ، فقد جاء في حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " فر من المجذوم فرارك من الأسد " وعليه فإن الفحص الطبي قبل الزواج ضمانة أكيدة لصحة الأفراد لا سيما في العائلات أو الأسر التي تحمل أمراضا وراثية وما أكثر الأمراض في هذا العصر إذ منها ما يكون مخيفا ويخشى على الزوجين منه ولا يرجى منه الشفاء كالإيدز والسرطان، ومنها ما يرجى الشفاء منه بعد المعالجة وللخاطبين الخيار في القبول أو الرفض بالزواج ، ومنها ما يؤدي إلى إحداث عاهة قطعية مثل الإعاقات ، وهذه تؤدي إلى الإضرار بالمجتمع ، وبعضها من حق الطرف الآخر أن يطلع عليها وهو حر في إتخاذ القرار كالعنة والضعف الجنسي، وعليه فإنه يجوز إجراء الفحص الطبي بين الخاطبين والتأكد بالفحوصات السريرية والشعاعية والمخبرية خلو الجسم من الأمراض الوراثية والسارية والمعدية التي تؤثر على النسل وتتركه نهبا للأمراض المزمنة والعاهات المستديمة،
هذا ، ولا بد من السرية التامة في كل الخطوات ، فلا تفشى نتيجة الفحص، ولا تسلم ولا يعلن عنها إلا لصاحبها كما أن من الأخلاقيات الطبية توضيح احتمالات الإصابة بالمرض في الأطفال ، من غير أن يرغم الزوجان أو يملى عليهما رأيا، ولا أن يمنع ذلك الزواج ، بل إذا قررا الزواج بعد ذلك فإن عليهما تحمل النتائج
هذا وقد وجه سؤال لمركز الفتوى بإشراف الطبيب عبد الله الفقيه ونصه:
" ما موقف الإسلام من الفحوصات الطبية قبل الزواج أو بعده إذا ظهرت بعض الأمراض؟ وإذا كانت نتيجة الفحص الطبي تثبت إصابة الأولاد بأمراض حسب رأي الطب فهل يجوز رفض هذا الزواج؟ أو الفراق بعده، أو منع الحمل ، وما هو الدليل من القرآن والسنة؟
فكان الجواب:
" ..ومما ينبغي أن يعلم أنه يجب على كل من الزوجين إخبار الآخر بما فيه من العيوب، والأمراض المنفرة كالجب والعنة والخصاء والرتق والقرن أو تمنع كمال المعاشرة كالجنون والبهاق والبرص والأمراض المعدية ، فإن كتم أحدهما ذلك كان غاشا مخادعا آثما ، وللطرف الآخر حق الفسخ ، إذا تم النكاح دون علمه بالعيب ، وجمهور العلماء على حصر العيوب الموجبة للفسخ على نوعين:ـ
الأول: العيوب التي تمنع الوطء
الثاني: العيوب المنفرة أو المعدية ، ويمثلون لها بالجذام والبرص والباسور والناسور والقروح السيالة في الفرج
فإن كان قد تم الفحص وأثبت الأطباء الموثوقون بعلمهم وأمانتهم أن النسل سيولد مريضا وراثيا بدرجة لا يستطيع العيش بها حياة عادية ، فحينئذ لا بأس بعدم الزواج، أو الفراق بعده إذا رغب الزوجان أو أحدهما في ذلك
وفي سؤال آخر لأحمد بن حمد الخليلي مفتي سلطنة عمان ونصه:
" ما الحكم الشرعي إذا تزوج المريض بمرض وراثي بآخر يحمل نفس المرض؟
فكان الجواب:
" إن وقع تزاوج بين زوجين يحملان نفس العلة فينظر في المصلحة هل تقتضي انفصالهما بحيث يستغني كل واحد منهما بغير صاحبه، فعسى أن يهيء الله للرجل المرأة التي لا تحمل شيئا من هذه الأمراض ، كما يهيء للمرأة الرجل الذي لا يحمل شيئا من هذه الأمراض، وأما إن كان في ذلك شيء من الضيق على عواطفهما فيمكنهما أن يعدلا إلى منع النسل إن كان متيقنا أن هذا النسل يكون مصابا بهذه العلة نفسها لوجود الذرية التي يتسلسل فيها هذا المرض وإن كان هنالك وقاية أخرى ففي ذلك خير ، وعلى كل يرفع أكبر الضررين بأصغرهما، وأثقلهما بأخفهما، فهذا هو الأصل في تطبيق المصالح الشرعية إذ يراعى فيها دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر "
فيظهر لنا من خلال كلام بعض علمائنا أن الفحص الطبي أمر مهم ومرغب فيه مع موافقة الزوجين ، إلا أنه لا يصل إلى درجة الوجوب إذ مخالفة الواجب يترتب عليه الإثم ولكن تزداد أهميته في حالة وجود مرض واضح في الأسرة أو في الزوجين ذلك لأن الفحص قبل الزواج يؤدي إلى الحفاظ على كيان الزوجية لأن هناك أمراضا معدية وأمراضا منفرة، وكل هذه الأمراض قد لا يعلمها الزوج ولا تعلمها الزوجة وقد يكون من الغرر، في حين لا بد أن تبقى العلاقة الزوجية سليمة أساسها ولحمتها المودة والرحمة
وخلاصة القول في هذا الموضوع:
إن الفحص الطبي قبل الزواج ليس شرطا لصحة الزواج إذ الزواج عبادة من العبادات لا يجوز الزيادة فيها بدون دليل شرعي، ولكنه من المباحات التي يحسن أن يتفق عليها الزوجان ، لأهمية صيانة حقوق الزوجين، وأكبر دليل على ذلك ظروف الحياة اليوم والحوادث الحاصلة في الواقع وما أفرزته من مشكلات صحية واجتماعية ربما تجعل اتفاق الزوجين على الكشف قبل الزواج ضرورة لمصلحتهما معا، كما أن له فوائد منها توفير الحماية للزوجين ولذريتهما من الأمراض، ومراعاة متطلبات المجتمع السوي صحيا وذهنيا، وهذه الأمور من المقاصد العامة في الإسلام فالفحص الطبي لمثل هذه الأمراض إن كان أحد الخطيبين يخشى أن يكون الطرف الآخر متلبسا بمرض معد أو وراثي لا بأس به، ولكنه لا يرقى إلى درجة الوجوب وإن تراضيا به بعد العقد فهو جائز
أما إذا ظهر قانون في الدولة يأمر بالفحص الطبي قبل الزواج فهو أمر جيد ، إلا أنه ينبغي أن يكون بتراضي الطرفين وألا يكون ملزما ، وأن يدعى إلى هذا من خلال وسائل الإعلام المختلفة ، وبث الوعي لدى الناس بأهميته وضرورته حتى يتقبله الناس على اختلاف طبقاتهم ومراتبهم، وتشترط فيه السرية والأمانة "
الفحص الطبى مطلوب بشكل عام لعلاج الأمراض ولكنه عصيان لله إذا كان قبل الزواج لغرض منع أمراض النسل فالله لم يطلبه ولم يجعله من شروط الزواج ومن شرع التشريع بوجوبه آثم أشرك نفسه مع الله وهو من جهة أخرى مشاركة لله فى علم الغيب الذى خص به نفسه من علمه بما فى المستقبل وكما سبق أن قال الحراصى ان النتائج والاحتمالات غير مضمونة ومن ثم فهو تخمين وتنبؤ
وتعرض الحراصى للمشاكل الناتجة من الفحص فقال :
"المطلب الثالث: الأبعاد النفسية والاجتماعية للفحص قبل الزواج ونتيجة ذلك:
تتفاوت نظرة الأفراد إلى مدى تقبل الفحص الطبي أو رفضه نظرا لآثاره النفسية والاجتماعية سواء كان قبل إجراء الفحص أو بعده أو أثناء القيام به ، فالحالة النفسية للأفراد تنتابها حالات الخوف والتوجس والقلق والتوتر ، فالخطيبان ـ مثلا ـ يعيشان مرحلة حادة حتى تظهر النتيجة، وهي إما أن تكون سلبية أو إيجابية وفي الحالتين يختلف تقبل الأفراد لهذه النتيجة ، فقد يقررا عدم الاستمرار، وقد يتساءل أحدهما هل سيقبلني الطرف الآخر؟ وإذا انتشر الخبر في المجتمع وتم الانفصال فما نظرة المجتمع وما تأثير ذلك على الأسرة والعائلة؟!
وفي العادة نرى أنه لا توجد رغبة عند المقبلين على الزواج في إجراء الفحص الطبي خوفا من ظهور أي مرض أو عاهة قد تكتشف وتؤثر على عملية الزواج ، فقد تؤدي إلى إلغاء مشروع الزواج إذا لم يجد دعم الأهل أو عاملي الصحة المهنيين بالإضافة إلى أن هذا الخلل المكتشف يصبح عارا بالنسبة للشخص ، كما لو كان عقيما أو مصابا بأي مرض مزمن أو معد وقد ينتقل إلى الزوجة والأطفال أو يحمل جينات وراثية لمرض معين ، وفي بعض الأحيان قد يعطي الفحص نتيجة إيجابية خاطئة تؤثر نفسيا واجتماعيا على الفرد مع أنه بريء منها ، والبعض لا يجرون الفحص الطبي نتيجة لاقتناعهم الديني بأنها إرادة الله ومشيئته أن يحدث ما يحدث بعد الزواج حتى لو أجريت جميع الفحوصات ، وبعضهم الآخر يقول إنه يحق للفرد أن يتزوج بغض النظر إذا كان يحمل خللا أم لا
وبالإشارة إلى جميع ما ذكر نرى أن الأفراد يتجنبون الإقبال على هذا الفحص وكنتيجة حتمية تحدث تأثيرات صحية واجتماعية واقتصادية على كل من الفرد والأسرة والمجتمع عند اكتشاف خلل ما ، حيث إن مؤسسة الزواج ليست مسؤولية فردين أو أسرتين بل هي مسؤولية مجتمع بكامله وتتحمل الدولة جزءا كبيرا من هذه المسؤولية نحو الأسرة
وأهم نتيجة لعدم الإقبال على الفحص الطبي قبل الزواج هو ازدياد عدد المعوقين مما يشكل عبئا جديدا على المجتمع وخاصة إذا علمنا أن المؤسسات التي ترعى المعوقين ترعى فقط 3% من النسبة العامة ومن المسجلين ، والبقية إما غير مسجلين أي في منازلهم أو مشردين يسببون مشاكل اجتماعية "
الرجل هنا أعلن وجود كم هائل من المشاكل منها القلق النفسى والخوف من عدم الزواج لو عرف مرض الفرد أو المرأة بمرض ما ومع هذا يطالب بإجراء من السلطة لمنع ولادة المعوقين وهو كلام يدل على الخبل لأنه يريد منه إرادة الله من الحدوث مع انه سبق أن قال أن نتائج الفحص فير مضمونة بنسب كبيرة
وفى القسم الثالث استعرض علاقة ما يسمى بالهندسة الوراثية بالفحص الطبى فقال:
"المبحث الثالث دور الاستشارة والهندسة الوراثية في الفحص الطبي قبل الزواج:
لا شك أن الهندسة الوراثية علم له أصوله وقواعده وأهدافه، إذ يبحث قضايا دقيقة تتعلق بأسرار هذا الكون مما يؤكد لنا عظمة خالقنا سبحانه وتعالى وقدرته ، إلا أن هناك بعض التجاوزات العلمية في تطبيقات الهندسة أدت إلى حدوث ضجة عالمية، فاعتبر ذلك تجاوزا للمشروعية وعبثا بالحياة الإنسانية فالهندسة الوراثية لها فوائد إيجابية كثيرة ، بحيث توجد إمكانيات جديدة للتطبيق في مجال العلاج الجيني للأمراض الوراثية ، فيصبح من الممكن استبدال جين عاطل أو مفقود بآخر سليم بواسطة ما
فقد ثبت علميا أن هناك خمسة آلاف مرض من الممكن أن تعالج عن طريق الهندسة الوراثية وذلك بتغيير ترتيب الأحماض الأمينية (DNA) في النواة، فتقنيات الهندسة الوراثية تكون مهمة في العلاج وإزالة العيوب وتحسين النسل الإنساني، كما هو الحال في النبات، حيث استطاع العلماء تحسين بعض النباتات لتقاوم الحر الشديد أو الجدب وقلة الماء إلخ ، وعليه إذا تسنى لهم الاستمرار في هذه التجارب لوقاية النسل الإنساني من مخاطر التعرض للأمراض المبيدة والمهالك فلا مانع
وبالجملة فإن تصرفات الإنسان في جسده محدودة بالحدود التي نص عليها الشارع، كذلك الأمر في التصرف في أجساد الآخرين ، بيد أن تلك الأهداف المشروعة يجب التمييز فيها بين حالتين:ـ
الأولى:ـ الإختبار الفردي المحض ، حيث يكون الهدف من ذلك الإطلاع على قوانين الله في الخلق وتوسيع آفاق العلم والمعرفة من غير المساس بنظام الحياة وسنة الله في خلقه
الثانية:ـ أما تعميم ذلك على النسل البشري بحيث تكون هناك خطط وتدابير منظمة لتكثير وتنسيل البشر من غير الطريق الفطري والغريزي الذي هو اللقاء الجنسي ، فهذا يؤدي إلى هدم الأسرة ونسف الحياة الزوجية وإلغاء ما أراد الله تعالى من الروابط الأسرية المتينة ، التي عليها تقوم القيم الأخلاقية
فدور الهندسة الوراثية واضح في تشخيص الأمراض الوراثية ومعرفة جيناتها ثم معالجتها عن طريق تحليل الأحماض الأمينية (DNA) وتهجينها لإيجاد علاج مناسب للأمراض المستعصية ، ولا أدل على ذلك من أن الأبحاث لا تزال مستمرة ـ مثلا ـ لإيجاد لقاحات ضد أمراض عدة كالأنفلونزا والجذام والكوليرا والتيفوئيد والملاريا إلخ ، وقد نجحت بعض الشركات في إيجاد كثير من اللقاحات لعلاج بعض الأمراض
فخريطة الجينات البشرية "الجينوم البشري" يجب أن يستخدم في مصلحة البشر التي يقررها أولو الألباب كعلاج الأمراض الوراثية عن طريق الجينات المؤثرة وفقا للضرر عند الإنسان، ووفقا للقاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام"
الكلام هنا كلام عام لا يدل على دراسة الرجل للهندسة المزعومة التى هى سبب مباشر فى كثير من مشاكل الطعام التى نعانيها الآن مثل عدم جودة الطعام من حيث الطعم ووجود ممرضات فيه فهى حلت مشكلات الحجم والكم على حساب الطعم والفائدة الغذائية وهى سبب مباشر لانتشار الأمراض كالسرطان
الهندسة قد تعالج مشكلة ولكنها تنتج مشاكل لا تظهر حاليا فى العلاج وغيره ومن ثم الإسراع لحلولها هو بمثابة المستجير بالرمضاء من النار
وفى نهاية البحث قال :
"الخاتمة:
بعد أن نظرنا في موضوع تأملات حول الفحص الطبي قبل الزواج نستطيع إجمال ما جاء فيه في النقاط التالية:
- الفحص الطبي قبل الزواج مهم ، وله فوائد كثيرة إلا أنه لا يصل إلى درجة الوجوب
- اهتمت الشريعة الإسلامية بسلامة النسل وخلوه من الأمراض ، فوضعت القواعد لحماية الأسرة
- الفحص الطبي يتطلب الأمانة والتقوى وعدم التغرير بالطرف الآخر ، ولا بد فيه من السرية
- يساعد الفحص الطبي على المحافظة على صحة النسل والذرية لا سيما بعد انتشار الأمراض الوراثية والمعدية
- الفحص الطبي ليس شرطا لصحة الزواج إذ الزواج عبادة من العبادات فلا يجوز الزيادة فيها، إلا أنه من المباحات التي يحسن أن يتفق عليها الزوجان
- الأبعاد النفسية والاجتماعية للفحص قبل الزواج يمكن التغلب عليها بدعم الأهل والعائلة وعاملي الصحة المهنيين "
وقبل إنهاء الكلام أقول :
الفحص الطبى يحدث مشكلات أكبر مما يظن من يريدون تحبيبه للناس أهمها :
-يحرم ما أباح الله من زواج الأقارب وغيرهم
- جعل العلوم المزعومة تحل محل الله فى العلم بالغيب وحده
-يجعل فرص المرضى فى الزواج قليلة أو نادرة وهو ما يدخلنا فى متاهة زيادة أمراض المرضى بزيادة الأمراض النفسية ولجوء المرضى للزنى بشتى أنواعه
- أن الناظر للأمر لم يفكر فى أن يكون المسلمون أقلية فى مكان ما وبالتالى ستكون القرابة بينهم كبيرة فإن حرمنا زواجهم هؤلاء الأقارب فلن يجد القوم سوى زوجات كافرات أو يلجئون للزنى
-أن الفحص قبل الزواج هو بمثابة تحدى لقول الله تعالى " ونبلوكم بالشر والخير فتنة" وهو أمر يقع سواء رضا الفاحصون ام لم يرضوا
-أن الفحص يضاد كون الزواج رفض وقبول وزد على هذا الحب بين الرجل والمرأة
-أن الفحص فى حالة زواج المصابين يجعل الزوجين يمنعان الإنجاب وهو أمر محرم كما ان تلك العلوم نتائجها ليست صحيحة بنسب كبيرة
مؤلف الكتاب هو سلطان بن محمد بن زهران الحراصي من أهل عصرنا وقد تحدث عن موضوع الكتاب فقال :
" انتشر موضوع الفحص الطبي قبل الزواج بين الناس، فمنهم من أيده ومنهم من لم يحبذه، ولكل وجهة نظر يستند إليها ويدافع عنها، ولكن ما هو موقف الشرع الشريف من هذه القضية، وما أبعادها طبيا وفقهيا هذا ما سنتحدث عنه في هذا الكتيب مع بيان بعض النقاط المهمة المتعلقة بهذا الموضوع المهم "
قسم الكاتب الكتاب لثلاثة مباحث تناول فى الأول معنى الفحص الطبى قبل الزواج فقال :
"المبحث الأول الفحص الطبي قبل الزواج
المطلب الأول : معنى الفحص الطبي قبل الزواج وفوائده:
الفحص الطبي قبل الزواج هو فحص يجريه الخطيبان يهدف إلى بناء وتكوين أسرة سليمة، ويقلل بقدر الإمكان من إمكانية أن يحمل أحد أفرادها مورثات لأمراض وراثية أو معدية، وهو يشمل فحوصات طبية عديدة قد يكون الشخص سليما ومعافى وهو يحمل مورثات لأمراض لا يعلم عنها ولا تظهر إلا عندما يلتقي عاملان وراثيان مريضان في الطفل وقد عرف الطبيب يوسف بلتو الفحص الطبي قبل الزواج بأنه "تقديم استشارات طبية إجبارية أو اختيارية للخاطبين المقبلين على الزواج تستند إلى فحوصات مخبرية أو سريرية تجرى لهم قبل عقد القران"
ومثل هذا الفحص لا يحكمه بعد قانون محدد ملزم أو حتى تقليد طبي عريق وواضح، لهذا تتباين الآراء حول عدة جوانب أساسية فيه كوجوبيته وماهيته ومداه، فهل يجوز ابتداء فحص المقبلين على الزواج طبيا كشرط سابق للزواج من النواحي الشرعية والعرفية والأخلاقية؟ وهل هناك حاجة صحية واجتماعية لإجراء مثل هذا الفحص، بما يمثله من تعقيدات وعوائق محتملة أمام الزواج؟ إلخ هذه الأسئلة وغيرها لابد أن تخطر بالبال وتحتاج لمناقشة علمية صريحة تعزز الوعي العام بهذا الفحص باعتباره ممارسة صحية وقائية وتشخيصية وليس ابتداعا يستدعي التهيب والوجس والتشكيك وإنما هو مطبق في عدد من دول العالم "
الفحص الطبى قبل الزواج تم تعريفه هنا حسب مراد البلد الذى يعيش فيه الخطيبان فهو إما إجبارى بقانون الدولة وإما اختيارى ثم تعرض الكاتب لما سماه فوائد الفحص فقال:
" والخلاصة أن أهمية الفحص الطبي قبل الزواج تكمن فوائده في الآتي:
يجنب الزوجين إنجاب أطفال غير مؤهلين للحياة بشكل طبيعي، بل إنجاب أطفال أصحاء سليمين عقليا وجسديا وعدم انتقال الأمراض الوراثية التي تظهر على كلا أو أحد الخاطبين إلى الأطفال
الحيلولة دون حصول زواج لمن هو مصاب بمرض وراثي، وبالتالي ضمان عدم تضرر صحة أي من الخاطبين نتيجة معاشرة الآخر جنسيا وعدم انتقال الأمراض الجنسية والمعدية وغيرها من الوبائيات، وعدم تضرر صحة المرأة أثناء الحمل وبعد الولادة"
ومع كلامه هذا عن الفوائد قال انه لا يمكن للفحص ضمان خلو المجتمع من ولادة أفراد مرضى بقوله:
"وبالجملة فإن الفحص الطبي قبل الزواج قد لا يضمن تماما خلو المجتمع مستقبلا من العيوب والأمراض غير المرغوبة حتى بعد تحوله إلى إجراء روتيني بعد فترة من التطبيق، وقد لا يضمن بصورة تامة صحة وسلامة الزيجات وابنائها مع ظهور نتائج إيجابية مبشرة إلا أنه سيكون ذا نتيجة إيجابية، وفي بعض الحالات قد يرشد إلى اتخاذ احتياطات وقائية أو علاجية لتجنب الآثار المنهكة اقتصاديا ونفسيا وصحيا واجتماعيا التي لم يكن الخاطبان على دراية بها"
وتعرض الحراصى لمعنى المرض الوراثى فقال :
"المطلب الثاني : معنى المرض الوراثي وأنواعه
المرض الوراثي ليس هو كالمرض المعدي يمكن تجنبه بالابتعاد عن مصادره، ولكن مرض ينتقل عبر الجينات والكروموسومات أي مرض متوارث بالتزاوج عبر الأجيال في العائلة الواحدة هذا، وقد بين الطبيب محمد علي البار بأن الأمراض الوراثية عددها كبير جدا، حيث توجد قوائم بالأمراض الوراثية، وفي كل شخص يوجد عدد كبير من الأمراض الوراثية وبحثها يكلف آلاف الملايين، وإنما يفحص الخطير والشهير منها، ومع ذلك لا يعطى الشخص ضمانا بأن نسله لن يصاب بأي مرض وراثي فهذا مستحيل،والسبب في ذلك أن الأمراض الوراثية يكتشف كل يوم مزيد منها، وهناك آلاف من الأمراض الوراثية أي أكثر من ثلاثة آلاف مرض موجودة ومعروفة، وتكلفة علاجها باهظة جدا وذلك بخلاف الأمراض المعدية ففحص معظمها سهل فالطبيب يفحص بالأشعة العادية فيعرف إن كان لدى المريض "سل" أم لا، وبالفحص العادي يجري تحليلا بسيطا للدم فيكتشف مرض الزهري أو غيره مثلا، وبتكلفة معقولة تتحملها الدولة أو الفرد تجرى المعالجة "
بالقطع لا يوجد شىء اسمه المرض الوراثى فالموجود كما قال تعالى "وإذا مرضت فهو يشفين"
فالمرض طبقا للجملة هو شىء طارىء "إذا مرضت"وليس شىء موجود فى الإنسان من قبل ولادته وما يصيب الجنين فى بطن أمه سببه بيئة الرحم والتى تستمد ما فيها من خارج الجسد عن طريق الحبل السرى حيث يتحول الغذاء الخارجى وغيره من الأدوية وغيرها إلى سوائل تغذى الجنين
لو كان هناك أمراض وراثية فى الزوجين لوجب انتقالها لكل الأبناء لاتحاد الأبوين ولكن هذا غير حادث وما يحدث فى الواقع هو أن الأمراض التى تسمى الوراثية تصيب الأقارب وغير الأقارب نتيجة لعوامل مختلفة أهمها العادات الغذائية والبيتية التى يقلد فيها الأبناء الآباء والأمهات
وتعرض المؤلف لكيفية انتقال الأمراض الوراثية واحتمالات الإصابة فقال:
"المطلب الثالث: كيفية انتقال الأمراض الوراثية واحتمالات الإصابة
الأمراض الوراثية إما أن تكون بصفة سائدة أو أن تكون بصفة متنحية أو عن طريق الكروموزوم (X) عن طريق المرأة التي تحمل في كروموسوماتها هذا الجين، وهي تصاب بالمرض لأنها إذا كان لديها (x2) فيأتي طفلها مصابا بمرض الهيموفيليا ويصاب بهذا المرض المولود الذكر، أما المولودة الأنثى فلا تصاب به أي أنها تصاب بالمرض إذا كانت تحمل صفة المرض على كلا الكر موسومين الخاصين بالأنوثة( (xx
أما اذا كانت تحمل صفة المرض على أحد كرموسومي الأنوثة (x) فإنها لا تكون مريضة بهذا المرض، ولكن بإمكانها نقله لأبنائها الذكور، ومثال على ذلك مرض الهيموفيليا فمرض الهيموفيليا كأي مرض له درجات، فالكروموزم (x) تحمله المرأة وأن أبناءها سيحملون المرض الوراثي، ولكن هناك حالات معروفة من الهيموفيليا لدى أطفال لديهم نقص في (العامل ولكن النقص ليس شديدا بحيث يسبب له نزفا شديدا، كما أن معظم حالات الهيموفيليا ليست كلها من الأم، فهناك الطفرة الوراثية لا تحملها الأم ولا الأب، وهذه الطفرات الوراثية تحصل أثناء التلقيح أو ما قبل التلقيح، وحتى لو حصل فلا نستطيع القول أن كل أبناء هذه المرأة سيصابون بنفس الدرجة فهناك المجال واسع بحيث يكون فيه أحد الأطفال مصابا إصابة بسيطة والآخر يكون مصابا إصابة كبيرة فلا بد أن تدرس الأسرة هذا الموضوع فإما ألا يتزوجا أو ألا ينجبا إذا أرادا ذلك، أو يتجها إلى العلاج، أما إذا ثبت أن الجنين وهو في بطن أمه مصاب بالمرض الوراثي فقد حكم مجمع الفقه الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي بأنه إذا ثبت ذلك وأن المرض خطير وقبل مائة وعشرين يوما من الحمل وإذا قررت لجنة طبية مكونة من ثلاثة من الأطباء الاختصاصيين ففي هذه الحالة يسوغ الإجهاض
فالعوامل الوراثية في معظمها إما سائدة أو متنحية، فالعامل الوراثي السائد له القدرة على الظهور والتعبير عن نفسه والعامل الوراثي المتنحي ليس له القدرة على الظهور والتعبير عن نفسه إلا إذا اجتمع مع عامل وراثي متنح مماثل تماما حينئذ تظهر الصفة الوراثية التي يحملانها معا، فإذا افترضنا وجود مرض وراثي في أحد الوالدين ينقله عامل وراثي سائد فإنه يعبر عن نفسه في نسبة معينة من الأبناء ولا يظهر في الآخرين، أما في حالة العوامل الوراثية المتنحية فلا بد أن تكون موجودة في كل من الأب والأم معا، ليظهر المرض في نسبة معينة من الأبناء ولا يظهر في الآخرين، يظهر فيمن يجتمع لديهم عاملان وراثيان متنحيان ولا يظهر فيمن ينتقل إليه عامل وراثي متنح واحد وليست العوامل الوراثية السائدة أو المتنحية تحمل صفات غير مرغوب فيها أو مرضا فحسب فقد تحمل صفات مرغوبا فيها أيضا
هذا، ونستطيع معرفة انتقال تلك الأمراض من خلال هذه الإحتمالات الخمسة التي تمثل خمس أسر على النحو التالي:
- الأسرة الأولى:الوالدان صحيحان = أطفال أصحاء
- الأسرة الثانية:أحد الوالدين صحيح والآخر حامل للمرض يعطينا 50% أصحاء + 50% حاملين للمرض
- الأسرة الثالثة:كلا الوالدين حامل للمرض الوراثي يعطينا 25% أصحاء + 25% مرضى + 50% حاملين للمرض
- الأسرة الرابعة:أحد الوالدين مريض والآخر صحيح يعطينا أطفال حاملين للمرض
- الأسرة الخامسة:أحد الوالدين مريض والآخر حامل للمرض الوراثي يعطينا 50% من الأطفال حاملين للمرض + 50% مرضى "
بالقطع كما قلنا لا وجود للوراثة دور فى الأمراض فالعملية كلها كما نقل المؤلف عملية احتمالات قد تصدق او تكذب
وما يسمى بعلم الوراثة بحالته الحالية يضاد شرع الله حيث يحرم ما أحل الله من زواج الأقارب ومن زواج المرضى فهل الله الخالق لا يعلم أن زواج الأقارب وزواج المرضى يصيب الأولاد المستقبليين بالأمراض؟
قطعا هو يعلم كل شىء وما أباحه أباحه لحكمة وكما قال الحراصى فى اكثر من موضع لا يمكن خلو المجتمع من المرضى بعمل الفحص الطبى والحكمة من وجود الأطفال المرضى أو المعاقين هو الفتنة أى اختبار الناس أيصبرون على هذا ام لا وفى هذا قال تعالى" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
وفى القسم الثانى عالج مسألة الفحص من خلال الشرع كما زعم فقال :
"المبحث الثاني النظرة الإسلامية للفحص الطبي قبل الزواج:
المطلب الأول : اهتمام الشريعة الإسلامية بسلامة النسل
لقد امتن الله تبارك وتعالى على عباده بالزواج ، فجعله سنة من سننه في الكون واختص بها الإنسان عن سائر المخلوقات
والزواج هو الإرتباط والإقتران وهو الإطار الشرعي والمتنفس الفطري الذي يتحقق فيه اللقاء بين الذكر والأنثى ، قال سبحانه وتعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "
ومن المعلوم أن الزواج الشرعي يحفظ للإنسان كرامته ويحافظ على بقاء النوع البشري ، إذ يقول عز وجل: "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة "
هذا وقد اهتمت الشريعة الإسلامية بسلامة النسل وخلوه من الأمراض، فوضعت القواعد والأصول لحماية الأسرة، ولم يقتصر اهتمام الإسلام بالأسرة بعد التكوين بل تعداه إلى قبل التكوين من خلال اختيار الزوج الصالح، والصلاح كلمة عامة تشمل الخلق والدين كما تشمل الصحة البدنية والحالة الإجتماعية والعقلية إلخ، فالنبي (ص) يقول: "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس" ، والاختيار هنا عام يشمل النواحي الدينية والخلقية والاجتماعية والصحية والبدنية، كما يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم - بإسناده عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ مرفوعا: "تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم"
بالقطع لا يوجد نص فى الإسلام يعمل على خلو النسل من المرض والموجود هو الإجراءات الاحتياطية لمنع انتشار الأمراض وليس من بينها الفحص الطبى قبل الزواج وما استشهد به الرجل لا يدل على المرض الجسدى فرواية فإن العرق دساس حسب حكايتها تعنى الأمراض النفسية أى الخصال أى الصفات السيئة أو الحسنة والمراد الصفات السيئة والرواية مرفوضة من كل أهل الحديث وكذلك الرواية الثانية فالله لم يقيد الزواج سوى بكون الزوج والزوجة طيب وطيبة أى مسلم ومسلمة فقال " الطيبون للطيبات والطيبات للطيبين"
ثم تعرض لضوابط الفحص فقال :
"المطلب الثاني: النظرة الإسلامية للفحص الطبي والضوابط الأخلاقية:
وقد أمرنا الله تعالى بالأخذ بالأسباب التي نستطيع من خلالها معالجة أي خلل يصيب العقل أو النفس أو الجسم كل ذلك لأن دين الإسلام يرعى مصالح البشر ، ولذلك يحوط الحياة البشرية بسياج من الأحكام التي تقي البشر الوصول إلى المهالك سواء كانت معلومة أم لم تكن معلومة فهو يدعو ـ دائما ـ إلى الوقاية من كل ما يؤدي إلى الأمراض الوراثية وغير الوراثية ، فيأمرنا بعزل المريض ، فقد جاء في حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " فر من المجذوم فرارك من الأسد " وعليه فإن الفحص الطبي قبل الزواج ضمانة أكيدة لصحة الأفراد لا سيما في العائلات أو الأسر التي تحمل أمراضا وراثية وما أكثر الأمراض في هذا العصر إذ منها ما يكون مخيفا ويخشى على الزوجين منه ولا يرجى منه الشفاء كالإيدز والسرطان، ومنها ما يرجى الشفاء منه بعد المعالجة وللخاطبين الخيار في القبول أو الرفض بالزواج ، ومنها ما يؤدي إلى إحداث عاهة قطعية مثل الإعاقات ، وهذه تؤدي إلى الإضرار بالمجتمع ، وبعضها من حق الطرف الآخر أن يطلع عليها وهو حر في إتخاذ القرار كالعنة والضعف الجنسي، وعليه فإنه يجوز إجراء الفحص الطبي بين الخاطبين والتأكد بالفحوصات السريرية والشعاعية والمخبرية خلو الجسم من الأمراض الوراثية والسارية والمعدية التي تؤثر على النسل وتتركه نهبا للأمراض المزمنة والعاهات المستديمة،
هذا ، ولا بد من السرية التامة في كل الخطوات ، فلا تفشى نتيجة الفحص، ولا تسلم ولا يعلن عنها إلا لصاحبها كما أن من الأخلاقيات الطبية توضيح احتمالات الإصابة بالمرض في الأطفال ، من غير أن يرغم الزوجان أو يملى عليهما رأيا، ولا أن يمنع ذلك الزواج ، بل إذا قررا الزواج بعد ذلك فإن عليهما تحمل النتائج
هذا وقد وجه سؤال لمركز الفتوى بإشراف الطبيب عبد الله الفقيه ونصه:
" ما موقف الإسلام من الفحوصات الطبية قبل الزواج أو بعده إذا ظهرت بعض الأمراض؟ وإذا كانت نتيجة الفحص الطبي تثبت إصابة الأولاد بأمراض حسب رأي الطب فهل يجوز رفض هذا الزواج؟ أو الفراق بعده، أو منع الحمل ، وما هو الدليل من القرآن والسنة؟
فكان الجواب:
" ..ومما ينبغي أن يعلم أنه يجب على كل من الزوجين إخبار الآخر بما فيه من العيوب، والأمراض المنفرة كالجب والعنة والخصاء والرتق والقرن أو تمنع كمال المعاشرة كالجنون والبهاق والبرص والأمراض المعدية ، فإن كتم أحدهما ذلك كان غاشا مخادعا آثما ، وللطرف الآخر حق الفسخ ، إذا تم النكاح دون علمه بالعيب ، وجمهور العلماء على حصر العيوب الموجبة للفسخ على نوعين:ـ
الأول: العيوب التي تمنع الوطء
الثاني: العيوب المنفرة أو المعدية ، ويمثلون لها بالجذام والبرص والباسور والناسور والقروح السيالة في الفرج
فإن كان قد تم الفحص وأثبت الأطباء الموثوقون بعلمهم وأمانتهم أن النسل سيولد مريضا وراثيا بدرجة لا يستطيع العيش بها حياة عادية ، فحينئذ لا بأس بعدم الزواج، أو الفراق بعده إذا رغب الزوجان أو أحدهما في ذلك
وفي سؤال آخر لأحمد بن حمد الخليلي مفتي سلطنة عمان ونصه:
" ما الحكم الشرعي إذا تزوج المريض بمرض وراثي بآخر يحمل نفس المرض؟
فكان الجواب:
" إن وقع تزاوج بين زوجين يحملان نفس العلة فينظر في المصلحة هل تقتضي انفصالهما بحيث يستغني كل واحد منهما بغير صاحبه، فعسى أن يهيء الله للرجل المرأة التي لا تحمل شيئا من هذه الأمراض ، كما يهيء للمرأة الرجل الذي لا يحمل شيئا من هذه الأمراض، وأما إن كان في ذلك شيء من الضيق على عواطفهما فيمكنهما أن يعدلا إلى منع النسل إن كان متيقنا أن هذا النسل يكون مصابا بهذه العلة نفسها لوجود الذرية التي يتسلسل فيها هذا المرض وإن كان هنالك وقاية أخرى ففي ذلك خير ، وعلى كل يرفع أكبر الضررين بأصغرهما، وأثقلهما بأخفهما، فهذا هو الأصل في تطبيق المصالح الشرعية إذ يراعى فيها دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر "
فيظهر لنا من خلال كلام بعض علمائنا أن الفحص الطبي أمر مهم ومرغب فيه مع موافقة الزوجين ، إلا أنه لا يصل إلى درجة الوجوب إذ مخالفة الواجب يترتب عليه الإثم ولكن تزداد أهميته في حالة وجود مرض واضح في الأسرة أو في الزوجين ذلك لأن الفحص قبل الزواج يؤدي إلى الحفاظ على كيان الزوجية لأن هناك أمراضا معدية وأمراضا منفرة، وكل هذه الأمراض قد لا يعلمها الزوج ولا تعلمها الزوجة وقد يكون من الغرر، في حين لا بد أن تبقى العلاقة الزوجية سليمة أساسها ولحمتها المودة والرحمة
وخلاصة القول في هذا الموضوع:
إن الفحص الطبي قبل الزواج ليس شرطا لصحة الزواج إذ الزواج عبادة من العبادات لا يجوز الزيادة فيها بدون دليل شرعي، ولكنه من المباحات التي يحسن أن يتفق عليها الزوجان ، لأهمية صيانة حقوق الزوجين، وأكبر دليل على ذلك ظروف الحياة اليوم والحوادث الحاصلة في الواقع وما أفرزته من مشكلات صحية واجتماعية ربما تجعل اتفاق الزوجين على الكشف قبل الزواج ضرورة لمصلحتهما معا، كما أن له فوائد منها توفير الحماية للزوجين ولذريتهما من الأمراض، ومراعاة متطلبات المجتمع السوي صحيا وذهنيا، وهذه الأمور من المقاصد العامة في الإسلام فالفحص الطبي لمثل هذه الأمراض إن كان أحد الخطيبين يخشى أن يكون الطرف الآخر متلبسا بمرض معد أو وراثي لا بأس به، ولكنه لا يرقى إلى درجة الوجوب وإن تراضيا به بعد العقد فهو جائز
أما إذا ظهر قانون في الدولة يأمر بالفحص الطبي قبل الزواج فهو أمر جيد ، إلا أنه ينبغي أن يكون بتراضي الطرفين وألا يكون ملزما ، وأن يدعى إلى هذا من خلال وسائل الإعلام المختلفة ، وبث الوعي لدى الناس بأهميته وضرورته حتى يتقبله الناس على اختلاف طبقاتهم ومراتبهم، وتشترط فيه السرية والأمانة "
الفحص الطبى مطلوب بشكل عام لعلاج الأمراض ولكنه عصيان لله إذا كان قبل الزواج لغرض منع أمراض النسل فالله لم يطلبه ولم يجعله من شروط الزواج ومن شرع التشريع بوجوبه آثم أشرك نفسه مع الله وهو من جهة أخرى مشاركة لله فى علم الغيب الذى خص به نفسه من علمه بما فى المستقبل وكما سبق أن قال الحراصى ان النتائج والاحتمالات غير مضمونة ومن ثم فهو تخمين وتنبؤ
وتعرض الحراصى للمشاكل الناتجة من الفحص فقال :
"المطلب الثالث: الأبعاد النفسية والاجتماعية للفحص قبل الزواج ونتيجة ذلك:
تتفاوت نظرة الأفراد إلى مدى تقبل الفحص الطبي أو رفضه نظرا لآثاره النفسية والاجتماعية سواء كان قبل إجراء الفحص أو بعده أو أثناء القيام به ، فالحالة النفسية للأفراد تنتابها حالات الخوف والتوجس والقلق والتوتر ، فالخطيبان ـ مثلا ـ يعيشان مرحلة حادة حتى تظهر النتيجة، وهي إما أن تكون سلبية أو إيجابية وفي الحالتين يختلف تقبل الأفراد لهذه النتيجة ، فقد يقررا عدم الاستمرار، وقد يتساءل أحدهما هل سيقبلني الطرف الآخر؟ وإذا انتشر الخبر في المجتمع وتم الانفصال فما نظرة المجتمع وما تأثير ذلك على الأسرة والعائلة؟!
وفي العادة نرى أنه لا توجد رغبة عند المقبلين على الزواج في إجراء الفحص الطبي خوفا من ظهور أي مرض أو عاهة قد تكتشف وتؤثر على عملية الزواج ، فقد تؤدي إلى إلغاء مشروع الزواج إذا لم يجد دعم الأهل أو عاملي الصحة المهنيين بالإضافة إلى أن هذا الخلل المكتشف يصبح عارا بالنسبة للشخص ، كما لو كان عقيما أو مصابا بأي مرض مزمن أو معد وقد ينتقل إلى الزوجة والأطفال أو يحمل جينات وراثية لمرض معين ، وفي بعض الأحيان قد يعطي الفحص نتيجة إيجابية خاطئة تؤثر نفسيا واجتماعيا على الفرد مع أنه بريء منها ، والبعض لا يجرون الفحص الطبي نتيجة لاقتناعهم الديني بأنها إرادة الله ومشيئته أن يحدث ما يحدث بعد الزواج حتى لو أجريت جميع الفحوصات ، وبعضهم الآخر يقول إنه يحق للفرد أن يتزوج بغض النظر إذا كان يحمل خللا أم لا
وبالإشارة إلى جميع ما ذكر نرى أن الأفراد يتجنبون الإقبال على هذا الفحص وكنتيجة حتمية تحدث تأثيرات صحية واجتماعية واقتصادية على كل من الفرد والأسرة والمجتمع عند اكتشاف خلل ما ، حيث إن مؤسسة الزواج ليست مسؤولية فردين أو أسرتين بل هي مسؤولية مجتمع بكامله وتتحمل الدولة جزءا كبيرا من هذه المسؤولية نحو الأسرة
وأهم نتيجة لعدم الإقبال على الفحص الطبي قبل الزواج هو ازدياد عدد المعوقين مما يشكل عبئا جديدا على المجتمع وخاصة إذا علمنا أن المؤسسات التي ترعى المعوقين ترعى فقط 3% من النسبة العامة ومن المسجلين ، والبقية إما غير مسجلين أي في منازلهم أو مشردين يسببون مشاكل اجتماعية "
الرجل هنا أعلن وجود كم هائل من المشاكل منها القلق النفسى والخوف من عدم الزواج لو عرف مرض الفرد أو المرأة بمرض ما ومع هذا يطالب بإجراء من السلطة لمنع ولادة المعوقين وهو كلام يدل على الخبل لأنه يريد منه إرادة الله من الحدوث مع انه سبق أن قال أن نتائج الفحص فير مضمونة بنسب كبيرة
وفى القسم الثالث استعرض علاقة ما يسمى بالهندسة الوراثية بالفحص الطبى فقال:
"المبحث الثالث دور الاستشارة والهندسة الوراثية في الفحص الطبي قبل الزواج:
لا شك أن الهندسة الوراثية علم له أصوله وقواعده وأهدافه، إذ يبحث قضايا دقيقة تتعلق بأسرار هذا الكون مما يؤكد لنا عظمة خالقنا سبحانه وتعالى وقدرته ، إلا أن هناك بعض التجاوزات العلمية في تطبيقات الهندسة أدت إلى حدوث ضجة عالمية، فاعتبر ذلك تجاوزا للمشروعية وعبثا بالحياة الإنسانية فالهندسة الوراثية لها فوائد إيجابية كثيرة ، بحيث توجد إمكانيات جديدة للتطبيق في مجال العلاج الجيني للأمراض الوراثية ، فيصبح من الممكن استبدال جين عاطل أو مفقود بآخر سليم بواسطة ما
فقد ثبت علميا أن هناك خمسة آلاف مرض من الممكن أن تعالج عن طريق الهندسة الوراثية وذلك بتغيير ترتيب الأحماض الأمينية (DNA) في النواة، فتقنيات الهندسة الوراثية تكون مهمة في العلاج وإزالة العيوب وتحسين النسل الإنساني، كما هو الحال في النبات، حيث استطاع العلماء تحسين بعض النباتات لتقاوم الحر الشديد أو الجدب وقلة الماء إلخ ، وعليه إذا تسنى لهم الاستمرار في هذه التجارب لوقاية النسل الإنساني من مخاطر التعرض للأمراض المبيدة والمهالك فلا مانع
وبالجملة فإن تصرفات الإنسان في جسده محدودة بالحدود التي نص عليها الشارع، كذلك الأمر في التصرف في أجساد الآخرين ، بيد أن تلك الأهداف المشروعة يجب التمييز فيها بين حالتين:ـ
الأولى:ـ الإختبار الفردي المحض ، حيث يكون الهدف من ذلك الإطلاع على قوانين الله في الخلق وتوسيع آفاق العلم والمعرفة من غير المساس بنظام الحياة وسنة الله في خلقه
الثانية:ـ أما تعميم ذلك على النسل البشري بحيث تكون هناك خطط وتدابير منظمة لتكثير وتنسيل البشر من غير الطريق الفطري والغريزي الذي هو اللقاء الجنسي ، فهذا يؤدي إلى هدم الأسرة ونسف الحياة الزوجية وإلغاء ما أراد الله تعالى من الروابط الأسرية المتينة ، التي عليها تقوم القيم الأخلاقية
فدور الهندسة الوراثية واضح في تشخيص الأمراض الوراثية ومعرفة جيناتها ثم معالجتها عن طريق تحليل الأحماض الأمينية (DNA) وتهجينها لإيجاد علاج مناسب للأمراض المستعصية ، ولا أدل على ذلك من أن الأبحاث لا تزال مستمرة ـ مثلا ـ لإيجاد لقاحات ضد أمراض عدة كالأنفلونزا والجذام والكوليرا والتيفوئيد والملاريا إلخ ، وقد نجحت بعض الشركات في إيجاد كثير من اللقاحات لعلاج بعض الأمراض
فخريطة الجينات البشرية "الجينوم البشري" يجب أن يستخدم في مصلحة البشر التي يقررها أولو الألباب كعلاج الأمراض الوراثية عن طريق الجينات المؤثرة وفقا للضرر عند الإنسان، ووفقا للقاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام"
الكلام هنا كلام عام لا يدل على دراسة الرجل للهندسة المزعومة التى هى سبب مباشر فى كثير من مشاكل الطعام التى نعانيها الآن مثل عدم جودة الطعام من حيث الطعم ووجود ممرضات فيه فهى حلت مشكلات الحجم والكم على حساب الطعم والفائدة الغذائية وهى سبب مباشر لانتشار الأمراض كالسرطان
الهندسة قد تعالج مشكلة ولكنها تنتج مشاكل لا تظهر حاليا فى العلاج وغيره ومن ثم الإسراع لحلولها هو بمثابة المستجير بالرمضاء من النار
وفى نهاية البحث قال :
"الخاتمة:
بعد أن نظرنا في موضوع تأملات حول الفحص الطبي قبل الزواج نستطيع إجمال ما جاء فيه في النقاط التالية:
- الفحص الطبي قبل الزواج مهم ، وله فوائد كثيرة إلا أنه لا يصل إلى درجة الوجوب
- اهتمت الشريعة الإسلامية بسلامة النسل وخلوه من الأمراض ، فوضعت القواعد لحماية الأسرة
- الفحص الطبي يتطلب الأمانة والتقوى وعدم التغرير بالطرف الآخر ، ولا بد فيه من السرية
- يساعد الفحص الطبي على المحافظة على صحة النسل والذرية لا سيما بعد انتشار الأمراض الوراثية والمعدية
- الفحص الطبي ليس شرطا لصحة الزواج إذ الزواج عبادة من العبادات فلا يجوز الزيادة فيها، إلا أنه من المباحات التي يحسن أن يتفق عليها الزوجان
- الأبعاد النفسية والاجتماعية للفحص قبل الزواج يمكن التغلب عليها بدعم الأهل والعائلة وعاملي الصحة المهنيين "
وقبل إنهاء الكلام أقول :
الفحص الطبى يحدث مشكلات أكبر مما يظن من يريدون تحبيبه للناس أهمها :
-يحرم ما أباح الله من زواج الأقارب وغيرهم
- جعل العلوم المزعومة تحل محل الله فى العلم بالغيب وحده
-يجعل فرص المرضى فى الزواج قليلة أو نادرة وهو ما يدخلنا فى متاهة زيادة أمراض المرضى بزيادة الأمراض النفسية ولجوء المرضى للزنى بشتى أنواعه
- أن الناظر للأمر لم يفكر فى أن يكون المسلمون أقلية فى مكان ما وبالتالى ستكون القرابة بينهم كبيرة فإن حرمنا زواجهم هؤلاء الأقارب فلن يجد القوم سوى زوجات كافرات أو يلجئون للزنى
-أن الفحص قبل الزواج هو بمثابة تحدى لقول الله تعالى " ونبلوكم بالشر والخير فتنة" وهو أمر يقع سواء رضا الفاحصون ام لم يرضوا
-أن الفحص يضاد كون الزواج رفض وقبول وزد على هذا الحب بين الرجل والمرأة
-أن الفحص فى حالة زواج المصابين يجعل الزوجين يمنعان الإنجاب وهو أمر محرم كما ان تلك العلوم نتائجها ليست صحيحة بنسب كبيرة
مواضيع مماثلة
» نقد كتاب الفحص قبل الزواج
» نقد كتاب تأملات في مماثلة المؤمن للنخلة
» نقد كتاب الزواج المحرم أحكامه وأنواعه
» نقد كتاب تأثير العرف في تحديد معنى الكفاءة في الزواج
» قراءة فى كتاب الزيادات في كتاب الفتن والملاحم الطارقات
» نقد كتاب تأملات في مماثلة المؤمن للنخلة
» نقد كتاب الزواج المحرم أحكامه وأنواعه
» نقد كتاب تأثير العرف في تحديد معنى الكفاءة في الزواج
» قراءة فى كتاب الزيادات في كتاب الفتن والملاحم الطارقات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى