تفسير سورة ص 1
صفحة 1 من اصل 1
تفسير سورة ص 1
سورة ص
سميت السورة بهذا الاسم لذكر ص فى قوله "ص والقرآن ذى الذكر".
"بسم الله الرحمن الرحيم ص والقرآن ذى الذكر بل الذين كفروا فى عزة وشقاق"المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا محمد و الكتاب صاحب الحكم إن الذين كذبوا فى قوة وخلاف ،يخاطب الله ص وهو نبيه (ص) مقسما بالقرآن ذى الذكر والمراد الوحى صاحب الحكم العادل على أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن الذين كفروا فى عزة وشقاق والمراد أن الذين كذبوا بحكم الله فى قوة أى سلطان واختلاف فيما بينهم فى نفس الوقت والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص"المعنى كم دمرنا من قبلهم من جماعة فدعوا ولات وقت مفر ،يسأل الله كم أهلكنا أى قصمنا أى دمرنا من قبلهم من قرن أى أهل قرية مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وكم قصمنا من قرية" فنادوا والمراد فقالوا لات حين مناص أى مفر والمراد يا ليت لدينا وقت للهروب من العذاب والغرض من السؤال إخبارنا أن الأقوام الهالكة عددها كثير بسبب كفرهم .
"وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشىء عجاب وانطلق الملأ منهم أن آمنوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشىء يراد ما سمعنا بهذا فى الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاف أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم فى شك من ذكرى بل لم يذوقوا عذاب"المعنى واستغربوا أن أتاهم رسول منهم وقال الكاذبون هذا ماكر كافر أجعل الأرباب ربا واحدا إن هذا لشىء غريب وقال الكبار منهم أن صدقوا وتمسكوا بأربابكم إن هذا لأمر يجب وما عرفنا بهذا فى الدين الآخر إن هذا إلا افتراء أأوحى إليه الوحى من بيننا بل هم فى تكذيب بحكمى بل لم يذوقوا عقاب ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار عجبوا أن جاءهم منذر منهم والمراد اندهشوا لما أتاهم مبلغ لحكم الله منهم وهذا يعنى أنهم اعتبروا بعث رسول من وسطهم أمر غريب فقال الكافرون وهم المكذبون بحكم الله :إن هذا إلا ساحر كذاب أى مخادع مفترى وهذا إتهام له بممارسة السحر وصنع الكذب وقالوا أجعل الآلهة إلها واحدا والمراد أجعل الأرباب ربا واحدا إن هذا لشىء عجاب أى أمر غريب،وهذا يعنى أن الكفار استغربوا من طلب الرسول (ص)عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه،ويبين له أن الملأ وهم كبار الكفار انطلقوا أى ساروا فى بقية الكفار يقولون آمنوا أى صدقوا بدينكم أى اصبروا على آلهتكم والمراد تمسكوا بطاعة أربابكم إن هذا لشىء يراد والمراد إن هذا لأمر يجب عليكم وهذا يعنى أنهم طلبوا من بعضهم التمسك بدينهم ،وقالوا لهم :ما سمعنا بهذا فى الملة الآخرة والمراد ما عرفنا أن هذا موجودا فى الأديان الأخرى،وهذا يعنى أن أمر عبادة رب واحد ليس موجودا فى الأديان الأخرى وقالوا إن هذا إلا اختلاق أى افتراء وهذا يعنى أنهم يتهمون الرسول(ص)بتزوير الوحى ونسبته لله وقالوا أأنزل عليه الذكر من بيننا والمراد هل أوحى له الوحى من بيننا ؟والغرض من السؤال إخبار الأتباع أن محمد(ص)ليس سوى إنسان مثلهم فلماذا نزل عليه القرآن إذا كان لا يختلف عنهم ويبين الله له أن الكفار فى شك من ذكر الله والمراد فى تكذيب لحكم الله ويبين له أن الكفار لم يذوقوا عذاب أى لم يصبهم عقاب الله حتى يعلموا الحق من الباطل والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما فليرتقوا فى الأسباب "المعنى هل لديهم مفاتح رزق خالقك القاهر الرزاق هل لهم حكم السموات والأرض والذى وسطهما فليرتفعوا فى الأحبال ،يسأل الله أم عندهم خزائن رحمة ربك والمراد هل ملكهم مفاتح رزق خالقك العزيز الوهاب وهو الناصر العاطى ؟والغرض من السؤال هو اخبار النبى (ص)أن الناس ليسوا يملكون شىء فى الكون وفسر هذا بالسؤال التالى أم لهم ملك أى حكم السموات والأرض وما بينهما وهو الجو الذى وسطهما ؟والغرض من السؤال إخباره أنهم لا يملكون أى شىء فى الكون ويطلب منهم أن يرتقوا فى الأسباب والمراد أن يرتفعوا فى المقامات وهذا يعنى أن يتركوا مقام الإنسانية فليرتفعوا لمقام الربوبية إذا كانوا يملكون الخزائن والملك .
"جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب لئيكة أولئك الأحزاب إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب "المعنى عسكر الذى هنالك مغلوب من الفرق كفرت من قبلهم شعب نوح(ص)وعاد وفرعون صاحب الصروح وثمود وشعب لوط(ص)وأهل الشجرة أولئك الفرق إن جميع إلا كفر بالأنبياء (ص)فوجب عذاب،يبين الله لنبيه (ص)أن جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب والمراد أن كفار العصر فى أى مكان مغلوب من الفرق من المسلمين بفضل الله وهذا يعنى أن المسلمين قهروا كل الكفار فى عصر النبى (ص)ويبين له أن الكفار فى عصره كذبت أى كفرت قبلهم قوم وهم شعب نوح(ص)وعاد وفرعون ذو الأوتاد وهو صاحب المبانى الكبيرة وثمود وقوم وهو شعب لوط(ص)وأصحاب الأيكة وهم أهل الشجرة فى مدين وهم الأحزاب أى الفرق قد كذبوا الرسل أى قد كفروا برسالة الأنبياء(ص)فحق عقاب أى فحق وعيد"كما قال بسورة ق والمراد وجب لهم العذاب فعذبوا والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب "المعنى وما يترقب هؤلاء إلا نداء واحد ما له من عودة وقالوا إلهنا أسرع لنا عذابنا قبل يوم الدين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار ما ينظرون أى ما يترقبون سوى صيحة واحدة أى أمر واحد بالعذاب يأخذهم وهو ما له من فواق أى ما له من عودة مرة أخرى فالإنسان لا يهلك فى الدنيا سوى مرة وقال الكفار ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب والمراد خالقنا أنزل علينا عقابنا قبل يوم القيامة وهذا يعنى أنهم يطلبون نزول العذاب قبل القيامة استهزاء وتكذيب للقيامة فهم لا يؤمنون بها .
"اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق والطير محشورة كل له أواب وشددنا ملكه وأتيناه الحكمة وفصل الخطاب "المعنى أطع رغم ما يزعمون وقص عن مملوكنا داود(ص)صاحب القوة إنه مسبح إنا أمرنا الرواسى يرددن معه بالليل والنهار والطير مصفوفة كل معه مردد وقوينا حكمه وأعطيناه الوحى أى حكم القول،يطلب الله من نبيه (ص)أن يصبر على ما يقولون والمراد أن يطيع حكم ربه رغم ما يتحدث به الكفار مصداق لقوله بسورة الإنسان "فاصبر لحكم ربك "واذكر عبدنا داود(ص)والمراد واحكى لهم قصة داود(ص)ذا الأيد أى صاحب القوة وهى الصبر على طاعة الله إنه أواب أى مسبح ويبين له أنه سخر له الجبال يسبحن معه والطير محشورة والمراد أنه أمر الرواسى أن يرددن معه الألفاظ الممجدة لله والطير مصفوفة تردد معه التسبيح بالعشى وهو الليل والإشراق وهو النهار والكل له أواب والمراد والجميع مع داود(ص) مسبح ويبين له أنه شدد ملكه أى قوى حكمه والمراد أعطاه الخلافة وأتاه الحكمة التى فسرها بأنها فصل الخطاب والمراد أوحى الله الوحى له أى عدل الحكم وهو الزبور والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص) ومنه للناس.
"وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزنى فى الخطاب "المعنى وهل جاءك خبر الخصوم حين تسلقوا المحراب حين ولجوا على داود(ص)فخاف منهم قالوا لا تخشى متشاجران ظلم بعضنا بعض فاقض بيننا بالعدل ولا تظلم وأرشدنا إلى عدل الدين إن هذا صاحبى له99غنمة ولى غنمة واحدة فقال أعطينها وغلبنى فى الحديث ،يسأل الله نبيه (ص)هل أتاك نبأ الخصم والمراد هل جاءك خبر المتشاجرين إذ تسوروا المحراب والمراد وقت صعدوا على جدار المسجد فدخلوا والمراد فولجوا على داود(ص)ففزع منهم أى فخاف من أذاهم فقالوا له :لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض والمراد لا تخشى أذى متشاجران ظلم أحدنا الأخر فاحكم بيننا بالحق والمراد فافصل بيننا بالعدل واهدنا إلى سواء الصراط والمراد وعرفنا عدل الدين إن هذا أخى له 99نعجة أى غنمة ولى نعجة أى غنمة واحدة فقال أكفلنيها أعطنى إياها وعزنى فى الخطاب أى وغلبنى فى الكلام وهذا يعنى أن الظالم أراد أن يزداد غنى وأن يفقر أخيه أكثر من فقره وغلبه فى الكلام بمعسول الحديث .
"قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب "المعنى لقد بخسك حقك بطلب غنمتك لغنمه وإن عديدا من الأصحاب ليظلم بعضهم بعضا إلا الذين صدقوا وفعلوا الحسنات وقليل ما هم ،واعتقد داود(ص)أنما أسقطناه فاستعفى إلهه وأتى تائبا أى عاد فمحونا له ذلك وإن له لدينا القربى أى حسن مرجع ، يبين الله لنبيه (ص)أن داود(ص)قال للخصم المظلوم:لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه والمراد لقد بخسك حقك بطلب ضم غنمتك إلى غنمه وإن كثيرا من الخلطاء والمراد إن عديدا من الشركاء ليبغى بعضهم أى ليظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات ،وهذا يعنى أن طلب أى شىء من مالكه يعتبر ظلم وأن الشركاء يظلمون بعض عدا المؤمنين لأن المؤمنين يعملون بأحكام الشراكة ،ويبين له أن داود(ص)ظن أنما فتناه والمراد اعتقد أنما أذيناه وهو ظن سيىء ولذا بعد مدة قصيرة عرف داود(ص)الخطأ فاستغفر ربه أى فطلب العفو من خالقه على هذا الذنب أى خر راكعا أى أتى تائبا أى أناب والمراد عاد إلى الحق فغفر الله له والمراد فمحا الله له هذا الخطأ أى ترك عقابه على هذه السيئة ويبين له أن داود(ص)له عند الله زلفى أى حسن مآب والمراد قربى أى حسن مسكن وهو الجنة .
"يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب "المعنى يا داود إنا عيناك حاكما فى البلاد فاقض بين الخلق بالعدل ولا تطع الظن فيبعدك عن دين الله إن الذين يبعدون عن دين الله لهم عقاب اليم بما كذبوا بيوم الدين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله خاطب داود(ص) فقال يا داود إن جعلناك خليفة فى الأرض والمراد إنا اخترناك حاكما فى البلاد وهذا يعنى أن الله عينه حاكم لبلاد الدنيا ،فاحكم بين الناس بالحق والمراد فاقض بين الخلق بالعدل وهو القسط مصداق لقوله بسورة المائدة "فاحكم بينهم بالقسط "ولا تتبع الهوى والمراد ولا تطع الشهوات فيضلك عن دين الله والمراد فيبعدك عن حكم الرب وهذا يعنى أن يحكم الدنيا بالعدل وهو حكم الله وأن يبعد عن حكمها بالظلم وهو الهوى ويبين له أن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد والمراد أن الذين يبعدون أى يصدون عن طاعة حكم الله لهم عقاب مهين مصداق لقوله بسورة هود"ويصدون عن سبيل الله"وقوله بسورة الحج"لهم عذاب مهين "والسبب بما نسوا يوم الحساب والمراد بما تركوا العمل ليوم الدين وهو طاعة حكم الله .
"وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار "المعنى وما أنشأنا السماء والأرض والذى وسطهما عبثا ذلك اعتقاد الذين كذبوا فالألم للذين كذبوا من الجحيم ،يبين الله لنبيه (ص) أنه ما خلق أى ما أبدع السموات والأرض وما بينهما وهو الجو الذى وسطهما باطلا أى عبثا أى ظلما فالكون خلق للعدل وليس للعبث واللهو وذلك وهو كون الكون مخلوق عبث مصداق لقوله بسورة المؤمنون"أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا"هو ظن أى رأى الذين كفروا أى كذبوا حكم الله ويبين له أن الويل للذين كفروا من النار والمراد أن الألم وهو الوجع المستمر للذين كذبوا حكم الله من الجحيم والخطاب للنبى(ص).
"أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض أم نجعل المتقين كالفجار"المعنى هل نساوى الذين صدقوا وفعلوا الحسنات بالظالمين فى البلاد أم نساوى المطيعين بالعصاة ؟يسأل الله أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين والمراد هل نساوى فى الجزاء بين الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات كالكافرين وفسره بقوله أم نجعل المتقين كالفجار أى هل نساوى فى الجزاء بين المسلمين والمجرمين مصداق لقوله بسورة القلم"أفنجعل المسلمين كالمجرمين "والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الكافر لا يساوى المسلم فى الجزاء والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب "المعنى وحى ألقيناه لك دائم ليطيعوا أحكامه أى ليتبع أصحاب العقول ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أنزل له كتاب مبارك والمراد أنه أوحى له ذكر أى حكم مستمر الوجود فى الكعبة مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وهذا ذكر مبارك أنزلناه"والسبب أن يدبروا آياته أى أن يطيعوا أحكامه وفسر هذا بأن يتذكر أولوا الألباب والمراد أن يتبع الحكم أهل العقول .
"ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد فقال إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب ردوها على فطفق مسحا بالسوق والأعناق "المعنى وأعطينا لداود(ص)سليمان (ص)حسن المملوك إنه رجاع إذ مررت عليه بالليل الخيل الحسان فقال إنى فضلت ود القوة عن ترديد إلهى حتى غابت فى الحاجز أعيدوها لى فنزل مسا بالسيقان والرقاب ، يبين الله لنبيه (ص)أنه وهب أى أعطى داود(ص)ابنه سليمان (ص)وهو نعم العبد أى حسن المملوك وهو المطيع لحكم الله إنه أواب أى عواد لدين الله إذ عرض عليه بالعشى والمراد ومنه حين فوتت أى مررت أمامه فى الليل الصافنات الجياد وهو الخيل الجميلة فقال إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى والمراد إنى فضلت ود القوة عن تسبيح إلهى وهذا يعنى أنه فضل الجهاد على الذكر الكلامى الممجد لله وظل يقول هذا حتى توارت بالحجاب أى حتى اختفت وراء الحاجز المظلم فقال لمن معه ردوها على أى أعيدوا عرضها أمامى فلما أعادوها طفق مسحا بالسوق والأعناق والمراد ذهب للخيل فظل ماسا لسيقان الخيل ورقابها والخطاب وما بعده من القصة للنبى(ص)ومنه للناس.
"ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب قال رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب "المعنى ولقد اختبرنا سليمان (ص)ورمينا على عرشه ذهبا ثم تاب قال إلهى اعفو عنى وأعطنى حكما لا يجب لأحد من بعدى إنك أنت العاطى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه فتن أى امتحن سليمان (ص)حيث ألقى على كرسيه جسدا والمراد حيث رمى على كرسى عرشه ذهبا فظن سليمان(ص)ظنا سيئا وهو أنه غنى لا يعطه أحد وبعد مدة قصيرة عرف ذنبه فأناب أى عاد لدين الله بالإستغفار فقال رب اغفر والمراد خالقى اعفو عنى والمراد أزل ذنبى ،وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى والمراد وأعطنى عطاء لا تعطه أحد من بعد وفاتى وهذا يعنى أنه يطلب طلبات لا يجب على الله أن يعطيها لأحد يأتى بعد وفاته إنك أنت الوهاب أى العاطى وقد استجاب الله للدعاء فأعطاه أشياء لم يعطها لأحد من الناس من بعده .
"فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وأخرين مقرنين فى الأصفاد هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب "المعنى فهيأنا له الريح تسير بقوله حيث أراد والجن كل بانى وباحث وأخرين مقيدين فى السلاسل هذه منحنا فأعط أو امنع بغير عقاب وإن لدينا لقربى أى حسن مرجع ،يبين الله لنبيه (ص)أنه سخر أى أعطى سليمان(ص)الريح وهى البساط الريحى المسافر يجرى بأمره رخاء حيث أصاب والمراد تسير بقول سليمان (ص)سيرا سليما حيث أراد السير وهذا يعنى أنه كان يسير الريح بقوله وسخر له الشياطين وهم الجن مصداق لقوله بسورة سبأ"ومن الجن من يعمل بين يديه "وهم بناء أى صناع الأشياء وغواص أى باحث عن الأشياء لجلبها وهناك جن أخرين مقرنين فى الأصفاد والمراد مقيدين فى السلاسل بسبب عدم سماعهم أمر سليمان (ص)بالعمل وقال الله لسليمان(ص)هذا عطاؤنا أى منحتنا أى نعمتنا فإمنن أى فأعط من تريد أو أمسك أى امنع عن من تريد بغير حساب أى بغير عقاب وهذا يعنى أن الله أباح له أن يعطى أو يمنح الريح والجن حسبما يرى دون أن يعاقبه على أى منهما والسبب أن الله عرفه عادلا ،ويبين له أنه له عند أى لدى الله فى الآخرة زلفى أى طوبى أى الجنة مصداق لقوله بسورة الرعد "طوبى لهم "وفسرها بأنها حسن مآب أى حسن ثواب مصداق لقوله بسورة آل عمران"وحسن ثواب الآخرة ".
سميت السورة بهذا الاسم لذكر ص فى قوله "ص والقرآن ذى الذكر".
"بسم الله الرحمن الرحيم ص والقرآن ذى الذكر بل الذين كفروا فى عزة وشقاق"المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا محمد و الكتاب صاحب الحكم إن الذين كذبوا فى قوة وخلاف ،يخاطب الله ص وهو نبيه (ص) مقسما بالقرآن ذى الذكر والمراد الوحى صاحب الحكم العادل على أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن الذين كفروا فى عزة وشقاق والمراد أن الذين كذبوا بحكم الله فى قوة أى سلطان واختلاف فيما بينهم فى نفس الوقت والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص"المعنى كم دمرنا من قبلهم من جماعة فدعوا ولات وقت مفر ،يسأل الله كم أهلكنا أى قصمنا أى دمرنا من قبلهم من قرن أى أهل قرية مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وكم قصمنا من قرية" فنادوا والمراد فقالوا لات حين مناص أى مفر والمراد يا ليت لدينا وقت للهروب من العذاب والغرض من السؤال إخبارنا أن الأقوام الهالكة عددها كثير بسبب كفرهم .
"وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشىء عجاب وانطلق الملأ منهم أن آمنوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشىء يراد ما سمعنا بهذا فى الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاف أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم فى شك من ذكرى بل لم يذوقوا عذاب"المعنى واستغربوا أن أتاهم رسول منهم وقال الكاذبون هذا ماكر كافر أجعل الأرباب ربا واحدا إن هذا لشىء غريب وقال الكبار منهم أن صدقوا وتمسكوا بأربابكم إن هذا لأمر يجب وما عرفنا بهذا فى الدين الآخر إن هذا إلا افتراء أأوحى إليه الوحى من بيننا بل هم فى تكذيب بحكمى بل لم يذوقوا عقاب ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار عجبوا أن جاءهم منذر منهم والمراد اندهشوا لما أتاهم مبلغ لحكم الله منهم وهذا يعنى أنهم اعتبروا بعث رسول من وسطهم أمر غريب فقال الكافرون وهم المكذبون بحكم الله :إن هذا إلا ساحر كذاب أى مخادع مفترى وهذا إتهام له بممارسة السحر وصنع الكذب وقالوا أجعل الآلهة إلها واحدا والمراد أجعل الأرباب ربا واحدا إن هذا لشىء عجاب أى أمر غريب،وهذا يعنى أن الكفار استغربوا من طلب الرسول (ص)عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه،ويبين له أن الملأ وهم كبار الكفار انطلقوا أى ساروا فى بقية الكفار يقولون آمنوا أى صدقوا بدينكم أى اصبروا على آلهتكم والمراد تمسكوا بطاعة أربابكم إن هذا لشىء يراد والمراد إن هذا لأمر يجب عليكم وهذا يعنى أنهم طلبوا من بعضهم التمسك بدينهم ،وقالوا لهم :ما سمعنا بهذا فى الملة الآخرة والمراد ما عرفنا أن هذا موجودا فى الأديان الأخرى،وهذا يعنى أن أمر عبادة رب واحد ليس موجودا فى الأديان الأخرى وقالوا إن هذا إلا اختلاق أى افتراء وهذا يعنى أنهم يتهمون الرسول(ص)بتزوير الوحى ونسبته لله وقالوا أأنزل عليه الذكر من بيننا والمراد هل أوحى له الوحى من بيننا ؟والغرض من السؤال إخبار الأتباع أن محمد(ص)ليس سوى إنسان مثلهم فلماذا نزل عليه القرآن إذا كان لا يختلف عنهم ويبين الله له أن الكفار فى شك من ذكر الله والمراد فى تكذيب لحكم الله ويبين له أن الكفار لم يذوقوا عذاب أى لم يصبهم عقاب الله حتى يعلموا الحق من الباطل والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما فليرتقوا فى الأسباب "المعنى هل لديهم مفاتح رزق خالقك القاهر الرزاق هل لهم حكم السموات والأرض والذى وسطهما فليرتفعوا فى الأحبال ،يسأل الله أم عندهم خزائن رحمة ربك والمراد هل ملكهم مفاتح رزق خالقك العزيز الوهاب وهو الناصر العاطى ؟والغرض من السؤال هو اخبار النبى (ص)أن الناس ليسوا يملكون شىء فى الكون وفسر هذا بالسؤال التالى أم لهم ملك أى حكم السموات والأرض وما بينهما وهو الجو الذى وسطهما ؟والغرض من السؤال إخباره أنهم لا يملكون أى شىء فى الكون ويطلب منهم أن يرتقوا فى الأسباب والمراد أن يرتفعوا فى المقامات وهذا يعنى أن يتركوا مقام الإنسانية فليرتفعوا لمقام الربوبية إذا كانوا يملكون الخزائن والملك .
"جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب لئيكة أولئك الأحزاب إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب "المعنى عسكر الذى هنالك مغلوب من الفرق كفرت من قبلهم شعب نوح(ص)وعاد وفرعون صاحب الصروح وثمود وشعب لوط(ص)وأهل الشجرة أولئك الفرق إن جميع إلا كفر بالأنبياء (ص)فوجب عذاب،يبين الله لنبيه (ص)أن جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب والمراد أن كفار العصر فى أى مكان مغلوب من الفرق من المسلمين بفضل الله وهذا يعنى أن المسلمين قهروا كل الكفار فى عصر النبى (ص)ويبين له أن الكفار فى عصره كذبت أى كفرت قبلهم قوم وهم شعب نوح(ص)وعاد وفرعون ذو الأوتاد وهو صاحب المبانى الكبيرة وثمود وقوم وهو شعب لوط(ص)وأصحاب الأيكة وهم أهل الشجرة فى مدين وهم الأحزاب أى الفرق قد كذبوا الرسل أى قد كفروا برسالة الأنبياء(ص)فحق عقاب أى فحق وعيد"كما قال بسورة ق والمراد وجب لهم العذاب فعذبوا والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب "المعنى وما يترقب هؤلاء إلا نداء واحد ما له من عودة وقالوا إلهنا أسرع لنا عذابنا قبل يوم الدين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار ما ينظرون أى ما يترقبون سوى صيحة واحدة أى أمر واحد بالعذاب يأخذهم وهو ما له من فواق أى ما له من عودة مرة أخرى فالإنسان لا يهلك فى الدنيا سوى مرة وقال الكفار ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب والمراد خالقنا أنزل علينا عقابنا قبل يوم القيامة وهذا يعنى أنهم يطلبون نزول العذاب قبل القيامة استهزاء وتكذيب للقيامة فهم لا يؤمنون بها .
"اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق والطير محشورة كل له أواب وشددنا ملكه وأتيناه الحكمة وفصل الخطاب "المعنى أطع رغم ما يزعمون وقص عن مملوكنا داود(ص)صاحب القوة إنه مسبح إنا أمرنا الرواسى يرددن معه بالليل والنهار والطير مصفوفة كل معه مردد وقوينا حكمه وأعطيناه الوحى أى حكم القول،يطلب الله من نبيه (ص)أن يصبر على ما يقولون والمراد أن يطيع حكم ربه رغم ما يتحدث به الكفار مصداق لقوله بسورة الإنسان "فاصبر لحكم ربك "واذكر عبدنا داود(ص)والمراد واحكى لهم قصة داود(ص)ذا الأيد أى صاحب القوة وهى الصبر على طاعة الله إنه أواب أى مسبح ويبين له أنه سخر له الجبال يسبحن معه والطير محشورة والمراد أنه أمر الرواسى أن يرددن معه الألفاظ الممجدة لله والطير مصفوفة تردد معه التسبيح بالعشى وهو الليل والإشراق وهو النهار والكل له أواب والمراد والجميع مع داود(ص) مسبح ويبين له أنه شدد ملكه أى قوى حكمه والمراد أعطاه الخلافة وأتاه الحكمة التى فسرها بأنها فصل الخطاب والمراد أوحى الله الوحى له أى عدل الحكم وهو الزبور والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص) ومنه للناس.
"وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزنى فى الخطاب "المعنى وهل جاءك خبر الخصوم حين تسلقوا المحراب حين ولجوا على داود(ص)فخاف منهم قالوا لا تخشى متشاجران ظلم بعضنا بعض فاقض بيننا بالعدل ولا تظلم وأرشدنا إلى عدل الدين إن هذا صاحبى له99غنمة ولى غنمة واحدة فقال أعطينها وغلبنى فى الحديث ،يسأل الله نبيه (ص)هل أتاك نبأ الخصم والمراد هل جاءك خبر المتشاجرين إذ تسوروا المحراب والمراد وقت صعدوا على جدار المسجد فدخلوا والمراد فولجوا على داود(ص)ففزع منهم أى فخاف من أذاهم فقالوا له :لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض والمراد لا تخشى أذى متشاجران ظلم أحدنا الأخر فاحكم بيننا بالحق والمراد فافصل بيننا بالعدل واهدنا إلى سواء الصراط والمراد وعرفنا عدل الدين إن هذا أخى له 99نعجة أى غنمة ولى نعجة أى غنمة واحدة فقال أكفلنيها أعطنى إياها وعزنى فى الخطاب أى وغلبنى فى الكلام وهذا يعنى أن الظالم أراد أن يزداد غنى وأن يفقر أخيه أكثر من فقره وغلبه فى الكلام بمعسول الحديث .
"قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب "المعنى لقد بخسك حقك بطلب غنمتك لغنمه وإن عديدا من الأصحاب ليظلم بعضهم بعضا إلا الذين صدقوا وفعلوا الحسنات وقليل ما هم ،واعتقد داود(ص)أنما أسقطناه فاستعفى إلهه وأتى تائبا أى عاد فمحونا له ذلك وإن له لدينا القربى أى حسن مرجع ، يبين الله لنبيه (ص)أن داود(ص)قال للخصم المظلوم:لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه والمراد لقد بخسك حقك بطلب ضم غنمتك إلى غنمه وإن كثيرا من الخلطاء والمراد إن عديدا من الشركاء ليبغى بعضهم أى ليظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات ،وهذا يعنى أن طلب أى شىء من مالكه يعتبر ظلم وأن الشركاء يظلمون بعض عدا المؤمنين لأن المؤمنين يعملون بأحكام الشراكة ،ويبين له أن داود(ص)ظن أنما فتناه والمراد اعتقد أنما أذيناه وهو ظن سيىء ولذا بعد مدة قصيرة عرف داود(ص)الخطأ فاستغفر ربه أى فطلب العفو من خالقه على هذا الذنب أى خر راكعا أى أتى تائبا أى أناب والمراد عاد إلى الحق فغفر الله له والمراد فمحا الله له هذا الخطأ أى ترك عقابه على هذه السيئة ويبين له أن داود(ص)له عند الله زلفى أى حسن مآب والمراد قربى أى حسن مسكن وهو الجنة .
"يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب "المعنى يا داود إنا عيناك حاكما فى البلاد فاقض بين الخلق بالعدل ولا تطع الظن فيبعدك عن دين الله إن الذين يبعدون عن دين الله لهم عقاب اليم بما كذبوا بيوم الدين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله خاطب داود(ص) فقال يا داود إن جعلناك خليفة فى الأرض والمراد إنا اخترناك حاكما فى البلاد وهذا يعنى أن الله عينه حاكم لبلاد الدنيا ،فاحكم بين الناس بالحق والمراد فاقض بين الخلق بالعدل وهو القسط مصداق لقوله بسورة المائدة "فاحكم بينهم بالقسط "ولا تتبع الهوى والمراد ولا تطع الشهوات فيضلك عن دين الله والمراد فيبعدك عن حكم الرب وهذا يعنى أن يحكم الدنيا بالعدل وهو حكم الله وأن يبعد عن حكمها بالظلم وهو الهوى ويبين له أن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد والمراد أن الذين يبعدون أى يصدون عن طاعة حكم الله لهم عقاب مهين مصداق لقوله بسورة هود"ويصدون عن سبيل الله"وقوله بسورة الحج"لهم عذاب مهين "والسبب بما نسوا يوم الحساب والمراد بما تركوا العمل ليوم الدين وهو طاعة حكم الله .
"وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار "المعنى وما أنشأنا السماء والأرض والذى وسطهما عبثا ذلك اعتقاد الذين كذبوا فالألم للذين كذبوا من الجحيم ،يبين الله لنبيه (ص) أنه ما خلق أى ما أبدع السموات والأرض وما بينهما وهو الجو الذى وسطهما باطلا أى عبثا أى ظلما فالكون خلق للعدل وليس للعبث واللهو وذلك وهو كون الكون مخلوق عبث مصداق لقوله بسورة المؤمنون"أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا"هو ظن أى رأى الذين كفروا أى كذبوا حكم الله ويبين له أن الويل للذين كفروا من النار والمراد أن الألم وهو الوجع المستمر للذين كذبوا حكم الله من الجحيم والخطاب للنبى(ص).
"أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض أم نجعل المتقين كالفجار"المعنى هل نساوى الذين صدقوا وفعلوا الحسنات بالظالمين فى البلاد أم نساوى المطيعين بالعصاة ؟يسأل الله أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين والمراد هل نساوى فى الجزاء بين الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات كالكافرين وفسره بقوله أم نجعل المتقين كالفجار أى هل نساوى فى الجزاء بين المسلمين والمجرمين مصداق لقوله بسورة القلم"أفنجعل المسلمين كالمجرمين "والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الكافر لا يساوى المسلم فى الجزاء والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب "المعنى وحى ألقيناه لك دائم ليطيعوا أحكامه أى ليتبع أصحاب العقول ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أنزل له كتاب مبارك والمراد أنه أوحى له ذكر أى حكم مستمر الوجود فى الكعبة مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وهذا ذكر مبارك أنزلناه"والسبب أن يدبروا آياته أى أن يطيعوا أحكامه وفسر هذا بأن يتذكر أولوا الألباب والمراد أن يتبع الحكم أهل العقول .
"ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد فقال إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب ردوها على فطفق مسحا بالسوق والأعناق "المعنى وأعطينا لداود(ص)سليمان (ص)حسن المملوك إنه رجاع إذ مررت عليه بالليل الخيل الحسان فقال إنى فضلت ود القوة عن ترديد إلهى حتى غابت فى الحاجز أعيدوها لى فنزل مسا بالسيقان والرقاب ، يبين الله لنبيه (ص)أنه وهب أى أعطى داود(ص)ابنه سليمان (ص)وهو نعم العبد أى حسن المملوك وهو المطيع لحكم الله إنه أواب أى عواد لدين الله إذ عرض عليه بالعشى والمراد ومنه حين فوتت أى مررت أمامه فى الليل الصافنات الجياد وهو الخيل الجميلة فقال إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى والمراد إنى فضلت ود القوة عن تسبيح إلهى وهذا يعنى أنه فضل الجهاد على الذكر الكلامى الممجد لله وظل يقول هذا حتى توارت بالحجاب أى حتى اختفت وراء الحاجز المظلم فقال لمن معه ردوها على أى أعيدوا عرضها أمامى فلما أعادوها طفق مسحا بالسوق والأعناق والمراد ذهب للخيل فظل ماسا لسيقان الخيل ورقابها والخطاب وما بعده من القصة للنبى(ص)ومنه للناس.
"ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب قال رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب "المعنى ولقد اختبرنا سليمان (ص)ورمينا على عرشه ذهبا ثم تاب قال إلهى اعفو عنى وأعطنى حكما لا يجب لأحد من بعدى إنك أنت العاطى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه فتن أى امتحن سليمان (ص)حيث ألقى على كرسيه جسدا والمراد حيث رمى على كرسى عرشه ذهبا فظن سليمان(ص)ظنا سيئا وهو أنه غنى لا يعطه أحد وبعد مدة قصيرة عرف ذنبه فأناب أى عاد لدين الله بالإستغفار فقال رب اغفر والمراد خالقى اعفو عنى والمراد أزل ذنبى ،وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى والمراد وأعطنى عطاء لا تعطه أحد من بعد وفاتى وهذا يعنى أنه يطلب طلبات لا يجب على الله أن يعطيها لأحد يأتى بعد وفاته إنك أنت الوهاب أى العاطى وقد استجاب الله للدعاء فأعطاه أشياء لم يعطها لأحد من الناس من بعده .
"فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وأخرين مقرنين فى الأصفاد هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب "المعنى فهيأنا له الريح تسير بقوله حيث أراد والجن كل بانى وباحث وأخرين مقيدين فى السلاسل هذه منحنا فأعط أو امنع بغير عقاب وإن لدينا لقربى أى حسن مرجع ،يبين الله لنبيه (ص)أنه سخر أى أعطى سليمان(ص)الريح وهى البساط الريحى المسافر يجرى بأمره رخاء حيث أصاب والمراد تسير بقول سليمان (ص)سيرا سليما حيث أراد السير وهذا يعنى أنه كان يسير الريح بقوله وسخر له الشياطين وهم الجن مصداق لقوله بسورة سبأ"ومن الجن من يعمل بين يديه "وهم بناء أى صناع الأشياء وغواص أى باحث عن الأشياء لجلبها وهناك جن أخرين مقرنين فى الأصفاد والمراد مقيدين فى السلاسل بسبب عدم سماعهم أمر سليمان (ص)بالعمل وقال الله لسليمان(ص)هذا عطاؤنا أى منحتنا أى نعمتنا فإمنن أى فأعط من تريد أو أمسك أى امنع عن من تريد بغير حساب أى بغير عقاب وهذا يعنى أن الله أباح له أن يعطى أو يمنح الريح والجن حسبما يرى دون أن يعاقبه على أى منهما والسبب أن الله عرفه عادلا ،ويبين له أنه له عند أى لدى الله فى الآخرة زلفى أى طوبى أى الجنة مصداق لقوله بسورة الرعد "طوبى لهم "وفسرها بأنها حسن مآب أى حسن ثواب مصداق لقوله بسورة آل عمران"وحسن ثواب الآخرة ".
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة الأنفال وهى سورة التوبة3
» تفسير سورة الأنفال وهى سورة التوبة5
» تفسير سورة نوح
» تفسير سورة ق
» تفسير سورة عبس
» تفسير سورة الأنفال وهى سورة التوبة5
» تفسير سورة نوح
» تفسير سورة ق
» تفسير سورة عبس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى